مقدم الدراسة د. محمد حسين حلبوب
المقدمة:
تسعى هذه الدراسة الى تحديد ماهية القضية الجنوبية, واثبات عدالتها, وذلك من خلال تحقيق الاهداف التالية:ـ
1ــ تحديد حجم الاقصاء والتهميش السياسي والاقتصادي لابناء الجنوب في الجمهورية اليمنية في عام 2006م ــ قبيل انطلاق الحراك السلمي الجنوبي ــ, بالمقارنة مع عام 1990م.
2ــ تبيان نطاق النهب والاستيلاء على الممتلكات الخاصة والعامة للجنوب, ومستوى الاستحواذ والتبديد لثرواته الطبيعية, خلال الفترة 1994م ــ 2006م.
3ــ استعراض الظواهر الاجتماعية السلبية في الشمال التي تم تعميمها على الجنوب.
4ــ تلخيص مسيرة الحراك السلمي كتعبير عن فشل الوسائل الادارية والقانونية في معالجة القضية الجنوبية.
فروض الدراسة:
في سبيل تحقيق اهداف هذه الدراسة, يحاول الباحث اثبات صحة الفروض التالية:ــ
1ــ ان القضية الجنوبية ليست قضية حقوقية فحسب, بل هي قضية سياسية ــ حقوقية, ذات ابعاد ثقافية حضارية.
2ــ ان حجم الاقصاء والتهميش السياسي لابناء الجنوب كبيرا, وفي جميع السلطات.
3ــ ان حجم الاقصاء والتهميش الاقتصادي لابناء الجنوب كبير, وشامل لجميع الفئات.
4ــ ان الجنوب قد تعرض, على نطاق واسع, للنهب والاستيلاء غير المشروع للعقارات والاراضي, وللثروات النفطية والمائية.
5ــ ان هناك تعميم منظم للظواهر الاجتماعية السلبية في الشمال على الجنوب.
6ــ ان الحراك السلمي لابناء الجنوب, وسيلة حضارية مشروعة جاء للتعبير عن فشل الوسائل الادارية والقانونية في معالجة القضية الجنوبية.
محتوى الدراسة:
تحتوي هذه الدراسة على مقدمة وخمسة فصول وخاتمة وملاحق احصائية مهمة للغايه.
المقدمة: وفيها تحديد لاهداف الدراسة, وفروضها, ومحتواها, واهم مصادر معلوماتها.
الفصل الاول, وفيه محاولة لتحديد حجم مظاهر الاقصاء والتهميش السياسي للجنوبيين.
الفصل الثاني, وفيه تبيان لحجم مظاهر الاقصاء والتهميش الاقتصادي للجنوبيين.
الفصل الثالث,وفيه كشف لنطاق النهب والاستيلاء على الممتلكات الخاصة والعامة والثروات الطبيعية.
الفصل الرابع, وفيه استعراض للظواهر الاجتماعية السلبية في الشمال, التي تم تعميمها على الجنوب.
الفصل الخامس, وفية لمحة سريعه عن مسيرة الحراك السلمي كوسيلة حضارية مشروعة للتعبير عن فشل الوسائل الادارية والقانونية في معالجة القضية الجنوبية.
ـ الخاتمه, وفيها تلخيص لما توصلت الية الدراسة من خلاصات واستنتاجات.
ـ الملاحق الاحصائية وفيها المستندات والوثائق التي تثبت بالارقام والحقائق صحة ما تضمنته الدراسة من معلومات.
منهج الدراسة:
بالنظر الى طبيعة الدراسة واهدافها وفروضها, فان الباحث قد استخدم المنهج الوصفي التحليلي, المدعم بالبيانات الاحصائيه الرسمية وبالحقائق المتواترة الموثوق بصحتها.
مصادر معلومات الدراسة:
ان اهم مصادر معلومات هذه الدراسة هي:ـ
1ــ سلسلة كتب الاحصاء السنوية الصادرة عن الجهاز المركزي للاحصاء, وفروعه في المحافظات الجنوبية, خلال الفترة 1990/ 2009م.
2ــ قاعدة بيانات الهيئة العامة لاراضي وعقارات الدولة ـ عدن.
3ــ قاعدة البيانات المركزية للهيئة العامة للاستثمار.
4ــ قاعدة بيانات مكتب فرع عدن للهيئة العامة للاستثمار.
4ــ قاعدة بيانات لجنة معالجة ادعاءات الملكية ــ عدن.
5ــ بيانات عسكرية, تم الحصول عليها من احد الاصدقاء ــ لا يرغب ان يذكر اسمة ــ.
6ــ بيانات ومعلومات عن موقع ( صوت الجنوب )على شبكة الانترنت.
7ــ تقارير ( المرصد ) عن اليمن للاعوام 2007ــ 2009م.
الخلاصة
خلصت هذه الدراسة الى التالي:ــ
اولا: تم التحقق من صحة الفرض الاول وثبت بان القضية الجنوبية, قضية سياسية ـ حقوقية, ذات ابعاد اقتصادية اجتماعية ثقافية, تهم الاغلبية الساحقة من ابناء الجنوب, فشلت السلطات في الجمهورية اليمنية في حلها خلال الفترة 1990م ــ 2006م, فجاء الحراك السلمي الجنوبي للتعبير السياسي عن تلك القضية العادلة. ولكن السلطة تعاملت مع نشطاء الحراك السلمي بالعنف والتضييق والحصار الاعلامي, مما ادى الى ارتفاع سقف مطالبهم الى حدة الاقصى المتمثل بـ ( فك الارتباط ).
ثانيا: تم التحقق من صحة الفرض الثاني وثبت ان حجم الاقصاء والتهميش السياسي, لابناء الجنوب, في عام 2006م, مقارنة بعام 1990م, كان كبير, يدل على ذلك :ــ
1ــ الغاء مجلس الرئاسة, وبالتالي انخفاض نسبة تمثيل الجنوب في اعلى مؤسسات السلطة من ( 40% ) الى ( صفر %). حيث لم يعوض ذلك منصب نائب رئيس الجمهورية, الذي يشغلة الجنوبي ( عبدربة منصور هادي ), لعدم دستوريته, وكونة منصب ( فخري ) لا يمتلك أي صلاحيات قانونية.
2ــ انخفاض نسبة تمثيل الجنوب في السلطة التشريعية من ( 46% ), الى ( 19% ).
3ــ انخفاض نسبة تمثيل الجنوب في مجلس الوزراء من ( 54% ), الى ( 25% ).
4ــ انخفاض نسبة تمثيل الجنوب في مجلس القضاء الاعلى من ( 46% ), الى ( 25% ).
5ــ تعيين جميع محافظي المحافظات الجنوبية وما لايقل عن ( 57 ) مدير عام لدوائر مفصلية في السلطات المحلية للمحافظات الجنوبية, من ابناء الشمال.
6ــ انخفاض نسبة ابناء الجنوب بين افراد القوات المسلحة والامن, الى حوالي ( 12.3% ), والى ( 14% ) بين قيادات المناطق العسكرية. والى نسب متدنية بين قادة المحاور والالوية والكتائب.
7ــ التعامل غير المنصف مع (113604) من افراد القوات المسلحة والامن.
8ــ السعي الى الغاء الهويه الثقافية الخاصة بالجنوب من خلال محو كل ما يذكر بالجنوب من اللغة والجغرافيا والتاريخ, شمل ذلك محو الاسماء والرموز الجنوبية من الشوارع والمدارس والمستشفيات وقناة عدن التلفزيونية وسحب معظم الكتب الخاصة بالجنوب واحراقها.
ثالثا: تم التحقق من صحة الفرض الثالث باثبات ان حجم الاقصاء والتهميش الاقتصادي لابناء الجنوب كبيرا ويشمل جميع فئات المجتمع من تجار جملة وتجزئة, ومقاولين, وشباب عاطلين عن العمل, ومستثمرين, وعمالة حرة, وموظفين, وقياديين, ومقاعدين, وسلاطين وشيوخ وعقال, وغيرهم. يدل على ذلك:ــ
1ــ حرمان الكثير من التجار في الجنوب من الوكالات التجارية.
2ــ انخفاض نسبة التجار الجنوبيين في تجارة الجملة وبين المقاولين الى اقل من ( 14% ).
3ــ تعرض تجار التجزئة الجنوبيين الى منافسة غير عادلة من قبل اصحاب الفرشات والباعه المتجولين لعدم دفع الاخيرين للضرائب والواجبات, والايجارات وتكاليف الكهرباء والماء وغيرها.
4ــ تعرض المستثمرين من ابناء الجنوب للنهب والاستيلاء غير المشروع على الاراضي التي تم صرفها لهم قبل حرب صيف 1994م. كما تعرضوا للتمييز السلبي في المعاملات الادارية.
5ــ تعطيل استعادة السلاطين والشيوخ والعقال والاعيان الجنوبيين, لممتلكاتهم الزراعية والعقارية الخاصة. وعدم منحهم مستحقاتهم المالية, بما يتناسب ومكانتهم ودورهم الاجتماعي. وتعرضهم للتمييز مقارنة بنظرائهم الشماليين.
6ـ اقصاء وتهميش حوالي (333,834 ) عامل وموظف جنوبي, من اعمالهم. من بينهم: ما يقدر بـ (193600 ) عامل بالاجر اليومي, وحوالي ( 26630 ) موظف حكومي مدني, و(113604 ) جندي وضابط ( عسكري ).
7ــ ارتفاع نسبة البطالة بين الذكور في المحافظات الجنوبية والشرقية الى ( 22 % ), بالمقارنة مع ( 10% ) في المحافظات الشمالية.
8ــ تربع محافظة عدن في المرتبة الاعلى في نسبة البطالة بين الذكور بـ ( 31% ). تليها محافظة لحج بـ ( 27% ). تليها محافظتي شبوة والمهرة بـ ( 26 % ). تليهما محافظة حضرموت بـ ( 18 %). أي ان الخمس المراتب الاعلى للبطالة بين الذكور هي في المحافظات الجنوبية. كما ان المحافظات الجنوبية, ومحافظة الجوف تتصدر المراتب الثمانية الاعلى لنسب البطالة بين الذكور في الجمهورية اليمنية.
رابعا: ثبت بان العوامل السياسية واختلاف ثقافة العمل كانت من الاسباب الرئيسة للاقصاء والتهميش الاقتصادي لتجار الجملة والتجزئة, والمقاولين, والمستثمرين, والسلاطين والشيوخ والعقال الجنوبيين. كما كانت من الاسباب الرئيسة لارتفاع نسبة البطالة, والاحالة الى العمالة الفائضة والتقاعد المبكر في محافظات الجنوب. ومن اهم تلك الاسباب:ــ
1ــ فقدان عدن لعاصميتها, والغاء دواوين الوزارات فيها.
2ــ اقصاء العمالة الحرة الوافدة من الشمال لنظيرتها من ابناء الجنوب بالمنافسة الاقتصادية التي يعود سببها الى اختلاف ثقافة العمل.
3ــ حرب صيف عام 1994م, وما نتج عنها من اقصاء عدد كبير من العسكريين والمدنيين.
4ــ نهب الموسسات الحكومية اثناء الحرب وبعدها, وتصفية عدد كبير منها.
6ــ فشل الخصخصة, التي تم تطبيقها على الموسسات الحكومية في محافظات الجنوب فقط.
7ــ استيلاء عدد من المؤسسات الحكومية الشمالية على اصول الموسسات الحكومية الجنوبية واراضيها, وعدم استيعاب موظفيها وعمالتها.
8ــ انخفاض مستوى التوظيف الحكومي الجديد لابناء محافظات الجنوب.
9ــ تعثر ( 73% ) من المشاريع الاستثمارية في محافظات الجنوب, لاسباب تتحمل السلطة ما نسبته ( 56% ) من المسئولية عن ذلك.
خامسا: تم التحقق من صحة الفرض الرابع, وثبت بانه نتيجة لحرب صيف عام 1994م, تعرض الجنوب على نطاق واسع لحالات اقتحام ونهب, واستيلاء على المساكن الخاصة, والمباني الحكومية. وكامثلة من محافظة عدن, نورد التالي:ــ
1ـــ ( 134 ) حالة اقتحام لمساكن خاصة في مواقع متفرقة في احياء ( خورمكسر, وكريتر, والتواهي ).
2ــ ( 419 ) حالة اقتحام واستيلاء على مساكن خاصة بالعسكريين في حرم المعسكرات ( طارق, بدر, الصولبان, صلاح الدين ).
3ــ ( 410 ) حالة اقتحام واستيلاء على مساكن خاصة في ( حي الممدارة ).
4ـــ ( 65 ) حالة اقتحام واستيلاء على عقارات حكومية وخاصه في اماكن متفرقة في محافظة عدن.
5ــ ( 58 ) حالة اقتحام واستيلاء لمساكن في ( منطقة معاشق ), من قبل رئاسة الجمهورية
6ــ ( 40 ) حالة اقتحام واستيلاء على مساكن خاصة بالطيارين في ( حي المنصورة ).
7ـــ ( 25 ) حالة اقتحام واستيلاء على منازل خاصة بحراسة علي سالم البيض, في( حي كريتر ).
8ـــ ( 8 ) حالات اقتحام واستيلاء على مساكن في مقر المليشيا الشعبية في ( حي كريتر ).
سادسا: كما ثبت بان الاراضي الخاصة بالمستاجرين, والمستثمرين, و الجمعيات الزراعية, والملاك, والمنتفعين, والجمعيات الخيرية والثقافية. والعسكريين, والشهداء والمعوقين قد تعرضت على نطاق واسع للبسط والاستيلاء عليها من قبل المتنفذين وشيوخ القبائل وكبار المسئولين في السلطة, وتم الاستيلاء على بعض تلك الاراضي باصدار عقود رسمية مكررة. ويقدرالباحث العدد الاجمالي للمتضررين من ذلك باكثر من 220 الف اسرة جنوبية. أي بما تزيد نسبتة على ( 55% ) من سكان الجنوب.
سابعا: ثبت بانة خلال الفترة 1994م ــ 2006م, بلغت حصة الدولة من انتاج النفط الخام ( 1309 ) مليون برميل. بقيمة بلغت ( 46.5 ) مليار دولار تقريبا. وقد تم استخراج ( 81% ) من كمية انتاج النفط من الجنوب. وبالمقابل فأن الجنوب لم يحصل من عوائد ثروته الناضبة على نسبة مماثلة.
ثامنا:
ثبت بأنه في الجبال التي تقع معظمها في المحافظات الشمالية, تم انشاء( 1146 ) سد وحاجز مائي تم بناء معظمها بصورة عشوائية وبدون دراسة استراتيجية لجدواها الاقتصادية. وهذا يمثل تبديدا مزدوجا للثروات الطبيعية. فمن جهه هي ضياع لمليارات الدولارات المتاتية من تصدير النفط الذي يستخرج جله من الجنوب, ومن جهه اخرى تساهم السدود والحواجز في زيادة تبخر المياة وانخفاض ما يصل منها الى الوديان. والجنوب هو المتضرر الاكبر من ذلك. ويدل على ذلك الانخفاض الكبير في مستوى تدفق السيول في وادي ( بناء) و( تبن ). حيث لم تصل مياة السيول لوادي( تبن ) الى بعض الاراضي الزراعية في محافظة لحج وجميع الاراضي الزراعية في محافظة عدن منذ ( 18 ) عام ــ.
ثبت بأنه في الجبال التي تقع معظمها في المحافظات الشمالية, تم انشاء( 1146 ) سد وحاجز مائي تم بناء معظمها بصورة عشوائية وبدون دراسة استراتيجية لجدواها الاقتصادية. وهذا يمثل تبديدا مزدوجا للثروات الطبيعية. فمن جهه هي ضياع لمليارات الدولارات المتاتية من تصدير النفط الذي يستخرج جله من الجنوب, ومن جهه اخرى تساهم السدود والحواجز في زيادة تبخر المياة وانخفاض ما يصل منها الى الوديان. والجنوب هو المتضرر الاكبر من ذلك. ويدل على ذلك الانخفاض الكبير في مستوى تدفق السيول في وادي ( بناء) و( تبن ). حيث لم تصل مياة السيول لوادي( تبن ) الى بعض الاراضي الزراعية في محافظة لحج وجميع الاراضي الزراعية في محافظة عدن منذ ( 18 ) عام ــ.
تاسعا: ثبت تعرض الجنوبيين لاشكال متعددة من التمييز السلبي من امثلتها:ــ
1ــ التمييز ضد الملاك ( نموذج دار الرئاسة في عدن وصنعاء ).
2ــ التمييز ضد المواطنين ( نموذج التكلفة المشتركة عند توصيل الكهرباء ).
3ــ التمييز ضد المستثمرين في الرسوم وايجارات الاراضي.
4ــ التمييز ضد المشائخ بعدم مساواتهم بنظرائهم من مشائخ الشمال.
5ــ التمييز ضد المحتجين بمنع الاعتصامات والاحتجاجات السلمية في الجنوب.
6ــ التمييز بين رواتب العمال في مصافي عدن عن نظرائهم في مصافي صافر.
7ــ التمييز ضد الصحف بماتعرضت له صحيفة الايام من ترهيب وتضييق ومحاكمات كيدية, واستخدام العنف غير المبرر ضدها.
عاشرا: على الرغم من ثبوت التعميم للظواهر الاجتماعية السلبية في الشمال على الجنوب الا ان الادلة على ان ذلك التعميم كان منظما لم تتاكد, ومن تلك الظواهر:ـ
1ــ ظاهرة الظلم والتعسف الاجتماعي
2ــ ظاهرة تعاطي القات طوال الاسبوع, وامتداد نطاق تناولة الى محافظتي حضرموت والمهرة.
3ـ ظاهرة التعصب القبلي والثأر والتقطع.
4 ــ ظاهرة ظلم المرأة, والغاء مكتسباتها في الجنوب.
5ــ ظاهرة الغش في المدارس والجامعات.
6 ــ ظاهرة عدم الاحتكام للنظام والقانون.
7 ــ ظاهرة الرشوة والاختلاس للمال العام.
8ــ ظاهرة التسيب والاهمال في الوظيفة العامة.
9ــ ظاهرة التسول.
10ــ ظاهرة حمل السلاح.
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق