عدن الغد- خاص
من: محمد سعيد سالم
كلنا يعلم أن الإعلام وسيلة هامة وشديدة التأثير في صناعة الرأي العام، وله فاعلية حاسمة في توفير المعلومة، التي تنقل الحقائق، وتصنع القناعات عند الجماهير.
وفي نفس الوقت، لا يمكن لأحد أن ينكر، أن وسائل الإعلام التي تعمل وسط التحولات والتطورات المختلفة في العالم، يمكن أن تتأثر بنظريات سياسية وفكرية وثقافية محددة! أو بأجندات خاصة!!! في نفس الوقت الذي تدّعي فيه التزام الشفافية والمهنية!!.
شعب الجنوب وبعض الأجندات:
هذا الاعتقاد السائد بين الناس، الذي صار اليوم محل قياسات الشعب في الجنوب، على خلفية ما يتم تغطيته عبر فضائيات الإعلام الناطق باللغة العربية، ومدى التزامه خط المهنية وأمانة النقل والشفافية، وحيادية النقل من موقع الأحداث، دون الانحياز الإعلامي المستند لحسابات سياسية، وأجندات المصالح وصراعات النفوذ الإقليمية والدولية.
شعب الجنوب يقدم المئات من الشهداء والآلاف من الجرحى والمعتقلين، منذ مقاومة احتلال نظام صنعاء للجنوب عام 1994، ثم مع انطلاق أول ثورة شعبية تحررية حقيقية عام 2007 لتحرير الجنوب والاستقلال واستعادة الدولة. وبلا شك، لم نَعُدْ في حاجة لتفسير خلفية انطلاق ثورتنا، وقوة الإرادة الكامنة وراءها، التي صنفها خبراء السياسة في العالم، ومنهم الدكتور عزمي بشارة المحلل السياسي لقناة الجزيرة، بأنها باكورة ثورات الربيع العربي، والعديد من المفكرين والسياسيين والصحفيين في دول الخليج والعالم، الذين آمنوا بعدالة قضية شعب الجنوب، وحقه في استعادة دولته المدنية، التي تم الغدر بها من نظام الشمال، ضمن (ارتباط الوحدة) بين البلدين عام 1990.
هذه الحقائق والشهادات الإقليمية والدولية، دفعت شعبنا في الجنوب إلى التعبير عن استيائه المتصاعد من التعمد الملحوظ، الذي تمارسه فضائيات ناطقة بالعربية، ضد حقه في الحضور على وسائل الإعلام، باعتباره شعباً يحمل تطلعاته المشروعة، عبر أعظم صورة من صور النضال السلمي في تاريخ المنطقة!! وخاصة الفضائيات، التي واكبت أحداث البلاد والمنطقة منذ البداية!!
بل ويرى شعب الجنوب، أن الأسوأ، أن تكرس نفسها بعض الفضائيات، إلى ممارسة التضليل الإعلامي، والتزوير في الحقائق ووقائع الأحداث، التي تجري على الأرض، وبالذات في الجنوب، لمصلحة (الأجندات الخاصة)، الموصوفة لدى جماهير الحراك الجنوبي السلمي، وغالبية المكونات السياسية والوطنية والاجتماعية بأجندات (الدوافع والغايات السياسية الخاصة)!.
وهي أجندات، اثبت الواقع أنها قد تغيّر واجباتها المهنية من كفة (المصلحة)!!! ويصير عملها نوعاً من (اللا أخلاق) أو (الدعارة الإعلامية)!
الجزيرة والاتجاه المعاكس:
الكثير، والكثير جداً، في هذا الصدد، وفي عدد غير قليل من ساحات ثورة الشعب الجنوبي على ارض الجنوب، ألزموني بالنظر في هذا التفسير، خاصة فيما يخص قناة الجزيرة، التي كانت أول من واكب خط ثورة الحراك السلمي الجنوبي، عند انطلاقته عام 2007، وما مثلته الثورة في مواجهة احتلال الجنوب، كان الكثير من قيادات وكوادر الحراك وثورة شعب الجنوب ضيوفاً على شاشتها، وحواراتها، وتقاريرها الإخبارية، قبل أن تتحول في الآونة الأخيرة إلى (الاتجاه المعاكس) الذي يعتبر (التطلعات المشروعة للشعوب) موجودة في عاصمة واحدة فقط!! أو لدى حزب الإصلاح والإخوان المسلمين!!.
قنوات أخرى:
الذي يشمل قناة الجزيرة، يرى جنوبيون كُثْر، انه يشمل –أيضا- شرف المهنة لدى قنوات أخرى، مثل: العربية، B.B.C، روسيا اليوم، فرنسا 24، والعالم. والتقييم هنا يرتكز على شعب يطالب بحقه في الحرية والاستقلال، والانتصار لحقوق الإنسان، وبناء دولته المدنية المستقلة.
مؤامرة الانتخابات وصناعة الكراهية:
وقد كشفت (مؤامرة الانتخابات) نظام الاحتلال، لاختيار (الرئيس التوافقي) حجم الأكاذيب الإعلامية، وفجور الممارسة الصحفية، التي تمارسها قناة (سهيل) بحق نضالات وتضحيات أبناء عدن وشعب الجنوب، لمصلحة شعار (الإسلام هو الحل)، مع أن المؤمن يمكن أن يقع في أي شي، إلا إن يكون كاذباً!!
لقد فشلت الانتخابات في الجنوب! وفشلت في صعدة والجوف وحجة، وقاطعها مئات الآلاف من شباب الثورة المستقلين في الشمال، فكيف صار الإقبال كبيراً، وفي 18 محافظة، وفقاً للنغمة المملة، والمعزوفة الهابطة، التي صارت (عرضاً خائباً) لدى سهيل، وللأسف بالتعاون والتنسيق مع الجزيرة عبر أعضائها العاملين لدى جماعة الإخوان المسلمين.
أن هذا (الفجور الإعلامي)، والتعمد الواضح لإسقاط الكذب على تضحيات ونضالات شعب الجنوب، هو الآن يعمق الكراهية، ويزيد من قوة وحدة الرفض لكل ما هو (شمالي) ينتمي إلى نظام الاحتلال ورموزه وأعوانه، الذين يريدون استمرار معادلة الاحتلال على ارض الجنوب وشعبه، وعلى الشعب في الشمال.
والغريب هنا، كما يتساءل أهلنا في الجنوب، وكل نُخًبه السياسية وقواه الوطنية والاجتماعية: (ما مصلحة الجزيرة، في الترويج لهذه الكراهية، وتعميقها بين شعبين: أحدهما في الجنوب والآخر في الشمال؟!).
إذا كان هدف الجزيرة، هو صناعة الكراهية التي تؤدي إلى تقسيم المقسم، وتجزئة المجزأ، فعليها اختصار الطريق، لأن الخط المستقيم هو اقصر طريق بين نقطتين!! وقضية شعب الجنوب، قد تعيد إليها بعض المصداقية التي فقدتها بتوظيف القناة لأجندات خاصة. دون أن تنسى انه أيضا لشعب الشمال قضية.
المراسل الشمالي والعداء للجنوب:
لقد بات التنسيق بين الجزيرة وسهيل، بالنسبة لشعبنا في الجنوب، أمراً مفضوحاً وهو يرفع معدلات الإصرار والإرادة على التحرير والاستقلال واستعادة الدولة!!
أما العربية فهي قناة ملتزمة بكامل الولاء للأشقاء في السعودية، ولا يسهل عليها الخروج عن سياستها وتوجهاتها، التي أبرزها: ( دعم النظام في صنعاء، ومكافحة المشروع الثوري للتغيير، وتطلعات الشعوب نحو الحرية والاستقلال، إلا إذا اتسق مسارها مع نهج السياسة المعتمدة لديها...!).
ويبدو واضحاً في نهج الجزيرة والعربية، من خلال تكريس اعتمادها على مراسلين ومديرين (منتمين إلى الشمال)، دعم التوجه المعادي لشعب الجنوب، وقضيته العادلة والمشروعة بإجبارهم على توجيه التغطيات الإخبارية، أو اختيار شخصيات للحوار، أو التحليل السياسي، لزيادة الانحياز غير النزيه ضد الجنوب وقضيته!
ومما يزيد الطين بله في هذا الأمر، أن المدير أو المراسل الشمالي، بحكم طبيعة انتمائه المناطقي والسيكولوجي والثقافي للشمال، يعتبر إرادة التحرير والاستقلال في الجنوب (عملاً معادياً لمصالحه)، ولهذا يحدث (الاندماج غير النزيه) بين مصالحه ومصالح القناة التي يعمل لها.
BBC والحياد التائه:
ومع B.B.C حدث الأمر نفسه! فلم تنتبه (بقصد أو بدون قصد) إلى أهمية الدفاع عن سمعتها المهنية، التي تميزها عن الجزيرة والعربية، ووقعت في فخ تسليم أخلاق المهنة وشرف الممارسة في نقل المعلومات والأحداث، إلى أشخاص من (الشمال) لهم ولاء واضح لأطراف الصراع الجاري على الأرض بين الشمال والجنوب، أو بين الشماليين أنفسهم، مثل جماعة الحوثيين، ومكونات نظام الاحتلال!! مع أن هذا (السقوط) لا يبدو واضحاً بقوة في تغطياتها وحواراتها بشان الأحداث وثورات الربيع في العالم العربي!!
ربما أن B.B.C، مازالت تنتظر التأكد من حقيقة أن انتخابات نظام الاحتلال قد فشلت، ورفضها شعب الجنوب، وان اللقطات الهزيلة التي حاول عسكر النظام وحزب الإصلاح بثها من عدن لأكثر من قناة، ومن موقع تم ترتيبه لهذه اللقطة، أثبتت وبشكل قاطع صحة فشل الانتخابات، وان هذا الفشل هو اكبر حدث دلل على وحدة الجنوبيين، وعلى أول ممارسة لحق تقرير المصير من شعب الجنوب على أرضه!!.
على B.B.C ألا تتأخر كثيراً في جهودها لاستعادة حيادها على ارض بلادنا، وألا تسلم سمعتها بالكامل لمراسلين، مازالوا على ولاء لمناطقهم الشمالية ولمطابخ الأجندات الخاصة. والأمر نفسه مع (بعض) من يتم استضافتهم للتعليق والتحليل على أحداث الجنوب من غير الجنوبيين!!
قنوات التوازن:
مع كل ما تقدم، لا يمكن لأحد –غير الله- لجم ثورات ونضالات الشعوب من اجل حريتها واستقلالها! ولأن الكون والملك لله وحده، وهو الذي يدفع الناس بعضهم ببعض حتى لا تفسد الأرض، انتشرت في عالم الفضائيات والإعلام، منابر لها أيضا لمصالحها وأجنداتها، ومراتبها من الالتزام بالمهنية الصادقة، وأخلاقيات الشرف الإعلامي. مثل: قناة العالم، التي كان دخولها ساحة الأحداث في المنطقة، إضافة مهنية طيبة، وكانت ناقلاً أميناً لتطلعات شعب الجنوب، وشعوب أخرى.
ومع ظهور قناة روسيا اليوم، وفرنسا 24، وقنوات أخرى، تحقق توازن كبير، وصار من السهل كشف الكذب والتزوير، الذي تمارسه (بعض القنوات)!!!.
وهو ما بدأ واضحاً في فضح أكاذيب نظام النفاق اليمني في صنعاء، والقنوات الموالية له، أو المستفيدة من ذلك، في شان انتخابات نظام الاحتلال. وقد أظهرت بوضوح (سيادة شعب الجنوب) على أرضه، برفضه الشامل لها، رغم القافلة الجديدة من الشهداء، التي قدمها من اجل السيادة والحرية.
رسائل من انتصار الجنوب:
لقد فشل الاحتلال والإصلاح، وانتصر شعب الجنوب، وبتضحياته كسر الحصار السياسي والإعلامي، الذي تحاول سهيل والجزيرة والعربية للأسف، ونظام الاحتلال والإصلاح فرضه على شعبنا، وتضحياتنا.
من الجنوب وشعبه، بعد فشل انتخابات الشمال والاحتلال في الجنوب، هذه الرسائل:
(1). رسالة أبناء منطقة الوضيع في أبين (مسقط رأس رئيس توافق النظام عبد ربه منصور) بمنع إجراء الانتخابات على أرضهم، في نطاق الرسالة الكبرى لشعب الجنوب، والوفاء والانتماء.
(2). إعلان النتائج بأي نسبة، هو إعلان نظام الاحتلال الشمالي في صنعاء. ولا علاقة لشعب الجنوب به، ولا الحوثيين.
(3). النتائج ليس هناك ما يثبت صحتها، حتى على مستوى الشمال، وإعلانها مطلب إقليمي ومصالح دولية مؤقتة.
(4). هل ستأتي لحظة ما، يقال فيها أن النتائج المعلنة لهذه الانتخابات غير صحيحة، مثلما قال علي محسن الأحمر مؤخراً، أن فوز علي صالح بالانتخابات الرئاسية لم يكن صحيحاً، وان الفائز الحقيقي كان فيصل بن شملان؟!
(5). المراسلون الأجانب (غير الشماليين) في الفضائيات، كانوا يكررون أسئلتهم بشان واقع الرفض في الجنوب، وفي صعدة، وكأن ضيوفهم الشماليون يصرون على (الحنث العظيم).
الفجر قادم إن شاء الله:
وأخيراً، تحية لشعب الجنوب العظيم. تحية لقافلة الشهداء الجدد، ولكل الشهداء. تحية لكل الجرحى والمعتقلين. ونقول للجميع: (اصبروا، و صابروا، ورابطوا. فكلما زادت ظلمة الليل سواداً، كان ذلك إعلاناً بقدوم الفجر).
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق