الأحد، 4 مارس 2012

القضية الجنوبية ومؤتمر الحوار القادم

صالح محمد قحطان شبكة الطيف الأخبارية

مدخل :
عند وقوف الجنوبيين إمام أي قرار مصيري يتعلق بمستقبل ومصير الوطن عليهم إن يستحضرون دائما تجارب الماضي في اتخاذ تلك القرارات المصيرية دون توافق جنوبي ودون استفتاء الشعب الجنوبي والتي كان لها نتائج وخيمة بل وكارثية لنؤخذ منها العبر ونتعلم منها الدروس الذي ينبغي أن لا ينساها أي جنوبي ، حتى لا نتجرع مرارة ألكاس مرة ثالثة ورابعة ، ولذلك فأنه يتوجب على الجنوبيين أن يضعوا دائما نصب أعينهم تجربتين لنتعلم منهما درسين مهمين وهما :

الدرس الأول: الذي ينبغي إن نتعلم منه وان لا نسمح لتكراره هو في تفرد الجبهة القومية ثم الحزب الاشتراكي في مصير وشؤون الجنوب وفرض عليه نظام سياسي وتحديداً بعد 69م ذات توجه اشتراكي دون توافق مع القوى السياسية الجنوبية الأخرى ودون استشارة أو استفتاء الشعب الجنوبي وكان لهذا التوجه والفكر الغريب الذي لا ينسجم مع واقعنا ولا تقبله تربتنا العربية الإسلامية نتائج وعواقب كارثية دفعنا بسببها أثماناً باهظة والذي ننتقد تلك التجربة اليوم جميعنا بما فينا قيادات تلك المرحلة .

الدرس الثاني: الذي ينبغي إن نتعلم منه كذلك هو في ذلك القرار الذي أقدم عليه الرئيس البيض وقيادة الحزب الاشتراكي في عام 90م في وحدة غير مدروسة وغير متكافئة وغير محسوبة النتائج ومحمودة العواقب نتج عن هذا القرار الانفرادي تقديم الجنوب على طبق من ذهب إلى حكام صنعاء وعانا ولازال يعاني الجنوبيين من النتائج الكارثية لذلك القرار والذي يعترف الرئيس البيض اليوم بخطاه وبفداحة ذلك القرار بل ويعظ الرئيس البيض اليوم أصابع الندم لتحمله الوزر الأكبر والسبب في هذا الوضع، ،،،
ويبقى السؤال هنا اليوم أما آن الأوان أن نتعلم من تلك الدروس والعبر حتى لا نوقع ونكرر تلك القرارات والأخطاء القاتلة ؟؟؟ سؤال نوجهه للرئيس البيض وقيادات الجنوب السابقة ولقيادات الحراك في الداخل ومختلف النخب السياسية الجنوبية.
إن استعراضنا لهذه المقدمة المرتبطة بتجربة الماضي أنما أردنا من خلالها أن نقول انه أذا كان اليوم الجنوبيين لا يستطيعون تغير ذلك الماضي ، فأنهم يستطيعون اليوم تغيير الحاضر والتحكم بالمستقبل .
كما إننا أردنا من خلال هذه المقدمة كذلك مدخلاً للحديث في صلب موضوعنا الرئيسي هذا بصدد مؤتمر الحوار الوطني القادم المزمع انعقاده قريبا لمعالجة قضايا اليمن وفي مقدمتها القضية الجنوبية والذي ولا شك بان هذا المؤتمر يشكل أهمية كبيرة كونه يأتي تحت رعاية إقليمية ودولية وبإشراف الأمم المتحدة باعتباره احد آليات الحلول المطروحة في المبادرة الخليجية لحل مشاكل اليمن وهو يشكل في نفس الوقت فرصة بالنسبة للجنوبيين ينبغي استقلاها والاستفادة منها لشرح القضية الجنوبية في محفل دولي كهذا ، الا أن المؤشرات وبعض التصريحات توحي بان الجنوبيين لم يحسموا أمرهم بعد على كلمة سواء فقد انقسموا مابين مؤيد ومعارض ومتردد ومتحفظ من المشاركة في هذا المؤتمر لحسابات واعتبارات لكل طرف من هذه الأطراف نتيجة لتعدد رؤى ومشاريع وأجندة الجنوبيين بصدد معالجة القضية الجنوبية وعدم وجود توافق أو إجماع جنوبي على رؤية وقيادة جنوبية موحدة تتولى تمثيل الجنوب في مؤتمر الحوار الوطني القادم وغيره .
وللخروج من هذا الوضع فانه لا يوجد أمام الجنوبيين في ظل هذه التباينات وتعدد المشاريع والرؤى بصدد معالجة القضية الجنوبية ألا أن يتوافق الجميع على العودة وإرجاع الأمر كله للشعب الجنوبي من خلال طرح هذين المشروعين لاستفتائه حتى يحسم خياره وقراره والذي نرى أن المطالبة بحل القضية الجنوبية عبر استفتاء الشعب الجنوبي هو الحل الأمن والأفضل ، والذي يرضى وترتضي فيه كل الأطراف الجنوبية ويختبر صحة مشاريعها وهو الحل الذي يحرج الشارع والشعب الشمالي وقواهم السياسية ويختبر صدق شعاراتهم التي تنادي بالحرية والعدالة ويقنع في نفس الوقت الخارج والعالم كله في أن يحترموا مواثيق الأمم المتحدة وحقوق الإنسان الذي ينادي فيها. ،
إن المؤتمر الوطني القادم يستوجب بل ويتطلب أن يقف الجنوبيين أمامه بمسؤولية وبوعي وحنكة ليعرف الجنوبيين ماذا يشكل بالنسبة لقضيتهم هذا المؤتمر وما هو المطلوب منه وكيف يستطيع الجنوبيين الاستفادة منه لخدمة قضيتهم ولذلك فأنه يتطلب قبل إن نخطي أي خطوة بصدد الموافقة أو الرفض من المشاركة في هذا المؤتمر أن يجلس الجنوبيين أولا للحوار فيما بينهم ليحددوا ماذا يريدوا بالضبط من هذا المؤتمر لأنه من الصعب الحديث عن ذهاب الجنوبيين للمشاركة في الحوار في مثل هذا المؤتمر أذا لم يتحاوروا أولا فيما بينهم ويمتلكون موقفاً موحداً أكان من المشاركة أو في طرح شروطهم للمشاركة ، وإذا كان الكرة اليوم في ملعب الجنوبيين فأنه ينبغي على الجنوبيين أن يعيدون الكرة إلى الملعب الشمالي والراعين الدوليين له ، ولتحقيق ذلك فأنه يتطلب قبل هذا إن يتداعي الجنوبيين بقواهم السياسية المختلفة إلى عقد مؤتمر جنوبي مصغر في الداخل وبأسرع وقت ممكن للتحاور فيما بينهم وفي الإعداد والتحضير الجيد لمؤتمر الحوار فيما اذا قرروا المشاركة فيه من خلال الاستعانة بالمتخصصين من القانونيين والأكاديميين والسياسيين لإعداد رؤية جنوبية موحدة يتبنيها الجنوبيين جميعهم لحل القضية الجنوبية عبر استفتاء الشعب الجنوبي حول مشروعي فك الارتباط والفدرالية كخيارين مطروحين ، بل انه يمكن أن يطرح مشروع الكونفدرالية كخيار للاستفتاء عليه والذي لا نعلم لماذا تجاهل الجنوبيين مثل طرح وتبني خيار الكونفدرالية.
ملحوظة:
لم ندخل هنا ببعض التفاصيل حول شروط الحوار كالاعتراف بالقضية الجنوبية والاعتراف بالواقع الموجود وان يكون الحوار بين طرفي شمالي جنوبي والاعتذار للشعب الجنوبي وتعويض الجنوبيين الخ ،، على اعتبار أن عقد مثل هذا المؤتمر الذي سيناقش القضية الجنوبية ودعوة الجنوبيين إليه هو اعتراف فعلي بالقضية الجنوبية ومن ناحية ثانية أن مثل هذه التفاصيل هي مهمة المؤتمر الجنوبي الذي يحدد رؤية وموقف الجنوبيين التي يتقدمون بها ويتمثل فيها المحاور الجنوبي في مؤتمر الحوار القادم .
وفي الأخير نقول انه لا خوف من حضور مثل هذا المؤتمر ولكن الخوف أن يذهب إليه الجنوبيين وهم غير مستعدين ومتفقين لما يريدونه من مثل هذا المؤتمر وإذا كان لابد من تسجيل موقف جنوبي فليكن من داخل المؤتمر نفسه .
هل أعجبك الموضوع:

ليست هناك تعليقات :