(بقلم: فاتن جميل)
إذا كنتم تظنون أن كلمة نازحين تنطبق فقط على إخوتنا من أبين الذين نزحوا إلى مدينة عدن نتيجة الأحداث التي ألمت بمدينة أبين فأنتم مخطئون تماماً.
من الممكن أن نقسم النزوح الحاصل في عدن إلى نوعين:
النوع الأول : نزوح علني وهو ما ينطبق على نازحي أبين.
النوع الثاني : نزوح ضمني (غير معلن ) لأبناء تعز.
أما النوع الأول فهو معروف ومفهوم وقد تناولته أقلام كثيرة وبرامج تلفزيونية ووثائقية مختلفة، وهو نزوح معلن تكتظ به مدارسنا ونعاني منه، لكنه واضح وحلوله ستكون واضحة طال الزمن أو قصر.
المشكلة الكبرى تكمن في النوع الثاني، فهناك نزوح مكثف لأبناء محافظة تعز إلى مدينة عدن وهي نقطة تنبه لها علي عبدالله صالح منذ زمن طويل. الرجل ونظامه الصهيوني يعرف تماما إن عدن هي النقطة الفارقة في معادلة الوحدة وفك الارتباط واستغل ميزتها التي أصبحت للأسف أقوى نقطة ضعف فيها، ألا وهي تنوع النسيج الاجتماعي في مدينة عدن، نظام صالح "الصهيوشمالي" انطلق من هذه النقطة واستغلها من خلال ضخ الشماليين خصوصا من محافظة تعز نتيجة للبعد التاريخي بين المدينتين والكامن في التواجد التعزي من قبل الوحدة في عدن وكان يعلم تماما أن ابناء المدينة لن يلحظوا عملية الضخ الممنهج مراهنا على تقارب اللهجة، كانت استراتيجيته واضحة بان الضخ والتغلغل في مجتمع عدن سيحول مدينة عدن إلى ولاية تعزية وستقضي تماما على أي دعوات بفك الارتباط يوما ما.
من أبرز ملامح المخطط الصالحي "الصهيوشمالي" تمكين ابناء المحافظات الشمالية من الأراضي وخصوصا أولاد هائل سعيد أنعم الذين يملكون بصكوك "صهيوشمالية" قطاعات مهولة من أراضي عدن.
ملمح آخر هو تحركات شركات هائل سعيد لهدم مساجد ومدارس عدن التاريخية وإعادة بنائها وفق تصاميم هندسية متشابهة يهدف منها إلى خلق طابع جديد يتشابه مع ما يتم بنائه في تعز، خطة صهيونية لطمس هوية عدن، من ينسى مسجد أبان ومسجد أبو قبة ومدرسة مدرم ومعبد الفرس الذين أصبحوا اليوم بنمط معماري موحد مع مئات المباني في عدن.
ملمح أخطر وهو تمكين تجار تعز من بخارات بيوت عدن القديمة، فكل بيوت عدن المؤممة سكانها لا يملكون البخارات – الدور الأرضي – وكلها اليوم مملكة لتجار الجملة من تعز، مما يعني أن الأساسات و الأرض مملوكة لتعز وما تبقى لأبناء عدن، ما فائدة أن تملك بيتا أساسه ليس ملكا لك، هذه نقطة اخرى تنبه لها النظام "الصهيوشمالي" وبضربة معلم سيطر على الأساسات في مدينة عدن.
النظام "الصهيوشمالي" متجدد وهم لو اختلفوا في الشمال على كل شيء يتفقون على الجنوب ويسلم كل واحد راية السيطرة على الجنوب للأخر، ففي رحلة مع بعض الصديقات لهضبة عدن بعد أن طالعتنا الصحف و صفحات النت عن جريمة النهب والتخريب التي تتعرض لها مهلكة الفرس لاحظت وجود قرية كبيرة على الهضبة يصل اليها الماء والكهرباء، قرية حقيقية وكأنك في الريف رغم أن الهضبة تطل مباشرة على كريتر ولكن لا أحد يعلم عن وجودها، وبجلسة بسيطة مع السكان والأطفال هناك تكتشف ان 90% من سكان القرية هم من تعز، يبنون بهدوء وبصمت دون ان يركز عليهم أحد وفجأة نفاجأ بقرية تعزية على هضبة عدن.
في الشهور القليلة الماضية هناك ضخ واضح للتعزيين نحو عدن، يكفي أن تتجول مساءا في جولة الفل –السفينة- بجانب سوق القات قرابة منتصف الليل لتلاحظ كثافة المتواجدين في الشارع والبوفيات التي تم افتتاحها والممتلئة بأبناء تعز، وجواري الخضار التي تضاعفت بشكل ملفت والمحلات الجديدة التي تفتح كل يوم والعاملين فيها من ابناء تعز، العدد مهول ومخيف وفي تزايد متسارع.
في الوقت الذي ينشغل ابناء الجنوب في انقساماتهم الداخلية وفي الوقت الذي يشغل فيه حميد وعلي محسن وبقية الشلة "الصهيوشمالية" الجنوبيين بدمية الإصلاح العدني التابع للشمال، عدن تتحول شيئاً فشيئاً إلى ولاية تعزية.
أما آن الأوان يا حراكنا الجنوبي أن نتوحد؟ أما آن لأبناء الجنوب المثقفين والجامعيين في الداخل والخارج ان يصطفوا في مواجهة هذا الغزو "الصهيوشمالي" الخطير الذي يتسلل رويدا رويدا ..
إن لم نلملم شتاتنا بسرعة ونكتفي من التنظير في مقايل القات التي يحلو لنا ان نكذب على أنفسنا ونسميها بالمنتديات، فسنصحى على يوم قريب لن نجد فيه عدن بل سنجد تعز أخرى في قلب الجنوب، إنهم يستهدفون العاصمة لتكون عاصمتنا الجنوبية "عدن جنة الله في أرضه" ولاية تعزية، وقتها لن يعود الجنوب جنوبا إلى أبد الآبدين.
نقلا عن "عدن الغد"
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق