أحمد عمر بن فريد
صدى عدن
الاهداء / الى روح فقيدنا الكبير ومعلمنا الأصيل الذي ادرك
الحقيقة قبل الجميع ووقف امامها بكل شجاعة ,
وافنى حياته في صراعها ... فقيد الجنوب الاستاذ / هشام محمد علي باشراحيل
ترى هل يستغبي الجنوبيون انفسهم ! .. ام يستغبيهم احد الى هذا الحد
المخجل ! .. ام انهم لا يرغبون في رؤية الحقيقة كما هي ومن ثم التعامل معها بواقعية
وشجاعة ومسئولية وطنية كما هو مطلوب منهم بل وكما هو واجب عليهم تجاه شعبهم ! .. ولماذا
تمر عليهم جميعا أحداث جسيمة تنبئ بما فيها من مآسي كبيرة وحقائق " مرة – مفزعة
" دون ان تحرك في ضمائرهم ساكنا ودون ان تستفز عقولهم للتوقف امام تفاصيلها المؤلمة
والمهينة لنا وحدنا كجنوبيين !.
ترى هل يمكن القول ان ممارسة الاهاناة .. والاحتقار .. والازدراء
.. والاستضعاف .. والاستخفاف.. والمكر .. والخديعة .. والاذلال .. وحتى القتل .. من
قبل " سلطات الاحتلال " وبشكل شبه يومي تجاه ابناء الجنوب في عدن وفي مختلف
محافظات الجنوب يمكن ان ينتج في آخر المطاف ما يمكن ان نطلق عليه استيطان ل" البلادة
" و " عدم الاحساس " في المشاعر
والعقول لدينا جميعا ؟! .. خاصة وان قوانين الطبيعة تخبرنا ان ماهو " مر
" على اللسان في المرة الأولى يمكن ان يكون " مستصاغ " في المرة الخامسة مثلا !.
اما لماذا اقول هذا الكلام ؟ ! .. لأن الحديث بهذه الصيغة
يكتسب اهميته مما يحمله في طياته من تحذيرات ضمنية للجنوبيين بأنهم باتوا حاليا على
مشارف الدخول في مرحلة خطيرة للغاية يمكن تسميها بمرحلة " متعودة دائما
" .. تماما كما لخص فلسفتها بطريقة ساخرة الفنان الكبير عادل امام .. ولهذا كله
دعونا نحاول ان نستفز عقولنا ومشاعرنا ببعض الحقائق الكبيرة والمخيفة التي باتت اليوم
" اعتياديه " .. وغير مفاجئة بل واعتيادية جدا حتى وان سالت فيها دماء غزيرة
وازهقت معها انفس بشرية لشبان في عمر الزهور.
كان البعض من " ساستنا الكبار " يرى ان توجيه الرصاص
الحي تجاه المدنيين العزل من ابناء الجنوب في مسيراتهم السلمية من قبل جنود الاحتلال
مع بداية انطلاق الحراك الجنوبي , انما يعكس نهج وعقلية الحاكم في صنعاء علي عبدالله
صالح وحده , وانه وبمجرد زوال هذا الرجل من " كرسي الحكم " سوف تتوقف آلة
القتل عن استهداف الجنوبيين , خاصة و أنهم باتوا في نظر المجتمع الاقليمي والدولي يمثلون
" قضية الجنوب " المعترف بها على كافة المستويات وفقا لمنظورهم الخاص , وانه
وفقا لهذا " المعطى السياسي " لايمكن لطرف ينشد الحوار مع ممثل لقضية الجنوب
الا ان يختط خطا مغايرا لنهج صالح الدموي ,
للتعامل مع شعب الجنوب وقياداته ومكوناته السياسية يتضمن نوعا من الاحترام والتقدير
ولو من باب " المكر والخديعة " عقدة الجنوبيين الدائمة في تاريخهم السياسي
مع صنعاء ! .. لكن شيئا من هذا لم يحدث ؟؟
فهاهي مشئية الله تتدخل بطريقة تراجيدية وتضع عبدربه منصور
هادي " ابن الجنوب " في سدة الحكم في ظل دعم اقليمي ودولي غير مسبوق , وليجد
باسندوه نفسه ايضا في منصب رئاسة الوزراء مع بقاء وزير الدفاع محمد ناصر في وزارته
والى جانبه رئيسا للدولة من محافظته ! .. وعلى الرغم من كل ذلك ... فلا زالت
" آلة القتل الشمالية " تمارس بطشها
واجرامها وعنجهيتها تجاه ابناء الجنوب في عدن حتى مع وجود مديرا لأمن عدن من ابنائها
.. فماذا يعني هذا ؟؟
هل يعني ان منصور هادي رجل ضعيف الى هذا الحد الذي لايستطيع
فيه ان يحاسب من يقتلون الابرياء في عدن ! ام ان وزير دفاعه اضعف من ان يحجتج على احد
من قوات الأمن المركزي ! ام ان مدير امن عدن لايملك صلاحيات جندي من جنود يحى محمد
عبدالله صالح !... قد تبدو هذه الاستفسارات المستفزة غريبة فيما لو طرحت في مرحلة الرئيس
السابق علي صالح على اعتبار ان مصطلح " كوز مركوز " كفيلة بتقديم الاجابة
لما يطرح من تساؤلات ! ولكنها تبدو منطقية وواقعية وتنشد الاجابة الفورية في هذه المرحلة
التي يتسيد فيها عبدربه منصور منصب رئاسة الدولة مع تبدل وارتباك وضعف في مختلف مفاصل
السلطة في صنعاء !.
ان افضل " اجابة مكينة " يمكنها ان تحلل لنا حقيقة
ما يحدث ويمكنها ايضا ان تقدم تفسرات منطقية بواقعية شديدة لمأساتنا الكبيرة هي بكل
تأكيد " دموع باسندوة " !!.. فعلى الرغم من ان باسندوة نفسه لا يعلم لماذا
باتت دموعه سخية ومدرارة في مختلف المناسبات في هذه المرحلة بالذات ! الا ان الذهاب
الى الاسباب الحقيقية " النفسية " التي انتجت هذه الدموع سوف يلامس شيئا
من الحقيقة المرة التي لايريد ان يعترف بها باسندوة نفسه ولا حتى عبدربه منصور هادي
او من في دائرتهم الكبيرة من الجنوبيين من انصار ودعاة مايسمى ب " الحوار الوطني
" والذين لازالوا يوفدون ويستقبلون ( الارياني ) هنا وهناك !.
واذا كانت دموع الرجل التي تهطل بغزارة دون ان يعلم صاحبها لماذا
هي كريمة معه الى هذا الحد , فان دماء اللواء / سالم محمد قطن تقدم هي الأخرى
" الحقيقة المرة " للجنوبيين في اكثر المشاهد مرارة وحزنا والما !! وهل هناك
ماهو امر واصعب على المرء من الموت بمثل ما اغتيل به " بن بن قطن
" .
ان الحديث بصراحة ووضوح في هذا الشأن يدعوني الى القول ان
معلومات أكيدة وصلتني من " مصدر وثيق " تفيد بأن الرئيس السابق / علي صالح
قد ساءه كثيرا جملة التغييرات التي اجراها خلفه هادي في مواقع ومناصب عسكرية حساسة
ومنها ذلك الموقع الذي شغله المرحوم سالم قطن في قيادة المنطقة الجنوبية العسكرية
, فما كان من صالح الا ان ارسل الى رفيقه الجنوبي عبدربه منصور برسالة " شفهية
" شديدة اللهجة وبالغة الفجاجة ! حملها اليه .. والقاها امامه بطريقة " مهذبة
" مستشاره الجهبذ عبدالكريم الارياني رئيس " لجنة التواصل " !! , وكان
مضامين تلك الرسالة القاسية " تحذر " عبدربه بأن عليه ان يدرك ان تغيير مهدي مقولة هو الحد الأقصى
الذي يمكن احتماله من قبل صالح ! واما تجاوز
ذلك .. والكلام لصالح في رسالته الشفهية " فان الدم سوف يصل الى الركب " !
وعطفا على مضامين هذه الرسالة , ووقوفا على ملابسات حادثة الاغتيال التي اودت
باللواء / قطن , واستنادا الى تعقيدات " المشهد السياسي " واستمرار القتل
في المنصورة والغموض الكبير الذي يغلف مستقبل العملية السياسية برمتها مابين اطراف
الصراع في صنعاء , فانه يمكن القول ان اغتيال
" بن قطن " هو الرسالة العملية الاولى التي يوجهها صالح الى عبدربه لتذكيره فقط برسالة الارياني الفجة .. وانه يعني
ما يقول ! .
كما ان اغتيال " قطن " واستمرار اغتيال شباب الجنوب بدم
بارد في مسيراتهم السلمية يعتبر من وجهة نظري الشخصية ابلغ رسالة عملية للذين لا يزالون
من اخواننا " ساسة الجنوب " يحلمون بان " اهل صنعاء " يمكن ان
يتحولوا بين ضحية وعشاها الى " رعاة للديمقراطية " و " وبناة للدولة
المدنية الحديثة " ... أو انهم بحسب ما يعتقدون سوف يقبولون حتى بمجرد "
الشراكة الحقيقية " لأي جنوبي في اي منصب فاعل , على اعتبار ان هذه العقلية التي
حولت الوحدة الى احتلال صريح بعد حرب ضروس على الجنوب واهله , هي نفسها التي لم تستحمل ان يبقى شخصا واحدا من ابناء الجنوب – ومن الذين كانوا مخلصين
لهم – في " موقع قرار " عسكري كالموقع الذي لم يمكث فيه سالم قطن سوى اقل
من ثلاثة اشهر !
غير انه من المهم الاشارة الى ان سلسلة الاغتيالات التي طالت
اكثر من 52 عضو قيادي جنوبي خلال المرحلة الانتقالية للوحدة المشئومة والتي دبرتها
ذات العقلية السياسية التي لاترى في الجنوبي الا " مواطن رعوي " هي نفسها
ايضا التي تتجدد اليوم وتجدد فعلها وتؤكد نظريتها التي يمكنها ان تبعد الجنوبي من الحياة
ان هو وضع نفسه في موضع الندية او في موقع سياسي او عسكري يهدد ما يعتقدون انه
" حق أبدي " لهم في السلطة وفي الحكم
, والمفارقة العجيبة الرابطة مابين حوادث بداية التسعينات وحادثة قطن واستهداف انصار
ثورة الجنوب التحررية وما قد يعقبها من حوادث اخرى قد تطال عبدربه منصور نفسه , هو
ان " الاخراج المسرحي " يحدث بسيناريو واحد ! .
ان الحقيقة التي يجب ان يتعامل معها هادي وغيره من المستوزرين
الجنوبيين الذين لايزالون – وكما ثبت عمليا – ان لاحول لهم ولاقوة .. بالاضافة الى
" الساساة العظام " اصحاب المشاريع المتقلبة سريعة التغير والتبدل ادراك
حقيقة واحدة وهي اننا محتلين بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معنى . وان الاحتلال لايجب
ان يتعامل معه اهل الأرض الا بما يؤدي الى خروجه من البلاد الى غر رجعه . وعلى الذين
لازالوا يشككون في هذا ان يثبتوا لي وفقا لما ذكرت اعلاه ان " جنوبيا واحدا
" في سلطة صنعاء او من خارجها يملك
" قرارا سياديا " على ترابه الوطني ! , واذا كانت الحالة التي لا
يملك فيها ابن الارض قراره السيادي على ترابه الوطني نتيجة لتاثيرات خارجية لا تسمى
احتلالا فليخبرني احد جهابذتنا الكبار " العظام " ماذا يمكن ان نسميها اذا
؟؟.
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق