ملاحظة: لم اُرد من خلال مقاليّ هذا أنّ اُقارن بين قضية الجنوب وقضية تونس بقدر ما أردت التركيز على الثورة والاسباب التي ادت إلى نجاحها, فقضية الجنوب هيّ قضية لها طابع سياسي وبوحدة سياسية اسقطتها الحرب, بينما قضية تونس حقوقية وذات طابع اخلاقي يتعلق بحرية التعبير والعدل وحقوق مواطنة متساوية وتوفير فرص عمل وغيرها, هذا باختصار ما أحببت قولة والله من وراء المقصد. يكادُ ينقضي شهر واسبوعين تقريبا على ثورة الياسمين في تونس كما يُحب البعض تسميتها ,تلك الثورة التي كان للشاب محمد بوعزيزي رحمة الله علية الفضل في إشعالها
لتحترق تونس برمتها وتقضي على حكم ديكتاتوري مستبد حكم البلاد ما يقارب 23 عام بقبضة من حديد, صاحبة فساد مالي واداري كبير هيّمن على مفاصل الدولة. لم تكن ثورة تونس ثورة جياع وإنما كانت ثورة العزة الكرامة التي تنبع من داخل الشعوب الحرة التي تأبى الظلم والفساد والاقصاء وتقف كأجبال شامخة في طريقة. فشعب تونس كغيرة من شعوب العالم طوّاق إلى الحرية, ولكن هناك عدة اسباب ساعدت على نجاح الثورة في تونس, اُلخصها كما يلّي:
أولا الوعي الثقافي: لقد كان للوعي آثره الكبير في نفوس التونسيين للتخلص من الخوف الذي رافقهم مدة 23 عام هي حكم الديكتاتور, فشعب تونس متعلم والامية تكاد تكون منعدمة.
ثانيا عفوية الجماهير: تأتي تلك العفوية مقترنة بالوعي وثقة التونسيين بأنفسهم لتقطع الطريق على الاحزاب لتوظيف الثورة سياسيا وتصفية حسابات خاصة وتحقيق طموحات فردية.
ثالثا تحديد اهداف الثورة: لقد حسمت الجماهير التونسية آمرها وحددت هدفها وهو رئيس البلاد وحاشيتة واركان النظام وعملت بجد على تنحيته.
رابعا التشبث بالمطالب: أثبتت الجماهير التونسية تشبُتها بمطالبها وهو اسقاط الحكومة في خطابا صريح وشجاع وعدم قبولها بأي مساومة او بأنصاف الحلول او تريث يعطي للحاكم فرصة استعادة انفاسة,فتصعيد الاحتجاجات كانت الصفة الجميلة التي برزت في ثورة الياسمين.
خامسا تلاحم الشعب: انطلقت شرارة الثورة من محافظة[سيدي بوزيد] في وسط تونس لتُعرج على المحافظات الواحدة تلو الاخرى ويلتحم الشعب مع بعضهم البعض لبلوغ هدفهم, مما ادى إلى تصدع النظام وهروب الرئيس.
سادسا دور الاعلام والانترنت:يأتي دور الأعلام والانترنت ليلعب دوراً حيويا منذ
اندلاع المظاهرات, فلقد قضى كلّ المدونون التونسيون تقريبا جُلا وقتهم لتغطية جميع
المظاهرات مباشرة واماكن التجمع للجمهور المتعطش ليوم الخلاص, والأنترنت قدم
ايضا في السابق خدمة لشعب تونس من خلال تسريبات[ويكي ليكس] عندما اكتشفوا بأن الامريكيين يساندونهم الراي في فساد الرئيس وحاشيته.
اندلاع المظاهرات, فلقد قضى كلّ المدونون التونسيون تقريبا جُلا وقتهم لتغطية جميع
المظاهرات مباشرة واماكن التجمع للجمهور المتعطش ليوم الخلاص, والأنترنت قدم
ايضا في السابق خدمة لشعب تونس من خلال تسريبات[ويكي ليكس] عندما اكتشفوا بأن الامريكيين يساندونهم الراي في فساد الرئيس وحاشيته.
سابعا دور الجيش: لقدّ كان للجيش آثره البالغ في نجاح الثورة من خلال رفض التعليمات المباشرة من رئيس الدولة لمواجهة الاحتجاجات إلى جانب قوات الأمن, بل على العكس دافع عن المواطنين من قمع الشرطة في بعض المظاهرات. لقدّ كانت هذه من اهم الاسباب لنجاح ثورة الياسمين في تونس في زمن قياسي لم يستغرق سوى شهر واحد تقريبا وبخسائر في الارواح لم تتجاوز 100 قتيل لِتُطيح بهرم الدولة, بينما ثورة الجنوب اليوم تدخل عامها الرابع وبخسائر بشرية هائلة دون تحقيق تطلُعات جماهيرها في تحقيق الهدف المنشود وهو [فك الارتباط عن ج.ع.ي] الثورة الجنوبية السلمية: كما كُلنا يعلم أنّ لكل ثورة من ثورات العالم اسبابها وظروفها الذاتية والموضوعية ولكنّ هذا لا يمنع منّ وجود بعض القواسم او الاسباب المشتركة بين ثورات العالم. بالنسبة للثورة الجنوبية يوجد فيها من الاسباب المشابهة التي ادت إلى انتصار ثورة تونس مع اختلاف بسيط يكمن في كيفية توظيف هذه الاسباب توظيفاً صحيحا, فاذا اخذنا على سبيل المثال (1) تلاحم الشعب:لايستطيع احد ان يُنكر دور الجماهير الجنوبية في تلاحمها وخروجها إلى الشارع بمئات الالوف او مقاربة للمليون ولكن ذلك التلاحم والزخم الجماهيري كان يحصل بين الفينة والاخرى في مناطق شبة نائية وبتواقيت مختلفة ولم يكن يدُم سوى بضع ساعات ومن ثُمّ يذهب كلاٌ إلى حال سبيلة. (2) الأعلام والانترنت:أنّ كانت دوائر الأعلام قد اعرضت عن القضية الجنوبية ولأتذكرها إلا على استحياء لأسباب كُلنا يعرفها, فهنا يأتي دور النخبة الجنوبية المفكرة لإيصال القضية الجنوبية للمحافل الدولية أكان ذلك من خلال اللقاءات او المراسلات او المدونات والمواقع الالكترونية ويشترط ان تكون بلغات عدة. أنّ طريق الاستقلال لن يكون مفروشا بالورود وإنما مزروعا بالأشواك وأنّ الاستغلال الصحيح للأسباب والعمل بوتيرة عالية من شأنه أنّ ينجز الكثير على الساحة السياسية وبأقل الخسائر الممكنة.
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق