الاثنين، 16 يناير 2012

عودة جمهورية جنوب اليمن للحياة!

للكاتب العراقي داود البصري

 مع تطور الأحداث الدموية في اليمن ووصول محطة الثورة الشعبية الشاملة إلى مرحلة الحسم مع اندحار الديكتاتورية العائلية العشائرية وانحسارها التدريجي عن مسرح الدراما اليمنية الزاعقة, تبدو الثورة الشعبية في جنوب اليمن سواء من خلال الحراك الجنوبي السلمي أو بقية الحركات السياسية والشبابية الأخرى في حالة اشتعال وتواصل مع مطالب جماهير جنوب اليمن,
ولكن في ظل صمت دولي وإقليمي مريب حول مستقبل الجنوب اليمني الذي تحول للأسف في وسائل الإعلام الدولية ملاذاً آمناً للجماعات الأصولية المسلحة ك¯"القاعدة" واخواته بسبب سياسة التهميش والتجهيل والخبث التي اتبعت في الماضي وفرضت القهر والموت على شعب جنوب اليمن الذي بقرار قيادته السابقة بالمضي قدما في طريق تحقيق الوحدة اليمنية الشاملة كان يتصور بأن ذلك سيكون مدخلا للتنمية والاستقرار وبناء الدولة على أسس عادلة وعصرية قبل أن يكتشف الخديعة الكبرى وكيف تحولت الوحدة إلى سيطرة فئوية بعد حرب صيف عام 1994 التي رسمت جدران الدم وأجهضت الوحدة اليمنية بمفهومها الحضاري بالكامل وتحولت بعدها قضية شعب جنوب اليمن لواحدة من أشد وأعمق قضايا الشعوب المضطهدة والمنكوبة.
لقد كان لنا شرف متابعة وتسليط الضوء على قضية شعب جنوب اليمن قبل الانتفاضة الثورية الشعبية اليمنية الأخيرة وتحملنا ما تحملنا من اتهامات ظالمة بإثارة ما أسموه بقضايا الانفصال والتفكيك, ولكن الديكتاتورية أساسا هي مشروع تفكيكي والحالة الحضارية المتميزة لشعب جنوب اليمن المعروف بالأمانة والتسامح والبأس النضالي قد حاول النظام الشمولي اليمني المتهاوي تخريبها بالكامل وهو يؤسس لمشروعه الديكتاتوري الذي أراد توريثه للأبناء والأحفاد والعشيرة الذهبية, ولكن يقظة وصمود ونضال شعب الجنوب اليمني بقيادة زعاماته التاريخية القائدة للحراك الشعبي لم تيأس أبدا, ولم تركع لحالات الإحباط, بل ظلت على العهد تخوض النضال وفي أصعب الظروف التي تبعث على الإحباط واليأس لإعادة إحياء جمهورية جنوب اليمن بشكلها الحضاري والمؤسسي البعيد عن اشكاليات الطائفية والفئوية والعشائرية الرثة.
من حق شعب الجنوب اليمني اليوم المطالبة والعمل الحثيث من أجل إعادة حريته السليبة التي سرقتها أوهام الوحدة المتسرعة وغير المدروسة, والتي أنتجت فظائع دموية مؤسفة وأضاعت التراث النضالي الحافل والمجيد لشعب جنوب اليمن المصر إصرارا لا يعرف الهوادة على إنجاز مهمة الإحياء الوطني, والمشاركة الفاعلة والحقيقية في بناء اليمن الحضاري الجديد وعلى أسس حضارية مختلفة عن كل ممارسات ورؤى الماضي, فالتجربة الصعبة السابقة قد صقلت الإرادة النضالية للجنوب اليمني صاحب التراث الحافل بالمقاومة, والمجد والبناء, وشعب جنوب اليمن يرفض التحول لمستوطنة ظلامية أو طائفية جديدة, فهو أعلى قدرا وأسمى مقاما من أن يتخلف عن مهمته الحضارية. اليوم يمارس بقايا النظام إرهابا دمويا واسع النطاق لكسر إرادة الجنوب اليمني من خلال اكتساح انتفاضة ساحة الحرية في خور مكسر في عدن, وهو إرهاب سيتلاشى ويتضاءل إمام الإرادة والإصرار النضالي لشعب الجنوب الذي لا يعمل اليوم إلا لتحقيق الانبعاث الوطني الشامل, من المهرة شرقا وحتى جزيرة ميون غربا, وإعادة إحياء جمهورية جنوب اليمن باتت بمثابة خيار ستراتيجي لشعب الجنوب لا تراجع عنه ولا نكوص عن حتميته.
لقد انبثق فجر الحرية اليمنية الشاملة التي كان لشعب الجنوب شرف تفجيرها وإشعال الأرض من تحت أقدام الطغاة, ومسيرة وتضحيات آلاف شهداء الجنوب لا يمكن أن تتوقف عند محطة النكوص, والتجاهل الدولي مريع, والتواطؤ مروع, ولكن عزيمة الشعوب الحرة لا تعرف الكلل ولا الملل, فمرحى لشعب الجنوب العربي وهو يطرز بدمائه عقد حريته الجديد ويرسم راية الاستقلال الوطني الناجز... جمهورية جنوب اليمن الجديدة على أبواب فجر الحرية اليمني.. تلك هي الحقيقة الخالدة.
نقلا عن جريدة الساسة
الكويتية

http://www.al-seyassah.com/AtricleView/tabid/59/smid/438/ArticleID/174605/reftab/36/Default.aspx#.Tx0o0GnsvrY.facebook
هل أعجبك الموضوع:

ليست هناك تعليقات :