الخميس، 19 أبريل 2012

دراسة حول ماهية القضية الجنوبية الفصل الخامس


الفصل الخامس

العنف والتضييق والحصار الاعلامي

 ضد  نشطاء الحراك السلمي 1_2
    لايضاح حجم العنف والتضييق والحصار الاعلامي ضد نشطاء الحراك السلمي نورد الجزؤ الخاص باستخدام العنف ضد التجمعات السلمية والمشاركين فيها, من تقرير ( المرصد ) عن اليمن في عام ( 2008م ). وذلك على النحو التالي:ــ

      "وفقا للمادة (20) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية, يعد الحق في التجمع السلمي من حقوق الإنسان السياسية , ويقع على عاتق الدولة التي لم تلتزم بهذين الحقين الصكين الدوليين التمكين من ممارسة هذا الحق ,واليمن يلتزم بالإعلان العالمي بموجب المادة (6) من الدستور ويلتزم بالعهد بالتصديق عليه .يترتب على ممارسة الحق في التجمع السلمي ,ممارسة طائفة من الحقوق المدنية والسياسية ,الحق في الرأي والتعبير من خلال الخطب والشعارات الحق في حرية الفكر من خلال الأفكار التي تطرح في الاجتماع ,والحق في حرية الانتقال –الحرية الجسدية من خلال الانتقال للوصول إلى مكان التجمع ومرور المظاهرات والمسيرات وهي حقوق يكفلها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في المواد (13,18,19)والعهد الدولي في لمواد (12,18,19) ويكفلها الدستور اليمني في المادتين (42,57)ويترتب على تعطيل أو انتهاك الحق في حرية التجمع السلمي تعطيل وانتهاك هذه الحقوق مجتمعه.
      وهذا ما كان من قبل الحكومة اليمنية , فحينما لجأ المتضررون من أثار حرب 1994م بالمطالبة بإزالتها إلى مختلف سلطات الدولة بما فيها السلطة التشريعية , إلا أن تلك المطالبات قوبلت باللامبالاة والتجاهل حيث استمر مسلسل الاستيلاء على الأراضي وازدادت معاناة المبعدين والمقاعدين الأمر الذي جعلهم يعبرون عن استيائهم من تجاهل السلطة لقضاياهم بالوسائل المشروعة التي كفلها لهم الدستور والقانون كتنظيم الاعتصامات والاحتجاجات والمسيرات والمظاهرات السلمية كون تلك الوسائل تمثل الطريقة الوحيدة التي تبقت لهم لإيصال قضيتهم إلى الرأي العام المحلي والعالمي للوقوف إلى جانبهم.
      وكانت نقطة البداية لتلك الفعاليات محافظة حضرموت التي شهدت أول مسيرة سلمية بتاريخ 27/4/1998م والتي طالب المنظمين لها بإنهاء آثار الحرب إلا أن تلك المسيرة تم قمعها بالقوة المسلحة والرصاص الحي الأمر الذي أدى إلى سقوط قتيلان هما : فرج بن همام , وأحمد عمر بارجاش , وعدد من الجرحى واعتقال عدد من المشاركين في المسيرة, ثم تلتها مسيرة سلمية أخرى شهدتها مديرية مودية محافظة أبين تم قمعها بالقوة.
      وبتاريخ 27/4/2000م شهدت محافظة حضرموت مسيرة احتجاجية في غيل باوزير إحياء لذكرى قمع المسيرة السلمية في 27/4/1998م  . وقد كان لتلك الفعاليات وما ووجهت به من قمع اثر مهم في توسيع دائرة الحراك السلمي و الاهتمام بقضاياة  سواء من قبل الأحزاب السياسية المعارضة أو منظمات المجتمع المدني أوالصحف التي تناولتها وغطت أحداثها, وهو ما جعل السلطة تعيد النظر في تعاطيها مع تلك القضايا وقياداتها عن طريق التوجيهات المستمرة بحلها وتشكيل لجان حكومية لها والالتقاء بقياداتها والوعد بإنهاء تلك القضايا وحلها وبقدر ما مثلت تصرفات السلطة تلك اعترافا بحقيقة القضية الجنوبية إلا إنها أكدت أن السلطة غير راغبة في التعاطي مع هذه القضية بجدية فقد كانت  تلك التوجيهات والحلول جزئية وليس بمقدورها  إزالة نتائج أثار  الحرب , لأن إزالة تلك الآثار والنتائج يحتاج إلى تدابير سياسية وحقوقية تحقق الوفاق والتصالح الوطني وجبر الضرر الذي لحق بالجماعات والآلاف.
     ومنذ عام 2007م الذي بدأ فيه الحراك السلمي يأخذ منحى آخر توسعت فيه دائرة المطالبة بإنهاء آثار الحرب وحل القضايا العالقة فقد صار المحتجون اكثر انتظاما حيث  ظهرت تكوينات مطلبية جديدة فبالإضافة إلى جمعية المتقاعدين  برزت جمعيات أخرى منها جمعية العاطلين عن العمل وجمعية شهداء ومناضلي الثورة وغيرها وفي هذه الفترة شهد الحراك المدني السلمي تطور استراتيجي من خلال نجاح الجمعيات في تشكيل اطر تنسيقية تتولى تنظيم  الفعاليات الاحتجاجية وإدارتها والإشراف عليها ومن هذه التشكيلات مجلس تنسيق الفعاليات المدنية والسياسية والذي جاء بعد سلسلة من اللقاءات والحوارات ولقد ظهرت نتائج هذا التحول في معظم الفعاليات المقامة لاحقا والتي تميزت عن سابقاتها في المقدرة على دفع الناس  من مختلف  المحافظات للالتفاف حول قضية الجنوب والتعبير عنها فقد كانت هذه الفعاليات ذات دلالات ورسائل هدفها وحدة ابنا الجنوب حيث ازدادت حدة المظاهرات والمسيرات والاعتصامات والمهرجانات الاحتجاجية والتضامنية  لتشمل أغلب محافظات ومديريات الجمهورية وخاصة في المحافظات الجنوبية والشرقية , ففي هذا العام دعا قادة الحراك السلمي إلى تنظيم اعتصام احتجاجي في مدينة عدن واختاروا له تاريخ 7/7/2007م موعدا للقيام به ولا شك أن اختيار هذا اليوم بالذات ليكون يوما للاحتجاج والاعتصام له دلالة سياسية باعتبار انه اليوم الذي تحتفل فيه السلطة بانتصارها في الحرب وقد واجهت السلطات هذه البادرة بمزيد من التشدد والقمع حيث تم وضع نقاط عسكرية مكثفة في كافة مداخل مدينة عدن والطرق المؤدية إليها وانتشار عدد كبير منهم في مدينة عدن لمنع وصول المشاركين إلى مكان الاعتصام . ثم توالت الاحتجاجات والمهرجانات والمسيرات التي اختارت من المناسبات الوطنية موعدا لها كالعيد الرابع والأربعين لثورة 14 أكتوبر , وذكرى يوم الاستقلال 30 نوفمبر.
        على الرغم من أن السلطة قد اعترفت أكثر من مرة وبأكثر من وسيله بما لحق بالجنوب وأهله من ظلم وضيم إلا أنها لم تول الأصوات المنبعثة من الجنوب  أي اهتمام بغرض الوصول إلى الحل حفاظا على الوحدة الوطنية والسلم الأهلي فكل ما سعت إليه هو إخراس أصوات المحتجين من خلال المساومات الفردية لبعض البارزين من قيادات الحراك أو التسويات الجزئية إضافة إلى القسوة في قمع الفعاليات والاحتجاجات  السلمية بالقوة العسكرية.
      ففي هذه الفترة كانت ممارسات السلطة للانتهاكات كثيرة وكبيرة بحق المحتجين سلميا فمع اختتام شهر مارس من العام الحالي ــ 2008م ــ باشرت الأجهزة الأمنية حملة اعتقالات واسعة طالت العديد من الناشطين في الفعاليات التي شهدتها المحافظات الجنوبية والمتضامنة معها في الشمال فقد قامت وفي ساعات متأخرة من الليل وفي توقيت واحد تقريبا بمداهمة منازل مجموعة من الناشطين البارزين في عدن ولحج واعتقلت كل من علي منصر محمد وعلي هيثم الغريب وحسن باعوم ــ اعتقل من منزل صديقه ــ واحمد عمر بن فريد إضافة إلى الشاب وليد عبد الواحد المرادي بدلا عن والده والذي كان الهدف للاعتقال  وفي اليوم التالي اعتقلت حسين البكري ومحمود حسن زيد وعبد ربه الهميش وهو واحد من الباعة المتجولين ــ لم يكن مطلوب لان المستهدف كان أخاه ــ وتعرضوا جميعا لحالة الاختفاء القسري ولم يتبين مكان احتجازهم الا بعد خمسة عشر يوما من اعتقالهم. 
وفي هذه الفترة بلغت تجاوزات الأجهزة الحكومية مستويات عليا فقد قامت بقمع الكثير من التجمعات السلمية  بالقوة المسلحة واستخدمت القوة في مواجهة المعتصمين السلميين وبحسب إحصائيات المرصد فأن من (614) فعالية تجمع سلمي تعرضت فيها(76) للقمع واستخدمت فيها السلطات الأمنية الرصاص الحي والقنابل المسيلة للدموع والهراوات  مما أدى إلى مقتل سبعة مواطنين وإصابة ( 73 ) آخرين."
هل أعجبك الموضوع:

ليست هناك تعليقات :