الثلاثاء، 24 أبريل 2012

حقيقة فتوى الزنداني والديلمي التي شرعة لأجتياح الجنوب وقتل الإبرياء .


عين الجنوب" تفتح ملف تكفير الجنوبين في 94 بالحقائق.

عين الجنوب الإخبارية .

كتب: اديب السيد
(قل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا) صدق الله العظيم..إننا ونحن نقوم بنشر الدلائل الثابتة في حقيقة تكفير أبناء الجنوب واستباحة أعراضهم وقتل أطفالهم ونساءهم بفتوى دينية من وزير العدل بالجمهورية العربية اليمنية «عبدالوهاب الديلمي» أثناء حرب صيف 1994م، وموافقة «عبدالمجيد الزنداني» على ذلك وقوله بـ «جواز بيع نساء وأطفال العدو كعبيد في المزاد».



لا نريد بذلك أي نبش للماضي، أو تأجيج للكراهية، كما يزعم البعض، بل نريد تنقيح الماضي من أجل تصحيح مسار الحاضر، وعدم تكرار الفتاوى الماجنة، خصوصاً مع إصرار الجنوبيين اليوم على مطالب فك عقد الوحدة الموقع عام 1990م بين دولة الجنوب ودولة الشمال، واستعادة دولتهم وأرضهم المستباحة منذ إصدار تلك الفتوى وحتى اليوم.

فإننا هنا ننشر الدلائل واعتراف أصحاب الفتوى أنفسهم، وكذلك بعض الردود المفندة للفتوى والصادرة من علماء في الأزهر الشريف بجمهورية مصر العربية وطلبة علم وكتاب صحفيين في اليمن الشمالي
.
مدخل 
نشرت «القضية» في عدد ماضٍ الفتوى الدينية التي أفتاها وزير العدل اليمني عام 1994م «عبدالوهاب الديلمي» وأحدث الموضوع ردود أفعال واسعة بمنها التكذيب والسخط والتهديد والوعيد واتهام الصحيفة بإثارة الفتنة دون أدنى تقبل لحقيقة الفتوى وويلاتها السوداوية التي جناها أبناء الجنوب، حتى وصلت ردود الأفعال بتهديد كاتب المقال بالقتل والتصفية، ولأن الموضوع يجب أن يتم الفصل فيه، كي لا تبقى الحقيقة دون وثائق أو دلائل صريحة فهاهي «القضية» تنشر الوثائق الفاضحة والمؤكدة لصدق الفتوى وحقيقة التكفير وتحليل استباحة دماء الجنوبيين وأرضهم وجواز بيع نساءهم وأطفالهم كعبيد في المزاد، علماً أنه لم يصدر أي نفي، لتلك الوثائق وخاصة موافقة «الزنداني» على فتوى «الديلمي» وقوله بجواز بيع نساء وأطفال العدو في المزاد مستدلاً، بما قال عن حديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

فتوى عبدالمجيد الزنداني:
نشرت جريدة «السياسة» في عددها 1114-122 بتاريخ 18-صفر الموافق 26-يوليو-1994م نقلاً عن وكالة الانباء الالمانية (د ب ا) «أن الزنداني دافع عن الاعتداءات التي حدثت في عدن بقوله لوكالة الأنباء الألمانية (أن النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم أقر نهب أراضي العدو بعد هزيمته، وأقر كذلك بيع نساء العدو وأطفالهم كعبيد في المزاد) كما أوردت الخبر صحيفة «الشورى» الصادرة يوم الأحد 7-شعبان-1415هـ، الموافق 8-1-1995م في عددها «160».

لقد كان «الزنداني» بحاجة إلى أن يقوم بنفي ما تم نشره في وكالة أنباء دولية ورفع دعوى قضائية ضدها إن كان متيقناً من أنه لم يقل للوكالة الدولية ما ذكر والذي نشر في صحيفتي «السياسة» و «الشورى»، لكن أن يتغاضى عما نشر، يعني بذلك تأكيده لما قيل وموافقته باعتبار ذلك فتوى منه، خاصة وأنه شخص يراه الشماليون شيخ علم أو عالماً دينيا. ومما يؤكد تلك الفتوى ويتبع القول الفعل هي الوقائع الميدانية التي حدثت بُعيد انتهاء حرب الاحتلال الشمالي للجنوب في يوم 7-7-1994م، والتي نهبت فيها عدن ومساكنها ومقتنيات مبانيها الحكومية والخاصة، وتم الاستيلاء على منازل المواطنين الجنوبيين، ومباني الدولة وأراضيها، وعقارات المواطنين الجنوبيين، وأملاكهم ومحلاتهم التجارية، وهذا دليل قاطع على أن الفتوى قد أتت أُكلها وباعتقاد المراقبين آنذاك للوضع، لو أن قوات الشرعية الشمالية تمكنت من سبي النساء والأطفال لباعوهم في أسواق المزاد، لولا أن رادع وقوة أبناء الجنوب الفردية بالإضافة إلى عوامل أخرى يتمتع بها الجنوبيون وخاصة في سكان محافظة عدن منعتهم من ذلك.

مقال الديلمي المؤكد لفتواه بتكفير الجنوبيين
أما عن فتوى تكفير الجنوبيين الشهيرة لوزير عدل الجمهورية العربية اليمنية «عبدالوهاب الديلمي» والتي كانت صحيفة «القضية» قد أعادت نشرها في عدد ماضٍ فإن الدكتور «الديلمي» قد أكدها بنفسه في مقال له نشر بصحيفة «الصحوة» التابعة لحزب «التجمع اليمني للإصلاح» في عددها (447) وبتاريخ 29-12-1994م، تحت عنوان «لفتات إيمانية: كيلا يلتبس حكم الحرب على الأمة) قال فيه عبد الوهاب الديلمي:

(أن الأقوال التي يطلقها من يستنكرون فتواه بتكفير الجنوبيين بدافع الجهل للحكم الشرعي، أنهم يتجرؤون ويفتاتون على حكم الله وشرعه دون معرفة سابقة تخول لهم ذلك، وذلك يحدث بدافع التعاطف مع الحزب الاشتراكي، إذ أن هناك من لا يجرؤ في هذه الأوضاع -يقصد أثناء الحرب- التي كشف الله عز وجل فيها حقيقة المرتدين على إظهار نفسه مدافعا أو مناصرا لهؤلاء المفسدين وهذا يخدم المرتدين ويوهن من عزائم المقاتلين في وجه المرتدين وتثبيط الراغبين في الجهاد عن الخروج كمجاهد لمن لديه الرغبة ومد يد العون بالمال والسلاح وغيرهما).

وتساءل الديلمي بقوله: (أنه لا يدري هل فاتهم أن يدركوا مدى الخطر العظيم على الدين والدنيا إذا كانت الغلبة للمرتدين، وهم يعلمون حقيقة هؤلاء ونواياهم الخبيثة وماضيهم المليء بالجرائم والإفساد والظلم والجبروت والقهر والإذلال واستباحة كل شيء مما حرم الله ومحاربة كل مظاهر الدين والخير والفضيلة، إلى غير ذلك مما لا يجهله أحد، وهل يريدون أن يعود هؤلاء حاكمين من جديد ليذيقوا الناس كل ألوان العذاب؟ هل يريدون أن تعلوا كلمة الكفر في الأرض وأن ينتصر الباطل وأن تخفت كلمة الحق وتذل وتمتهن.

واستدل الديلمي بقوله تعالى: (ها أنتم هؤلاء جادلتم عنهم في الحياة الدنيا فمن يجادل الله عنهم يوم القيامة من يكون عليهم وكيلا) «التوبة:33» وقوله تعالى (لا تجد قوماً يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم) «المجادلة:22».

وتساءل الديلمي بقوله «ماذا سيكون موقف المدافعين عنهم؟ -يقصد الكفرة الاشتراكيين- والموالين لهم حين يقفوا بين يدي الله عز وجل.

وفي رد «الديلمي» على سؤال قال أن المشككين يرددونه وهو أن الذين يقاتلون مع المرتدين مسلمون فكيف يقاتلون مسلمين؟ فقد يكون القاتل والمقتول في النار.؟ فأجاب قائلاً: (والجواب عن هذا أن الحزب الاشتراكي هم عبارة عن عدد محصور وهم أصحاب القرار فلو كانوا في الساحة وحدهم ولم يكن معهم من يناصرهم ويعاونوهم ويتجند في صفوفهم ويقاتل معهم، ما كان لهم قدرة على أن يفعلوا شيئاً مما فعلوه.

ويضيف «الديلمي»: فالذين وقفوا إلى جانبهم وجندوا أنفسهم لخدمتهم وطاعتهم ومتابعتهم هم الأدوات التي دمروا وفرضوا الإلحاد والمحرمات وسفكوا الدماء ولولا هؤلاء الناس الذين تسمونهم بالمسلمين «يقصد الجنوبيين» والذين نفذوا لهم كل ما أرادوه، فقد أجاز أهل العلم قتل المتمترس بهم في الحرب، ومن هذا أجاز أهل العلم قتل هؤلاء المسلمين لأنه لا يمكن مقاتلة العدو إلا بقتل المتمترس بهم، لأن عدم قتل هؤلاء المسلمين يترتب عليه مفسدة أعظم من مفسدة قتلهم، وهي غلبة الكفر وأهله على أهل الإسلام، وحينئذ سيحدث العدو في المسلمين من القتل والدمار والتشريد والتخريب والإفساد أعظم بكثير من قتل أولئك المتمترس بهم، وبهذا يعلم الحكم الشرعي القائم على جلب المصالح ودفع المفاسد.

وقال: أنه يريد أن يذكر دليلاً من القرآن الكريم على تحريم تكثير سواد العدو وأن من فعل ذلك وقتل وهو في صف العدو فهو في النار، قال تعالى (إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم، قالوا فيم كنتم، قالوا كنا مستضعفين في الأرض، قالوا ألم تكن ارض الله واسعة فتهاجروا فيها فأولئك مأواهم جهنم وساءت مصيرا). «النساء97».

كما سرد في مقاله الكثير من الآيات القرآنية والأحاديث الدالة على الجهاد ومكانته وسرد عدداً من القصص والمواقف لصحابة رسول الله والتي لا تمت إلى موضوع فتوى تكفير الجنوبيين بصلة. ولا يتسع المجال لذكرها وتفنيدها هنا.

لكنه عاد وقال بالنص الذي انقله هنا (والحاكم -وإن كان جائراً- يجب طاعته في غير معصية الله تعالى والجهاد من أعظم القربات والطاعات ومن دخل الجهاد من المسلمين فعليه أن يصحح نيته لله ويخلص عمله لوجه الله).

وأضاف في قوله وبشكل تحريضي مبرراً دعوته ورفيقه «الزنداني» القيام بالتحريض في المعسكرات الشمالية لقتال الجنوبيين، ويحذر الله عز وجل أشد التحذير من الفرار من الزحف فيقول جل شأنه (يا أيها الذين أمنوا إذا لقيتم الذين كفروا زحفاً فلا تولوهم الأدبار ومن يولهم يومئذ دبره إلا متحرفاً لقتال أو متحيزاً إلى فئة فقد باء بغضب من الله ومأواه جهنم وبئس المصير). «الانفال15-16».

واختتم العالم «عبدالوهاب الديلمي» مقالته التي يؤكد فيها على أنه أفتى بتكفير الجنوبيين وجواز استحلال أرضهم وقتل نساءهم وأطفالهم بقوله في خلاصة وضعها نهاية المقال ننقلها كما نشرت (أنه ما دمنا على حق في مطالبنا ومواقفنا وجهادنا غير معتدين ولا باغين ولا ظالمين فلا يهمنا من رضي عنا أو سخط علينا، فلتكن غايتنا هي مرضاة الله عز وجل وهو نعم المولى ونعم النصير).

وفي حوار آخر مع الدكتور «عبدالوهاب الديلمي» مع مجلة «المجلة» بتاريخ 10-12-1994م، رد «الديلمي» على سؤال «المجلة» بتكفير الاشتراكيين بقوله «أن الاشتراكيين معروفون بالكفر والردة والإلحاد، وأقل ما يقال فيهم أنهم خارجون عن الوحدة الوطنية». وفي سؤال آخر للصحيفة حول كيف تمت شراكة الاشتراكيين في الفترة الانتقالية قبل الحرب عام1994م رد «الديلمي»: «في الفترة الانتقالية كان الاشتراكيون من خلال الحوار الدائم معهم بين قياداتهم وقيادات الإصلاح يظهرون القرب من الإسلام وكانوا التزموا الإسلام شريعة وعقيدة طبعاً في برامجهم وفي طروحاتهم ووافقوا على هذا أيضاً في الدستور عند النقاش على تعديله كنا نقول لنا الظاهر وقد رضوا بأن يتجهوا هذا الاتجاه السريع ويقلعوا عما كانوا عليه سابقاً. وعلى هذا الأساس دخلنا معهم في الائتلاف لأننا عاملناهم بظاهرهم».

ربما نسي «الديلمي» أثناء إجابته على هذا السؤال أن فتواه التي نشرها ضمن مقاله الذي نشرته صحيفة «الصحوة» والتي ضمت فتوى صريحة منه كانت بعد حرب 94م أي بعد الفترة الانتقالية التي تحدث فيها «الديلمي» أن الاشتراكيين كانوا قريبين من الإسلام -بحسب قوله- مما يدل على أن الشيخ «الديلمي» أصدر فتواه ضد الاشتراكيين بعدما أسلموا، كما قال مما تجعل الفتوى صادرة ضد مسلمين وليس ملحدين.

وحقيقة أنه كان الأجدر بالشيخ «الديلمي» أن يعترف بأن فتواه ضد الجنوبيين كانت سياسية لخدمة أغراض «علي صالح» وضرورة انتصارهم بالحرب ضد الجنوب ثم يتبعه باعتذاره الصريح واعترافه الرسمي عن الفتوى تنشره كل وسائل الإعلام المرئية والمسموعة وضرورة وقوفه إلى جانب الجنوبيين، ودعمهم باستعادة دولتهم وثرواتهم ومحاكمة من نهبوا الثروات وعاثوا فساداً في الجنوب وذلك تفادياً لما قد تنبثق من لجنة مشكلة عن أبناء الجنوب تتبنى متابعة إجراءات تقديمه وزميله «عبدالمجيد الزنداني» إلى المحاكمة بسبب فتاويهم وتحريضهم شباب الشمال بمقاتلة الكفرة في الجنوب كما قيل، وخاصة بعد إثبات الفتوى والتحريضات وصدور اعترافات جديدة من شخصيات شمالية على رأسها الرئيس «علي صالح» الذي يمكن أن يطلب شاهداً في الموضوع.

بعض ردود علماء الازهر على فتوى الديلمي 
لأن فتوى «الديلمي» خطيرة جداً على أحكام الإسلام ومسيرته وأحكامه الفقهية والشرعية فقد سارع يومها العديد من علماء الأزهر الشريف وطلبة العلم وعدد من الصحفيين بالرد على الفتوى ويعتبرها الجنوبيين ما تزال سارية المفعول كون قتل الجنوبيين لا يزال مستمراً من قوات الاحتلال الغازية لأرض الجنوب عام1994م وكون مسلسل نهب الأراضي والثروات الجنوبية متواصل مع استمرار نظام الاحتلال بممارسة الأساليب الظالمة والتي تستمد أباطيلها من شرعية الفتوى الآثمة الصادرة عام 1994م والتي أجازت للغزاة بإباحة كل ما هو جنوبي باعتباره غنيمة حرب وفيد يجوز للمنتصر فيها أخذ الأراضي وبيع النساء والأطفال في المزاد العلني -بحسب فتوى الزنداني-.

فقد سارع الشيخ «جاد الحق علي جاد الحق» شيخ الأزهر الشريف بتفنيد تلك الفتوى المتأسلمة بقوله (أن مسألة العدوان بين المسلمين غير مقبولة شرعاً ومصلحة، والاقتتال بين المسلمين حرام، ومن يحمل السلاح عليه آثماً كلاً على قدر مساهمته، وسب المسلم فسوق وقتاله كفر، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (قتل الأطفال والنساء أو الشيوخ حرام)، لأن الحرب «يقصد الحرب اليمنية عام 1994م» أصلاً غير مشروعة ولأن قتل هؤلاء غير مشروع مع غير المسلمين فما بالنا بالمسلمين).

وقال الشيخ محمد الغزالي في رده على فتوى الديلمي (أن قتل الأطفال والنساء وكل من لا يشارك في الحرب جريمة في عرف الإسلام والمسلمون شرعاً منهيون في حالة الحرب مع العدو عن اقتلاع شجرة فهل يذبحون الأطفال في حرب غير مشروعة مع بعضهم البعض).

أما الشيخ/ احمد حسن مسلم عضو لجنة الإفتاء في الأزهر الشريف فقال «أن الحفاظ على النفس البشرية بصفة عامة مطلوب شرعاً وأن ذلك مطالب به الإنسان مع أخيه الإنسان، وحتى غير المسلم لا يصح الاعتداء عليه إلا إذا اعتدى هو وبدأ بالعدوان».

أما رئيس قسم الشريعة في كلية الحقوق بجامعة القاهرة فقال في رده على فتوى تكفير وجواز قتل الجنوبيين «أن الشريعة الإسلامية واضحة تماماً في تحريم دم المسلم وعدم جواز سفكه، بل أن الإسلام يعتبر الاعتداء على نفس واحدة اعتداء على المجتمع الإسلامي كله، وأن عقوبة إباحة دم المسلم هي القصاص في الدنيا والخلود في النار).

وقال نائب رئيس جامعة الازهر الدكتور الشيخ/ جعفر عبدالسلام (أن إباحة دم المسلم أكبر جريمة يمكن أن ترتكب على وجه الأرض، لذا حرمها الإسلام).
ومن خلال مقال كتبه «إبراهيم بن علي الوزير» في صحيفة «الشورى» في العدد رقم (160) بتاريخ 8-1-1995م، دعا فيه كل العلماء والمسلمين إلى عدم الوقوف صامتين إزاء الفرية على رسول الإسلام، والتي أرتكبها «عبدالمجيد الزنداني» بقوله أن النبي صلى الله عليه وسلم قد «أقر بنهب ارض العدو بعد هزيمته واقر كذلك ببيع نساء العدو وأطفالهم كعبيد في المزاد».

خاتمة:
لا شك ولا ريب أن استخدام الدين وتجييره لأغراض سياسية أسلوب خطير جداً على المدى القريب والبعيد، حيث يمكن لأي شيخ علم أو عالم دين كما يسمونهم أن ينسى فتواه وأقواله وربما لا يعيرها أي اهتمام، لكن هناك من لا ينسى تلك الفتاوى والأقوال وخاصة بعد أن تجر خلفها ويلات ومعاناة شعب وأجيال متتالية.

فمن السهل أن يتهمنا شخص أو حزب بإثارة وقع فتوى تكفير الجنوبيين على ظهر صحيفة تنتهج المصداقية والجرأة في تناولها لمواضيع تهم فئات واسعة من الناس كصحيفة «القضية»، لكن من الصعب أن يستطيع ذلك الشخص أو حزب ما من أن يمحي وقع المأساة وحجم الظلم الذي يسري في جميع أركان ومفاصل أي جنوبي أبيح دمه وأرضه وعرضه، وتم تكفيره وإخراجه من ملة الإسلام ليس لسبب، أو فعل فعله، غير أن وراء ذلك تكمن مصالح شخصية وتقرباً بالدين إلى منصب حكومي أو مال تافه أو مصلحة زائفة. 

فعلى الجميع أن يعوا جيدا حجم المأساة وأن لا يفهموا ما يريدون ويرفضون ما دون ذلك خصوصاً بعد انقشاع أكوام السحب العائمة في سماء الحقائق والبيانات التي بدت جلية في زمن الثورات وظهور المستور. كما على كل المشككين بنوايا الحقائق والدلائل أن يعرفوا أنه في زمن الثورات يجب أن يكون كل شيء موضوع على سطح الطاولة ولا شيء يجب أن يختفي لأن ذلك يعد إثماً بالغ الخطورة في زمن انكشاف الحقائق.
ولمن يتهمنا بخدمة النظام بسبب تناولاتنا لمواضيع من هذا النوع، عليه أن يعلم جيداً أننا لسنا أغبياء، ولن نكون أبداً ورقة تتلاعب بها الأيادي الآثمة، كما لن نكون أدوات تحركنا أهواء شخصية، أو مشاريع أحزاب معينة، بحسب مصالح آنية، فموقفنا واضح للجميع، فنحن لن ولم نكن يوماً مع نظام صالح الفاسد، وإذا كان أولئك قد قالوا اليوم لا لنظام «صالح» فقد قلناها قبلهم بسنوات، وإذا كانوا خرجوا اليوم إلى الساحات لإسقاط نظام «صالح» فقد خرجنا حينما كانوا يلبسون رداء الخوف والصمت والعار، وإذا كانوا يكتبون اليوم مساوئ النظام فقد كتبناها ونشرناها حينما كان لا يجرؤ أحد منهم على ذلك، ونؤكد أننا كنا وسنبقى ضد أي فاسد أو فساد مهما كان شكله أو لونه أو مكانته، وسنستمر نتابع الحقيقة ونوردها أياً كانت، والله مع الحق فاسمه الحق ووعده الحق، وهو خير الناصرين وختاماً يقول تعالى «أما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض» صداق الله العظيم.
هل أعجبك الموضوع:

ليست هناك تعليقات :