السبت، 1 سبتمبر 2012

الحراك اليمني الجنوبي: فروقات الهوية

إبراهيم حمودة
إذاعة هولندا العالمية - 
بعد مرور أكثر من عقدين من الزمان على الوحدة بين اليمن الشمالي والجنوبي التي بدأت طوعية ثم تحولت إلى حرب شنها اليمن الشمالي تحت شعار (الوحدة أو الموت) يزداد الزخم الشعبي المطالب بفك الارتباط. فالوحدة اليمنية قد فشلت ويجب التخلص سريعا من الاحتلال الجاثم على ارض اليمن الجنوبي، هذا ما يقوله الدكتور محمد علي السقاف الأستاذ الجامعي والقانوني اليمني في حوار له مع القسم العربي لإذاعة هولندا العالمية.

مظاهرة
زار السقاف هولندا للمشاركة في التظاهرة التي نظمها الحراك الشعبي الجنوبي بمدينة لاهاي الهولندية يوم الجمعة وذلك على خلفية "ازدياد عمليات الضغط والقمع الممنهج ضد شعب الجنوب مثل عمليات القنص والاعتقالات وقطع الكهرباء والماء، ولأجل فك الأسرى والمعتقلين في سجون النظام اليمني، ولكسر الحصار الإعلامي العربي على قضية الجنوب"، بحسب ما أفاد به الدكتور حسين جعفر السقاف من المشرفين على المظاهرة.

يقول الدكتور محمد على السقاف إن الوحدة الطوعية بين اليمنين انتهت في العام 1994، لذلك تتحدث أدبيات الحراك اليمني الجنوبي عن أسرى داخل السجون وليس سجناء رأي أو سجناء سياسيين، كما أن تسمية الحراك اليمني الجنوبي ذاتها تكتسب حساسية خاصة لدى إيرادها في سياق الحديث عن المشكلة مع الدكتور محمد علي السقاف الذي يقول معلقا: "والله هو في الأساس تسمية جنوب اليمن أفضل على أساس أننا نحدد موقعنا جغرافيا، لا أفضل تسمية اليمن الجنوبي لأنك تكون في هذه الحالة جزءا من اليمن".
أما عن تسمية السجناء بالأسرى فيقول الدكتور محمد على السقاف موضحا: "في سنة 1994 شن الشمال حربا على الجنوب، معنى ذلك إنهاء مفهوم الوحدة الطوعية وصارت الوحدة بالقوة. لذلك فإن الموجودين في السجون اليمنية حاليا هم أسرى ووجود القوات المسلحة وأكثرها من الشمال في عدن وفي مختلف محافظات جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية السابقة هو نوع من ا لاحتلال العسكري ويفترض بنفس هذا المنطق، وهذا يحتاج إلى نظرة قانونية لفحص هذا الجانب إن كان صحيحا أم لا، إن هؤلاء الأسرى تنطبق عليهم مواثيق جنيف.
تحذير
في ذات السياق يقول الرئيس اليمني الجنوبي السابق على سالم البيض في حوار اجري معه مؤخرا إن دولة جنوب اليمن ستكون عامل امن واستقرار للمنطقة، "ولكن بقاء الاحتلال ومحاولة فرضه على شعب الجنوب هو تعسف للواقع الرافض للاحتلال".

قال البيض ذلك في معرض تعليقه على دعوة الحوار من قبل السلطة الحالية في صنعاء، في الوقت الذي تعود فيه شخصيات كثيرة لجنوب اليمن في خضم تكثيف المطالبة الشعبية بفك الارتباط.
إلا أن الدكتور محمد على السقاف يحذر من أن دعوات فك الارتباط والتخلص من التبعية لصنعاء لا يعني الرغبة في العودة للنظام الاشتراكي الشمولي السابق، كما أنه يحمل القادة السابقين مسئولية ما حدث وتفريطهم في عدم ترتيب الكثير من المسائل الأساسية التي تحكم الوحدة وتنظم عملية الانتقال لوضع ديمقراطي به تعددية حزبية وتضمين ذلك في دستور الوحدة.
يفسر السقاف هذا الاستعجال بتأثير الرئيس العراقي السابق صدام حسين الذي ربما كان يستعجل حدوث الوحدة قبل غزوه للكويت الذي حدث بعد أشهر من ذلك بحسب تحليل الدكتور السقاف: "حدثت ارتجالية وتعجل في الوحدة لأسباب لها علاقة بصدام حسين قبل غزوه للكويت، لم يحدث استفتاء على دستور الوحدة. كما أن الدستور لم ينص على تخصيص منصب نائب للرئيس، وهو أمر تم تقديمه كطعم لقادة الجنوب أثناء توقيع اتفاق 1990 الذين اكتشفوا أن منصب نائب الرئيس غير منصوص عليه في الدستور ولا صلاحيات له إلا تلك التي يحددها الرئيس نفسه، ولذلك فإن الاحتكاكات قد بدأت مبكرة بين الجانبين.
هوية
ليست الارتجالية فحسب هي التي ساهمت في فشل تجربة الوحدة بين اليمنين بحسب السقاف، ولكن الفروقات الثقافية والتكوينية واختلاف الهويات هي من الأشياء التي عقدت ولم تساعد على إنجاح مسألة الوحدة. ففي الشمال هنالك دولتين داخل دولة واحدة ، في إشارة للقبيلة التي يقول إنها تتمتع بنفوذ وتمتلك سلاح لا يتفوق عليه سلاح الدولة كمؤسسة رسمية محتكرة للقوة إلا في مجالي سلاح الطيران وسلاح البحرية. أما في الجنوب فإن الدولة هي الممتلك الوحيد والمحتكر للقوة وأدواتها حيث جردت جميع القبائل من سلاحها عقب خروج الاستعمار مباشرة.

كما أن بإمكان الشخصيات المتنفذة والمؤسسات إدارة سجونها الخاصة بها التي تحتفظ فيها بمن تشاء من المواطنين وللفترة التي تشاء دون محاكمة وخارج النظام القضائي، فحتى جامعة صنعاء كمؤسسة تعليمية تملك سجنها الخاص حسب قوله.
يقول الدكتور محمد علي السقاف إن فك الارتباط بين الدولتين هو أمر واقع ومعاش ولم يتبق إلا الإعلان عنه: "الناس في الجنوب يرفعون الأعلام القديمة الخاصة بجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية مما يبين أن هناك عودة للدولتين. كما حصل نوع من فك الارتباط على المستوى المؤسسي فهناك نقابة للمحامين الجنوبيين ونقابة للمهندسين الجنوبيين ويقول الناس بأن هنالك فرق بين هويتين الهوية الجنوبية والهوية الشمالية".
هل أعجبك الموضوع:

ليست هناك تعليقات :