المكلا اليوم / د. حسين العاقل
حضرموت هي الجنوب وعمقه الاستراتيجي في حضرموت الجنوب.. شاهدت حقول النفط المنهوب !؟
وخزة لا بد منها:
ليس هناك ذنبا فضيعا أو خيانة عظمى يمكن للإنسان أن يرتكبها في حق وطنه وشعبه، مثلما هي الدعوات المغرضة التي يسمعها أبناء الجنوب من بعض الباحثين عن مكاسب وغنائم خاصة ! وهم يتسابقون باسم (حضرموت) لتقديم خدماتهم على أنهم الأوصياء الجدد القادرون على تمزيق خارطة الأرض الممتدة عبر جسور الهوية والتاريخ من نقطة الحدود مع سلطنة عمان (ضربة علي شرقا) وحتى بوابة المضيق الدولي (باب المندب غربا).
نعم: لربما تكون تلك الدعوات المثيرة عبارة عن محاولات تعبيرية لرفض الواقع الاحتلالي لنظام صنعاء المتخلف، والاستباحة الهمجية لثروات الوطن الخاص (حضرموت) ! أو أنها كما يعتقد المهتمون بالشأن الجنوبي نوعا من الهروب والتخلي الذاتي عن الواجب النضالي لتحرير المساحة الكلية، تحت أوهام ومزاعم لا يمكن قبولها مقارنة بما أصاب الجنوبيين جميعهم من ويلات وخراب ونهب وإبادة جماعية، تستدعي بالضرورة من أصحاب تلك الدعوات أن لا يكونوا المطية لمأرب استعمارية سادت ثم بادت !؟ فهل هم يجهلون خطورة أهوائهم الذاتية وأبعاد نتائج دعواتهم التمزيقية لأرض الجنوب ؟ والسؤال الأكثر غرابة هو: كيف يقبلون على نفسهم أن يتحولون إلى وكلاء أو بالأصح وسطاء لأطماع الجارة الكبرى ومؤامرات نظام الاحتلال في تجزئة الجنوب وإرجاعه إلى عهود التشظي وكيانات التشرذم ولماذا نسمعهم يتهامسون بكل صلافة عن فصل حضرموت أرضا وشعبا وتاريخ وهوية عن جسدها الجنوبي ؟ متناسين بقصد أو بدونه بأن حضرموت هي قلب الجنوب، وخارطة الامتداد الطبيعي له عبر مراحل التاريخ، فحضرموت ليست بقرة حلوب تعرض بسوق المزاد السري، كما أنها أيضا ليست إقطاعية خاصة قابلة للرهن والوصاية أو الانتداب !؟.
وحتى تكون وخزتنا محسوسة وصيحتنا مسموعة نقولها لكم أيها الساعون بنوايا اجتهاداتكم (..... ؟) إلى مشروع قيام (دولة حضرموت الكبرى) بأن حضرموت هي (العمق الاستراتيجي لأرض الجنوب ومصدر قوة دولته المدنية والحضارية القادمة)، وأنه لمن العيب عليكم رغم مكانتكم السياسية والاجتماعية أن تكونوا في هذا الزمن العصيب وبعد كل هذه التضحيات الجسام، أصحاب مشاريع أنتم أكثر من غيركم علما وإدراكا بعواقبها الوخيمة على شعبكم الجنوبي الصابر والصامد والمصمم على تحرير أرضه المقدسة، واستعادة دولة النظام والقانون دولة العدل والمساواة، والتي ستكونون فيها ولها مصدرا للفخر وعزة الانتماء.
القطاعات النفطية في محافظة حضرموت:
من خلال الزيارة الميدانية والمشاهدات الواقعية إلى المديريات التي تشرفنا وسعدنا بزيارتها، فقد حرصنا على معاينة ورصد بعض ما أتيح لنا مشاهدته من مظاهر النهب وبالذات مناطق حقول النفط ومنشآته وشبكة أنابيب نقله من قطاعات إنتاجه بوادي المسيلة وحتى ميناء الشحر (الضبة) وحتى تكون الحقائق واضحة وموثقة بالبيانات الرسمية، حول حقيقة ما تختزنه أرض الجنوب بعامة وحضرموت بخاصة من ثروات معدنية وبخاصة الثروة النفطية، حيث تشير الخرائط الجيولوجية ومنها الخريطة رقم 1 إلى أن الدلائل والصفات الترسيبية للطبقات الصخرية وطبيعة تكويناتها خلال العصور الجيولوجية المتعاقبة، تؤكد على وجود كميات كبيرة من الثروات المعدنية، التي يمكن للمهتمين والمتخصصين في علمي الجيولوجيا والجيوفيزيا وعلم الاستكشافات النفطية، القائم على تحليل الصور الجوية والمسح الزلزالي متعدد الأبعاد، من تحديد المكامن الترسيبية لمختلف أنواع المعادن.. وعلى ضوء الرموز الخاصة لمفتاح الخريطة الجيولوجية وغيرها من الطرق والوسائل العلمية والتقنية الحديثة، يتم معرفة حجم الثروة المعدنية وصفاتها النوعية ومدى الجدوى الاقتصادية والتجارية في استغلالها، وما يترتب على ذلك من نتائج لعمليات استثماراتها.
خريطة الجيولوجية رقم 1 تبين التكوينات الرسوبية للطبقات الصخرية للجمهورية اليمنية، والتي بواسطتها يمكن معرفة مكامن الترسيبات المعدنية بحسب التتابع التاريخي لعصور الأزمنة الجيولوجية
المصدر: الجمهورية اليمنية، وزارة النفط والمعادن، هيئة الاستكشافات النفطية، Petroleum Exploration and Production Authority, 2011
وبموجب المعطيات المتاحة والمحدودة بفعل السرية التامة وحرص نظام سلطة النهب والفساد بصنعاء في التكتم وإخفاء الحقائق حول عمليات الاستثمارات الواسعة للثروات المعدنية ونتائجها في محافظات الجنوب وأهمها محافظات شبوة وحضرموت والمهرة، فإن عقود الاتفاقيات المبرمة مع أكثر من 54 شركة نفطية عالمية وحوالي 50 شركة وهمية تسمى خداعا باسم الشركات المحلية، معظمها أن لم تكن جميعها عبارة عن شركات خاصة لمتنفذين في السلطة من الأسرة الحاكمة ورجالات القصر الجمهوري من (مشايخ وقادة عسكريين وبيوت تجارية وأصحاب نفوذ محترفين أعمال السمسرة واللصوصية) وجميع هذه الشركات حتى عام 2007 تتوزع فقط في أراضي محافظات الجنوب منها 42 شركة نفطية عالمية ومحلية تعمل في م/ حضرموت، ونحو 16 شركة عالمية ومحلية في م/ شبوة، والباقي تتوزع في بقية المحافظات والمياه المغمورة بخليج عدن والبحر العربي وحتى جنوب أرخبيل سوقطرة بالمحيط الهندي.. والشيء المثير للغرابة والاستفسار هو: أن هناك تنافس محموم وتحالف وشراكة بين الشركات في عمليات التنقيب والاستكشاف وإنتاج النفط الخام أيضا !!؟؟. فبرغم من تقُسيم مساحة محافظات الجنوب البرية والبحرية إلى 92 قطاعا نفطيا، منها 43 قطاعا نفطيا في م/ حضرموت، و18 قطاعا نفطيا في م/ شبوة و8 قطاعات نفطية في م/ المهرة و24 قطاعا نفطيا في المياه الإقليمية المغمورة (سالفة الذكر)، إلا أن أكثر القطاعات النفطية تشترك في استثماراتها ما بين 3-5 شركات عالمية وهذا يدل بكل وضوح على وجود كميات كبيرة للخام النفط في هذه القطاعات النفطية، وآلا كيف يمكننا تفسير هذه الشراكة بين الشركات وتوافقها على تقاسم حصص النهب مع رموز الفساد في نظام سلطة صنعاء، الذي وضع أرض الجنوب مباحة ومفتوحة لكل الطامعين والعابثين بخيرات وثروات الشعوب التواقة للحرية والسيادة على أراضها ومواردها الطبيعية.
وفي ما يتعلق بالقطاعات النفطية في م/ حضرموت والبالغ عددها 43 قطاعا نفطيا منها 7 قطاعات منتجة للنفط، و17 قطاعا نفطيا في مرحلة الاستكشافات وحوالي 19 قطاعا نفطيا مفتوحا، أي أنها لم تزل معروضة للترويج ومباحة لمن يدفع الثمن من تحت الطاولة !؟ وتتوزع حسب المعطيات الآتية:
أولا: القطاعات المنتجة للنفط الخام
تحتل م/ حضرموت المرتبة الأولى في عملية الاستثمارات الوهمية لخام النفط والغاز الطبيعي، حيث تصل عدد القطاعات المنتجة للنفط فيها إلى 7 قطاعات مساحتها الإجمالية حوالي 10,443 كيلو متر مربع، وتقدر عدد الحقول المنتجة للنفط فيها حتى عام 2007م بنحو 45 حقلا وعدد الآبار 424 بئرا تنتج حوالي 583,000 برميلا يوميا. أي بواقع 212795 برميلا سنويا. وذلك حسب بيانات الجدول رقم (1). أما عملية النقل للتصدير الخارجي فتتم بواسطة شبكة من الأنابيب تتألف من 24 بيبا حجم البيب الواحد 8 هنش، تنقل من حقول الإنتاج بوادي حضرموت (المسيلة) إلى ميناء الشحر (الضبة) تصل مسافتها بنحو 138 كم، انظر الخريطة رقم (2).
خريطة رقم 2 من قلب حضرموت تشفط الثروة النفطية ومن مينا الشحر (الضبة) يصدرها النهابون إلى الأسواق العالمية، بينما شعب الجنوب يعيش حالة الفقر والبؤس والمجاعة والاستبداد
ثانيا: القطاعات النفطية الاستكشافية
تخضع حوالي 17 قطاعا نفطيا في م/ حضرموت للعمليات الاستكشافية، تقدر مساحتها الإجمالية بحوالي 80,496 كيلو متر مربع، وعدد الحقول الاستكشافية فيها حتى عام 2007م حوالي 60 حقلا، وربما هناك حقول وقطاعات قد دخلت مرحلة الإنتاج خلال الأربع السنوات الماضية، فليس من المعقول أن تبقى الشركات العاملة طوال هذه المدة دونما حصولها على نتائج مشجعة للنفط وهي تمتلك التقنيات الحديثة والخبرات العلمية والوسائل المتطورة في عمليات المسح والتنقيب والحفر الآلي للآبار بسرعة فائقة !؟ ويمكن معرفة القطاعات الاستكشافية بحسب معطيات الجدول رقم 2.
ثالثا: القطاعات النفطية المفتوحة
تشير البيانات الرسمية لوزارة النفط والمعادن إلى أن هناك حوالي 51 قطاعا نفطيا ما زالت مفتوحة للترويج الاستثماري، منها 19 قطاعا في محافظة حضرموت، تقدر مساحتها الإجمالية بحوالي 170,720 كم2، كما يبين ذلك الجدول رقم 3 بالإضافة إلى 8 قطاعات نفطية مفتوحة تسمى حسب التقاسم السلطوي بالقطاعات البحرية لمختلف الجهات الأصلية والفرعية لأرخبيل سوقطرة، وتقدر مساحتها بحوالي 152,504 كم2.
الأرض المحتلة لمن يستثمرها بالقوة !:
تحت هذا المفهوم الاستبدادي استطاع جهابذة الفساد اليمني من بسط نفوذهم الهمجي على كامل المساحة البرية والبحرية لأراضي محافظات الجنوب، حيث تمكن المتنفذين في سلطة نظام صنعاء القبلي، من الاستيلاء والاستحواذ بالقوة على مساحات كبيرة صرفت لهم من قبل رئيس النظام المخلوع (علي عبد الله صالح) بطرق غير مشروعة، وهذه المساحات تعد حسب المفهوم القبلي مملوكة كغنيمة حرب لمن احتلها واستباح سيادتها وتعسف كرامة شعبها فهي بذلك تتحول من ملكية الدولة (الملكية العامة للشعب) إلى ممتلكات خاصة يحق للباسط عليها بقوة النفوذ العسكري والقبلي التصرف بها على هواه وكيف ما شأ.. ووفقا لهذا الوعي والثقافة التقليدية للمجتمعات القبلية تعتبر مساحات القطاعات النفطية الثلاث (المنتجة والاستكشافية والمفتوحة) في المحافظات الجنوبية من الملكيات الخاصة للمستحوذين عليها من زعماء القبائل ورموز النظام اليمني المحتل لها بالقوة منذ جريمة الاحتلال لأرض الجنوب عام 1994م فإذا اقتصرنا نتيجة ذلك على مساحة القطاعات النفطية الثلاثة في محافظة حضرموت، فأن النتيجة المعطاة ستكون على النحو الآتي:
"مساحة القطاعات المنتجة للنفط (10,434 كم2 + مساحة القطاعات الاستكشافية 69,649 كم2 + مساحة القطاعات المفتوحة 170,720 كم2) وتساوي= 250,803 كم2 وهذه المساحة تفوق مساحة م/ حضرموت البالغة حسب التقسيم الإداري لنظام الاحتلال حوالي 193,032 كم2 أما إذا اعتمدنا على مساحة القطاعات المنتجة للنفط والقطاعات الاستكشافية فقط على اعتبار أن النظام قد تم له التصرف بها وتمليكها لأشخاص من خارج المحافظة فهي تقدر بنحو 80,083 كم2، وتمثل نسبة 41,5% من المساحة الإجمالية لمحافظة حضرموت !؟ وهذا يعني أن هذه المساحة قد صارت مملوكة للمحتلين وليس لأهلها الشرعيون من أبناء الجنوب عامة وأبناء حضرموت خاصة الحق فيها" فهل وصلت الرسالة إلى من يهمه الأمر ؟.
في الحلقة القادمة سنكشف خلاصة الزيارة ونتائجها المثيرة ورمضان كريم وكل عام والجميع بخير ونصرا قريب لشعب الجنوب في استعادة أرضه وثرواته ودولته المغدور بها. d_aqeel2010@yahoo.com