يافع نيوز – صحيفة الشارع
تاخذ الجهود الني يبذلها السفير سعيد طالب لمسانده القضية الجنوبية منحى قانوني صرف.
وهو يعمل بدأب منقطع النظير لتمرير توصيات للقضيه الجنوبيه في دوائر الأمم المتحده ترتكز على الحق في تقرير المصير، بالرجوع الى مواثيق وقرارات دولية ، مستخلصا الحيثيات التي يرى ان تكفي للنظر بشكل مختلف الى هذه القضية .
يعتقد الرجل انه يحرز تقدما على صعيد إعاده تفعيل القضية الجنوبية في اوساط المجموعة الدولية وطرحها للنقاش كقضية لشعب يسعى لتقرير مصيرة. والواضح ان هناك تنسيق مكثف مع نائب رئيس دولة الوحدة الاسبق علي سالم البيض ، الذي يقود فصيل فك الارتباط في الحراك الجنوبي.
السفير طالب هو ممثل منظمة الليبريشن لدى الامم المتحدة و اللبريشن كلمه تعني التحرير ، وهي منظمة دولية عريقة ذات صفة استشارية لدى الامم المتحدة ويديرها اعضاء في البرلمان البريطاني عن حزب العمال ، وكان ممثلا معتمدا لدى الامم المتحدة للمنظمة الدولية لمناهضة الحروب بين العام ١٩٩٧ و ٢٠٠٠ ، وعمل من العام ٢٠٠٣ الى ٢٠٠٥ في المفوضية السامية لحقوق الإنسان والمنظمة الدولية للخدمات الإستشارية لحقوق الإنسان .
في الحديث الذي أجراه مع صحيفة الشارع عرض مستفيض لجهوده والنتائج التي تمخضت عنها . فإلى نص الحديث:
كل ما نعرفه من خلال متابعاتنا انك ممثل الليبريشن لدى الأمم المتحدة، هل لك أن تخبر القراء ماذا تعني الليبريشن وما طبيعة عملكم لدى الأمم المتحده؟
منظمة الليبريشن، منظمة دولية ذات صفة استشارية لدى الأمم المتحدة. و “اللبريشن” تعني التحرير وهي منضمة عريقة يديرها أعضاء في البرلمان البريطاني عن حزب العمال، وقد لعبت منذ نشوئها قبل ستين عاما دورا لا يستهان به في محاربة السياسة الاستعمار ية في آسيا وأفريقيا التي تميزت بها تلك الحقبة، ومناهضة سياسات الفصل العنصري في جنوب افريقيا شهد لها الزعيم نيلسون مانديلا وأشاد بدورها في اول خطاب له أمام أعضاء البرلمـان في اجتماعهم بمجلس العموم البريطاني. أما فيما يتعلق بعملي فيها فإنني أعمل معها بشكل طوعي كممثل معتمد لها لدى الأمم المتحده، هذا التمثيل يتيح لنا الاشتراك في جميع جلسات هيئات ولجان الامم المتحدة المختلفة بصفة مراقب بل و يمكننا إلقاء الكلمات و تقديم المقترحات المكتوبة والشفوية وقد فعلنا ونفعل ذلك منذ سنوات.
ماذا يمكن أ ن تخبرنا عن طبيعة عملك في الأمم المتحدة ؟ ولماذا لا يعرف الكثير عن سعيد طالب رغم الإهتمام والضجة الكبيرة التي أثيرت في الشارع الجنوبي بالتقرير الذي قدمته للأمم المتحدة في الشهر قبل الماضي؟ و أين كنت قبلها؟
كنا ننحت في الصخر منذ 1994، ولم نكن نكترث بالتغطية الإعلامية لنشاطنا،لذلك عندك حق ان تسأل، كان كل ما يهمنا أن نصل الى نهاية النفق المظلم في الجنوب، وستجد أن الوضــــــــــــــــــع في الجنوب ظل ولا زال محور نشاطنا في الأمم المتحدة، ويمكن أن تجد ذلك مــــــــــــــــــــــــــــــــــــــوثقا في محاضر جلسات مجـــــــــلس حـــــــــــقوق الأنسان وبقية لــــــــــجان الأمم التحدة المعنية، سوء باسمي شخصيا أو باسم منظــــــــــمات دولية كنت ممثلا معتمدا لها لدى الأمم المتحدة خــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــلال التسعينات ومنها المنظمة الدولية لمنــــــــــاهضة الحــــــــــروب ” War Resisters’ International ثم من خلال موقعي في منظمة الخدمات الدولية لحقوق الإنسان “”International Service for Human Rights”" ثم كموظف دولي في مكتب المفو ض السامي للأمم المتحدة لحقوق الانسان الى ان تركته بسبب تدخل السلطات اليمنية والضغط على المفوضة السامية لترك موقعي بحجة أن وجودي يؤثر سلبا على برنامج التعاون التقني بين المفوضية والحكومة اليمنية. واليوم تجدني أعمل بشكل طوعي ممثلا منظمة ليبريشن معتمدا لدى الأمم المتحدة.
هل لك إذن أن توضح لنا جوانب مما تعمل عليه حول قضية الجنوب في مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان حسب ما أثير قبل فترة في وسائل الإعلام؟
رغم أن جهودنا كانت قد استهدفت حث المجتمع الدولي للإضطلاع بدوره في حل القضية الجنوبية، إلا ان المجموعه الدوليه كانت تنظر الى القضيه الجنوبية باعتبارها انتهاكا لحقوق الانسان في إطار الدولة الواحدة، ولم يبق امامنا سوى أثبات أن تلك الإنتهاكات قد ارتقت الى مستوى الجرائم المنظمه، الأمر الذي أدى بالامين العام للإمم المتحدة وفقا لقرار من لجنة حقوق الإنسان بتوجيه رسائل الى الرئيس اليمني لثلاث سنوات متتاليه يدعوه فيه الى إرسال وفود رفيعة المستوى للوقوف امام لجنة الأمم المتحده لحقوق الانسان للتحقيق تحت النظام الإجرائي للامم المتحدة 1503، وهو نظام تحقيقي مهين يخضع للإجراءات السريه بين الدوله المعنيه والدول الاعضاء بشأن الإنتهاكات التي تقدمنا بها.
وقد شهدت قاعة الامم المتحده في جنيف 3 سنوات على التوالي للاعوام 1998 و 1999 و2000 تحقيقا شاملا من قبل الدول الاعضاء مباشرة مع وفود رأسها كلا من عبد القادر باجمال، في العام الاول وفي العام االذي تلاه كان قد وضع إسم رئيس الوزراء أنذاك عبد الكريم الارياني على رأس قائمة الوفد لولا توقفه في دمشق بسبب وفاة الرئيس عبد الرحمن الإرياني، وهكذا شارك عبدالله احمد غانم وعدد من كبار قيادات الامن السياسي والداخليه بمن فيهم وزير الداخليه الحالي، ثم وفد ثالث رأسه علي الانسي مدير مكتب رئيس الجمهوريه ورئيس جهاز الأمن القومي. وقد تمخض عن هذه التحقيقات عما يلي:
- تعهد الحكومة اليمنية بوقف الإنتهاكات.
- الضغط على الحكومه اليمنيه لتشكيل لجنة وطنية عليا لحقوق الانسان.
- تشكيل وزارة حقوق إنسان.
- قبول الحكومة اليمنية برنامج التعاون التقني مع مفوضيه الامم المتحده الساميه لحقوق الانسان وتنفيذ إصلاحات.
لكن، منذ قيام الحراك السلمي الجنوبي اكتسبت القضية الجنوبية من جديد طابعها الدولي وأصبحت تحضى بإهتمام المجموعه الدوليه بمعانات شعب الجنوب و اصبحوا يتعاملون مع القضية الجنوبية بصفتها قضية شعب يسعى الى التحرر والاستقلال، وأكبر دليل على ذلك انه ولأول مرة تم إعتماد نصوص تقدمنا بها الى الأمانه العامه للأمم المتحدة التي اعتمدتها وعممتها كوثائق رسميه على الدول الأعضاء، تتضمن جميعها حق الجنوبيين في إستعادة دولتهم وادرجت ضمن بنود جداول اعمال دورات مجلس حقوق الانسان السادسة عشر والتاسعة عشر والعشرين.
إطلعنا الشهر قبل الماضي على تقرير قدمته كممثل الليبريشن وتم تعميمه رسميا على الدول الأعضاء والمراقبين في وثيقة رسمية من وثائق الأمم المتحدة ضمن جدول أعمال الدورة العشرين للمجلس هل لك ان توضح لنا وللقراء اكثر حول الامر؟
هذه ليست المرة الأولى التي يعتمد فيها الأمين العام تقرير مقدما منا يتعلق بالقضية الجنوبية. في الآونه الاخيرة اصبح حق شعب الجنوب في تقرير مصيره وإستعاده دولته المستقله احد عناوين الوثائق المعتمده لدى الامم المتحده امام مجلس حقوق الانسان حيث اعتمد الأمين العام ثلاث وثائق خلال الدورات الأخيرة للمجلس وعممها كوثائق رسمية على وفود الدول والمنظمات ضمن جدول اعمال دورات المجلس، الأولى عرض للوضع في الجنوب،كماتضمنت نقدا صارخا لمجلس حقوق الإنسان حول تجاهله الاوضاع في الجنوب، والثانية تطرقت للوضع في الجنوب كمثال لفشل المجلس في اطار البند الخاص باعادةاصلاحات مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، والثالثة تضمنت إزاله اسباب الأزمة القائمة منذ 1994، وتضمنت مشروع قرار حول حق الجنوبيين في تقرير مصيرهم واستعاده دولتهم.
بالرغم من أن مداخلاتنا سواء الشفوية او الكتابية ظلت تحمل إنتقادا حادا لتجاهل المجلس وبقية هيئات الامم المتحدة المعنية لأوضاع شعب الجنوب وفشلها في القيام بدورها فيما يتعلق بالحالة في الجنوب، موثقه بالصوت والصوره في ارشيف الامم المتحده، فقد تم اعتمادها، وبمجرد قبول اي تقرير واعتماده كوثيقة رسمية من وثائق الأمم المتحدة وتوزيعه من قبل الأمين العام في اطار جدول الأعمال يعني أنه سيكون مثار اطلاع ونقاش الدول الأعضاء والمراقبة في الأمم المتحدة و المنظمات الدولية الآخرى، ناهيك عن أنها أكسبت القضية الجنوبية طابعا دوليا وأخرجتها من عزلتها الذي تسعى السلطة أن تبقيه شأنا محليا.
سمعنا عن الوثيقة التي اعتمدتها الامم المتحده لكننا لم نسمع بعدها ماحدث بالظبط فهل لك ان توضح لنا؟
كل التقارير بما شملت من توصيات تأتي مكملة لجهود واتصالات مع الدول الاعضاء والمنظمات في المجلس بهدف انتزاع قرار نحاول بكل ما في وسعنا أن يتضمن التوصيات التي وردت في تقريرنا الأخير، وقد تمكنا بالفعل من الدفع بالامور لإدراج الحالة في اليمن في جدول اعمال دورة سبتمبر القادم وعليه تم ارسال وفد من المفوضية السامية لحقوق الانسان الى اليمن وتحديدا الى عدن لرفع تقرير للمجلس في الدورة القادمة حيث نعمل الآن في التمهيد و الدفع لانتزاع قرار لصالح الشعب في الجنوب في دورته التي ستبد في 10 سبتبمبر القادم.
هناك تعبئة مستمرة وحشد نفسي كبير للناس من قبل قوى الحراك الجنوبي حول ان العودة الى ماقبل عام 90م بات أمرا محتما وفي المتناول، فيما يرى محللون كثر عكس ذلك في ضل وضع وعوامل دولية لا تسمح بذلك، فكيف تنظر أنت للأمر بحكم طبيعة عملك؟
المجتمع الدولي مقتنع ضمنيا بان الوحدة الفعلية قد سقطت بحرب 1994، وأنا على ثقة بأنه عاجلا ام آجلا سيدعم قيام دولة مدنية حديثه في الجنوب وكذا في الشمال. هناك مؤشرات تدل على أن الإتجاه نحو التمهيد لإستئناف الحوار بين الشمال والجنوب على قاعدة قراري مجلس الأمن 924 و931 هو الغالب، خاصة وأن الوحده القائمة على الإكراه والقوة اصبحت تشكل مصدر قلق للمجتمع الدولي لما لها من تأثير على الأمن والإستقرار الإقليمي والدولي، الامر الذي يدفع المجتمع ا الدولي الى العمل على ما من شأنه أن يقود الأساس لإعادة قيام دولتين مدنيتين في كل من الشمال والجنوب و تحافظ على الأمن والإستقرار و تحترم حقوق الإنسان وتقوم على أساس تبادل المصالح والمنافع المشتركة مع الإقليم والعالم.
كيف يمكن ان نفهم ذلك خاصة ونحن كثيرا ما نسمع عن تأكيدات لمجلس الأمن والأمين العام حول تأييدهم ليمن مستقر وموحد ؟
ما لمسته في لقاءات مختلفه مع دوائر رسميه أوربية ودولية، أن الوضع في اليمن معقد ويتطلب أولوية إعادة ترتيب الاوضاع في الشمال، وبعدها يتم النظر في استئناف المفاوضات بين الشمال والجنوب. فالمجتمع الدولي يعي تماما بان الحديث عن حل القضية الجنوبية في إطار الحوار الوطني الشامل لن يكتب له النجاح. وما يدور من محاولات لطرح القضية الجنوبية في إطار الحوار الوطني الشامل إنما يأتي في سياق إنجاح المبادرة الخليجية لإعادة ترتيب الاوضاع في الشمال، واكبر دليل على ذلك ان القضية الجنوبية لم تاخذ حيزا في نصوص المبادره الخليجيه، كما لم تتطرق لها اي فقرة من الفقرات العاملة في قراري مجلس الامن الصادرين هذا العام حول اليمن، الامر الذي يؤكد بقاء قراري مجلس الامن 924 و 931 قيد النظر الفعلي .
كنت قبل قليل تشير إلى قراري مجلس الأمن اثناء الحرب, بعض قيادات القوى السياسية يقللون من شأن القرارين لأنهما لم يتطرقا لا من قريب ولا من بعيد إلى ما يعرف باحتلال الجنوب حسب توصيفكم وكذلك قوى الحراك الجنوبي؟
خلافا لما يدعيه كثيرون بأن قراري مجلس الأمن الصادرين هذا العام بشأن اليمن قد تضمنا دعم المجلس للوحدة، والحقيقة أن تلك الإشارة في ديباجة قراري مجلس الأمن 2014 و2051 حول دعم المجلس ليمن موحد شكلية لأنها لم تندرج في الفقرات العامله للقرارين، وكل ما في الأمر انه ذكر شكلا في ديباجتهما، كما هو الحال في العديد من قرارات المجلس المعنية بالسودان قبل انفصال جنوبه، ولذلك يظل قراراي مجلس الأمن رقم 924 و 931 لعام 1994 قيد النظر الفعلي للمجلس وفقا لما جاء في الفقرات العاملة الأخيرة من هذين القرارين.
الحقيقة أن مجرى الأحداث قد جعل من الجنوب شأنا إقليمياً منذ حرب صيف عام 1994 عندما أكدت دول مجلس التعاون الخليجي في بيانها الصادر عن الدورة الواحدة والخمسين لوزراء الخارجية المنعقد في 4 – 5 يونيو 1994م الذي أكد على عدم جواز فرض الوحدة بالقوة. كما أن القضية الجنوبية قد اكتسبت طابعا دوليا بصدور قراراي مجلس الأمن رقم 924 و 931 لعام 1994 اللذين أعترفا ضمنيا بوجود طرفين استدعى النزاع بينهما الى تدويل القضية، و أكدا ضمن جملة أمور “أن الخلافات السياسية لا يمكن حلها من خلال استخدام القوة، وحثا الطرفين على القيام بالحوار فورا ودون شروط مسبقة، مما يتيح التوصل إلى حل سلمي لخلافاتها واستعادة السلم والاستقرار.
وحينها يحق للجنوبين التمسك بحقهم في تقرير مصيرهم واستعادة دولتهم، و يتوجب على كل عضو في الأمم المتحدة الحفاظ على تقرير المصير للأمم الأخرى واحترامه وفقا لمعاهدة فينا لعام 1993 مثل ما حدث في إفريقيا آسيا والكاريبي، والحق في حل الدولة وتغيير شكلها وطبيعتها كما حصل في الاتحاد السوفييتي و تشيكوسلوفاكيا، والحق في الانسحاب أو الإنفصال كما حدث في بنغلادش وارتيريا وجنوب السودان.
ما تطرحه حول القانون الدولي وحق تقرير المصير يتنافى مع ما يطرحه بعض الديبلومسيين المعتمدين لدى صنعاء ومنهم السفير الامريكي ومؤخرا نائب السفير الألماني الذي قال أن الجنوبيون أمام خيارين، إما الحوار وإما الفوضى، وأن حق تقرير المصير يقود الى الفوضى….؟
فيما يتعلق بما جاء على لسان نائب السفير الالماني أن حق تقرير المصير يؤدي للفوضى، فإن خبراء القانون الدولي يرون ان مثل هذا الإدعاء غير حقيقي بل على العكس، إذا نالت الشعوب حقها في تقرير مصيرها، فلن يكون مبررا لافتراض أن العنف والفوضى سيعقب ذلك، وأن حق تقرير المصير لا يمكن أن يكون حكرا فقط على الشعوب المستعمرة مستندين بذلك إلى إعلان “1960″ للجمعية العامة للأمم المتحدة ومضامين العهدين الدوليين الذي حدد بشكل صريح أن حق تقرير المصير حق لكل الشعوب.
جمهورية ألمانيا الإتحاديه دوله عريقه في الأعراف الدبلوماسيه وذو خبرة في قضايا وقف الصراع وبناء السلام. وفي تقديري أن ما جاء على لسان نائب السفير الالماني لا يعكس اتجاهات السياسه الخارجيه لألمانيا الإتحاديه في التعامل مع الازمات هذا من ناحيه، ويتناقض اساسا مع مبادى القانون الدولي من ناحيه اخرى، و ينسف قرارات الجمعيه العامه للامم المتحده المعنية بحق الشعوب في تقرير المصير . وقد تأكد لي من خلال لقاء لي مع ممثل المانيا الإتحادية لدى مجلس الأمم المتحده لحقوق الإنسان في مايو الماضي أن موقف الحكومة الألمانية الضمني ازاء الازمه القائمه بين الشمال والجنوب لا تتفق مع ما جاء في مقالة نائب السفير الألماني، بل وتتطابق تماما مع مضمون ورقة العمل التي بعثها الرئيس علي سالم البيض الى رئيس مجموعة أصدقاء اليمن.
وفي هذا السياق، فإنه من الطبيعي أن تتخذ الحكومة الألمانية اجراءاتها العاجلة تجاهه نائب سفيرها المعتمد لدى صنعاء، لإنه يضر أولا وقبل كل شيئ بمصداقية وسمعة الديبلوماسية الألمانية.
وأكثر من ذلك فإن الموقف الضمني البريطاني يقف مع السياده الإقليميه للبلاد وليس مع السياده الوحدويه حسب تعبيرهم، وهو ما لمسته عند لقائي مع مسئولين في وزارة الخارجيه البريطانيه ووزارة التنمية الدولية عندما سلمتهم رساله من الرئيــس عـــــــــلي ســـــــالم البيض الى رئيس الـــــــــــوزراء البريطاني السيد ديفيد كاميرون تضمنت ورقه عمـــــــــــــــل حــــــول حل الازمــــه بين الشمال والجنـــــــوب حيث أبـــــلغنا خلال اللقاء من قبل مســــئول وزارة الخارجيــــه البريـــــطانيــــــته بــــــــما نصــــه أن مــــــــــــوقــــــــــــف المـــملكة المتـــــــحدة مـــــــع الســـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــيادة الإقليمية ولــــــيس مع شــــــــرعية الوحدة ” The UK position is with Territorial Integrity of Yemen , but not with Unitary Integrity “، وأنهم على استعداد لدعم الجنوبيين شريطة أن يمتلكوا موقفا موحدا مهما كان هذ الموقف. وعلى نفس المنوال وجدت حرصا أوربيا أثناء لقائي بممثلية المفوضية الأوربية لدى الأمم المتحدة، فقد عبروا عن حرصهم في التعجيل بوضع ورقة العمل المقدمة من الرئيس علي سالم البيض امام اجتماع وزراء خارجية المجموعة الأوربية المنعقد في بركسل في مايوا الماضي، كما لمست أثناء لقائي بممثلي رئاسة الإتحاد الأوربي استعدادهم للعمل المشترك فيما يتعلق بالمعاناة الجنوبية.
ما فحوى ورقة العمل هذه؟
ليس من حقي الكشف عن مضمونها، يمكن العودة الى الرئيس علي سالم البيض. واعتقد أن من المناسب الكشف عنها، خاصة والمفوضية الأوربية كانت حريصة على معرفة ردود فعل الشارع الجنوبي أزاء ورقة العمل.
وماذا لو رفضت القوى السياسية التي تمتلك القرار السياسي في البلد بشكل عام دون الحاجة لتحديدها الحوار بين الشمال والجنوب على أساس قراري مجلس الأمن(924 ) و (931) ؟
في حالة تم استئناف المفاوضات برعاية الأمم المتحدة وتعقدت الأمور، حينها يأتي دور حق تقرير المصير الذي يتمتع بالقواعد الدولية الآمرة باعتباره من قواعد القانون الدولي التي أكدت عليه اتفاقية فينا لقانون المعاهدات سنة 1969، ويستوجب حينها على الأمم المتحده كراعيه ان تعمل على تطبيق نصوص قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة العديدة بهذا الصدد والتي تضمنت استفتاء شعب الجنوب على حقه في إستعادة دولته، كما يتوجب على كل عضو في الأمم المتحدة الحفاظ على حق تقرير المصير للأمم الأخرى واحترامه وفقا لقرارات الأمم المتحدة بهذا الشان.
وبذلك يصبح الجنوبيين مخولين بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة في قرار ها رقم 2787 حول حق الشعوب في تقرير المصير والحرية والاستقلال وشرعية نظامها بكل الوسائل المتاحة لها، وبموجب ماجاء قرار الجمعية العامة رقم 3970 الذي ينص على اعتراف جميع الدول الأعضاء بحق الشعوب في تقرير مصيرها واستقلالها وتقديم الدعم المادي والمعنوي وكافة أنواع المساعدات للشعوب التي تناضل من أجل هذا الهدف.
وحينها لن يعد هناك مجال أمام صنعاء سوى الإلتزام بقرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة حول حق الشعوب الشعوب في تقرير المصير باعتبارها دولة طرفا في العهد ين الدوليين اللذين نصت المادتان الأوليان منهما على أن ”تملك جميع الشعوب حق تقرير مصيرها، وتملك بمقتضى هذا الحق حرية تقرير مركزها السياسي، وحرية تأمين نمائها الإقتصادي والإجتماعي والثقافي”علاوة على قواعد القانون الدولي التي أكدت عليه اتفاقية فينا لقانون المعاهدات سنة 1969 وقرارات الجمعيه العامه للامم المتحده ذات الصلة.
لكن هناك من يدعو إلى أن يشمل الإستفتاء الفيدرالية، أو ان يشمل الإستفتاء الشعب في الشمال بحسب آخرين؟
وفقا لقواعد القانون الدولي التي تتضمن استشارة الشعب المعني عن طريق التصويت المباشر حول رغبته في تقرير مصيره واستعادة دولته، فإن أي استفتاء يشمل صاحب الحق في الإدعاء بحقه ، وما هو موجود في الواقع أمرين لاثالث لهما، هل أنت مع الوحدة القائمة بالقوة أو مع رفضها. أما الفيدرالية فما زالت في الخيال وغير موجودة أو مجربة على أرض الواقع، ولذلك، ووفقا لقوعد القانون الدولي والقرارات الدولية المعنية بحق تقرير المصير لن تخضع الفيدرالية للإستفتاء. كما أن من المعلوم أن الإستفتاء لا يمكن ان يشمل إلا سكان الجنوب إسوة بإستفتاء شعب جنوب السودان دون شماله، وإستفتاء شعب تيمور الشرقيه دون الشعب الإندنوسي، والإستفتاء المقرر قيامه لشعب اسكوتلندا في 2014 لإنفصاله عن المملكة المتحدة البريطانيةدون الأخذ برأي الشعب البريطاني.
وفي حال أن مسألة الإستفتاء مرفوضة؟
على المجتمع الدولي ان يقف إجلال وإكبارا للذين استشهدوا في مسيراتهم السلمية، وأن يحترم الجنوبيون الذين سبق وأكدوا نبذهم للعنف والإرهاب، وأثبتوا للعالم أن شعب الجنوب بقيادة الحراك السلمي الجنوبي كان ومازال فعلا شريكا اصيلا في مكافحة الإرهاب. إلا أنه في حاله رفض الأمم المتحده ترتيب إجراء الإستفتاء فانها تتحمل مسئوليه إنزلاق شعب الجنوب نحو إستخدام الكفاح المسلح لتحقيق حقه في تقرير مصيره وفقا لقرارات الجمعية العامة التي نصت على حـــق الــــشعوب في استخدام كافة السبل لممارسه حقهم في تقرير المصير ومنها الـــــكفـاح الـــمسلح. وبذلك يقع على عاتق الامم المتحدة وفقا لقواعد القانون الدولي وقرارات الجمعية العامةمسئولية تمكين شعب الجنوب من حقه في تقرير مصيره عبر ممارسته بالوسائل الودية من خلال الاستفتاء.
وعلى القوى المهيمنة على الجنوب أن تعلم أن إنكارها حق شعب الجنوب في تقرير مصيره واستعادة دولته سيعزز من شرعية الجنوبيين في استخدام القوة للوصول إلى تقرير مصير هم، وهم بذلك يمتلكون الحق في ممارسة الكفاح الوطني المسلح ضد الاستعمار الذي أقرته الأمم المتحدة بقراراتها وإعلاناتها والمواثيق التي أقرتها ومارستها واعتبرت أن الكفاح من اجل تقرير المصير ليس إرهابا، وهذا ما طبق على حالة جنوب السودان، وموريتانيا، وغينيا، والهند و نيجيريا وأخيرا في ليبيا وسوريا.
ألا تعتقد أن في ذلك تحرضا على العنف في الوقت الذي ينبغي على قوى الحرام الجنوبي وأطرافه المتعددة تعزيز العمل السياسي الحقيقي والغائب فيما يمكن أن يخدم القضية الجنوبية التي يتكلمون عنها ليل نهار مكثفينب شحن الناس نفسيا؟
أنا فقط أشرت للأمر من النواحي القانونية تقرها الأمم المتحدة في قراراته ومواثيقها. لكن المؤكد وعلى الواقع أن 90% إن لم نقل جميع الجنوبيين قد أجمعوا على النضال السلمي من أجل الإستقلال واستعادة هويتهم ودولتهم، وهو الجريق الصائب بالفعل. لذلك لم يعد امامهم من طريق سوى ان يلتفوا جميعا حول دعم هيئة التفاوض برئاسه الرئيس علي سالم البيض التي أقرها مجلس الحراك السلمي الأعلى في 11 يوليو الماضي، خاصة وأنه الطريق الأنجع والوحيد الذي سيمكن الرئيس علي سالم البيض من مواصلة حثه للأمم المتحدة بالمنطق والحجج القانونية لترتيب استئناف الحوار والإشراف عليها على أساس قراري مجلس الأمن 924 و931 الذي كان قد بدأ بين الطرفين في جنيف بين ممثلي الدولة التي اعلنها الرئيس علي سالم البيض وحضيت بقبول ضمني من قبل الأمم المتحده الذي تجسد في دعوتها ورعايتها وإشرافها على التفاوض وبين ممثلي نظام صنعاء.
وهكذا، ينبغي على جميع قيادات الاحزاب والمكونات الجنوبيه إعادة ترتيب صفوفها بإتجاه إعداد مشاريعها للتنافس في الإنتخابات المزمع عقدها مباشرة بعد إستعاده الدولة الجنوبيه خاصة وان الرئيس علي سالم البيض قد وعد مرارا بانه سيسعى إلى إستعاده دوله الجنوب وتسليمها الى الجيل الثاني من الجنوبيين.
حينها فقط يمكن للجنوبين أن يثبتوا للعالم أنهم أهل لدولة تقوم على الديمقراطية واحترام حقوق الأنسان وقبلها انهم قادرين على مكافحة الإرهاب وضمان الأمن والإستقرار في أهم موقع استرتيجي في العالم، وقادرين على إدارة الأزمات ومنفتحين على العالم بما يخدم المصالح المشتركة والمنافع المتبادلة.
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق