الحراك الجنوبي والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان
( بقلم:الكاتب المصري عادل الجوجري )
بقدر ما أن الحراك الجنوبي ظاهرة شعبية نبيلة دفع أهلها الدم والروح من اجل تفعيلها وفي اتجاه تحقيق أهدافها فإن الحراك الجنوبي بالقدر نفسه ظاهرة اجتماعية تستند إلى قواعد وأسس قانونية عالمية تشرع له السير في اتجاه الأهداف الشعبية المطروحة، ويكتسب مصداقية من الميثاق العالمي لحقوق الإنسان ، بل إن الحراك له شرعية دينية فكل الديانات المقدسة أدانت القهر والاضطهاد والنهب والتمييز والاعتقال التعسفي وكلها ظواهر إجرامية ارتكبها نظام صنعاء ضد مواطنين عزل أصروا على سلمية تحركهم وعدم اللجوء إلى القوة المسلحة رغم خبراتهم العسكرية والقتالية العالية ،وأكدوا على شعبية ومدنية وديمقراطية الحراك.
وفي المقابل يظل نظام صنعاء فاقدا للشرعية الدستورية،يبدل في مواد الدستور أسرع مما يبدل أثاث القصر، ويغير المواد بحيث تغطي وجوده الأبدي في السلطة وكأنه يظن انه سيعيش ابد الدهر ، ولو كان الأمر كذلك لبقى سيد الخلق وفني آخرون !!!، ويجوز القول أن تغيير الدستور اليمني وبشكل شامل هو احد مهام المرحلة الانتقالية بعد زوال حكم الاستبداد الراهن هذا النظام التقليدي الذي يحكم منذ الحرب الباردة وهو من أقدم النظم الاتوقراطية في العالم كما انه يعتمد أساليب بدائية في السيطرة منها الرشي بالمال والأسلحة والوظائف ومنها إيقاع الفتنة بين القبائل والعشائر بل وبين النخب وهو كما هو معروف فإن الاستعمار الأجنبي هو الذي شرع عقلية وفلسفة"فرق تسد" وللمشروعية الجماهيرية فضلا عن تعارضه بل تناقضه الصارخ مع مواثيق حقوق الإنسان.
كيف؟
إن الحراك الجنوبي يستمد شرعيته القانونية والإنسانية من مواد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان المؤرخ في 10 كانون الأول/ديسمبر 1948 وهو الضمير والمرجع للسياسة في العالم تصب في مصلحة الحراك والأمر نفسه مع إعلان الأمم المتحدة للقضاء علي جميع أشكال التمييز العنصري الصادر بموجب قرار الجمعية العامة 1904 (د-18)المؤرخ في 20 تشرين الثاني/نوفمبر 1963 ،واتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة والتي اعتمدتها الجمعية العامة وفتحت باب التوقيع والتصديق عليها والانضمام إليها في القرار 39/46 المؤرخ في 10 كانون الأول / ديسمبر 1984 مجموعة المبادئ المتعلقة بحماية جميع الأشخاص الذين يتعرضون لأي شكل من أشكال الاحتجاز أو السجن والتي اعتمدت ونشرت علي الملأ بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 43/173 المؤرخ في 9 كانون الأول/ديسمبر 1988
بل أن فقهاء القانون يؤكدون أن الحراك الجنوبي –وهذا هو الأخطر- يتفق مع مضمون ونص وروح إعلان منح الاستقلال للبلدان والشعوب المستعمرة الصادر بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة المؤرخ في 14 كانون الأول/ديسمبر 1960 ومن ضمن بنوده:
1. إن إخضاع الشعوب لاستعباد الأجنبي وسيطرته واستغلاله يشكل إنكارا لحقوق الإنسان الأساسية، ويناقض ميثاق الأمم المتحدة، ويعيق قضية السلم والتعاون العالميين،
2. لجميع الشعوب الحق في تقرير مصيرها، ولها بمقتضى هذا الحق أن تحدد بحرية مركزها السياسي وتسعي بحرية إلي تحقيق إنمائها الاقتصادي والاجتماعي والثقافي،
3. لا يجوز أبدا أن يتخذ نقص الاستعداد في الميدان السياسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي أو التعليمي ذريعة لتأخير الاستقلال،
4. يوضع حد لجميع أنواع الأعمال المسلحة أو التدابير القمعية، الموجهة ضد الشعوب التابعة، لتمكينها من الممارسة الحرة والسلمية لحقها في الاستقلال التام، وتحترم سلامة ترابها الوطني،
5. يصار فورا إلي اتخاذ التدابير اللازمة، في الأقاليم المشمولة بالوصاية أو الأقاليم غير المتمتعة بالحكم الذاتي، أو جميع الأقاليم الأخرى التي لم تنل بعد استقلالها، لنقل جميع السلطات إلي شعوب تلك الأقاليم، دون أية شروط أو تحفظات، ووفقا لإرادتها ورغبتها المعرب عنهما بحرية، دون تمييز بسبب العرق أو المعتقد أو اللون، لتمكينها من التمتع بالاستقلال والحرية التامين،
هذه النصوص وغيرها تعطي الحراك الشعبي الجنوبي سندا قانونيا فضلا عن الشرعية التاريخية للانتفاض ضد الظلم والطغيان ونهب الوحدة وتحويلها من وحدة طوعية إلى ضم وقسر وقهر ،فالميثاق العالمي لحقوق الإنسان ينص في الديباجة على"لما كان الإقرار بما لجميع أعضاء الأسرة البشرية من كرامة أصيلة فيهم، ومن حقوق متساوية وثابتة، يشكل أساس الحرية والعدل والسلام في العالم،" هذه هي فاتحة الكتاب فأين، العدل والسلام والحرية فيما يجري في جنوب اليمن؟
خطف المثقفين واعتقال المعارضين
الحرية منتهكة على يد النظام الذي يهدد حياة الصحفيين الشرفاء،ويقتحم المؤسسات الصحفية وبيوت الكتاب والإعلاميين،والسلام مفقود بسبب الدبابات التي تحاصر المدن وتقطع الطرق وتقصف بعشوائية ،أما العدل فهو غائب منذ قاتم النظام بحربه على الوحدة وانقض عليها بالسلاح ،لذلك فإن النتيجة ترد ابيضا في فاتحة الكتاب العالمي لحقوق الإنسان"ولما كان تجاهل حقوق الإنسان وازدراؤها قد أفضيا إلى أعمال أثارت بربريتها الضمير الإنساني، وكان البشر قد نادوا ببزوغ عالم يتمتعون فيه بحرية القول والعقيدة وبالتحرر من الخوف والفاقة، كأسمى ما ترنو إليه نفوسهم،ولما كان من الأساسي أن تتمتع حقوق الإنسان بحماية النظام القانوني إذا أريد للبشر ألا يضطروا آخر الأمر إلى اللياذ بالتمرد على الطغيان والاضطهاد"
أن الحراك ووفقا لميثاق الأمم المتحدة لحقوق الإنسان هو رد فعل شعبي على انتهاكات منظمة تمارسها سلطة غاشمة عن عمد بعد ان مارست كافة أساليب النهب لثروات الجنوب بدءا من النفط والغاز وانتهاء ببيوت وممتلكات المواطنين،وهذا ليس تحليلا سياسيا من عندي بل هو نص ومضمون البيان الذي وقعت عليه 25منظمة حقوقية عربية من العراق حتى الجزائر وموريتنانيا مرورا بمصر والسودان وقالت بالحرف الواحد في البيان الصادر بتاريخ "4فبراير 2010 لمناسبة صدور حكم بحبس المناضل الحقوقي ياسر الوزير ثمانية أعوام وقال البيان" تعرب المنظمات الموقعة على هذا النداء عن قلقها العميق إزاء التدهور المروع لأوضاع حقوق الإنسان باليمن، والذي يدفع بالسلطات اليمنية إلى تصعيد الإجراءات الانتقامية للتنكيل بمدافعي حقوق الإنسان، الذين يبادرون بشجاعة للكشف عن وتوثيق الانتهاكات التي تعم البلاد، وبخاصة في إطار الحرب المشتعلة في صعدة بالشمال، أو في إطار قمع أشكال الحراك السياسي والاجتماعي في جنوب البلاد" .
ويدين البيان عمليات خطف المعارضين السياسيين وحجزهم في أماكن مجهولة وعدم إبلاغ ذويهم بأماكن اعتقالهم فضلا عن ثبوت وقائع تعذيب بدني ونفسي رهيبة وبنص البيان الذي وقعت عليه منظمات حقوقية خمسة وعشرون" وتجدر الإشارة في هذا السياق إلى أن ياسر الوزير كان قد اختطف قبل أكثر من ثمانية عشر شهرا من قبل جهاز الأمن السياسي، وظل مصيره مجهولا ومحروما من زيارة ذويه لما يزيد على ثلاثة أشهر. ورجحت التقارير تعرضه للتعذيب وإيداعه لفترات طويلة في الحبس الانفرادي، واستمر رهن الاعتقال من دون اتخاذ إجراءات قانونية بحقه، إلى أن قررت السلطات قبيل شهرين فقط إحالته إلى المحاكمة بتهم كيدية، شملت اتهامه بتشكيل جماعة مسلحة، وذلك على الرغم من أن ياسر الوزير لم يخضع لأي استجواب بشأن هذه التهمة".
تقول المادة التاسعة من إعلان العالمي لحقوق الإنسان" لا يجوز اعتقال أي إنسان أو حجزه أو نفيه تعسفا." إما المادة 10فتنص على "لكل إنسان، على قدم المساواة التامة مع الآخرين، الحق في أن تنظر قضيته محكمة مستقلة ومحايدة، نظرا منصفا وعلنيا، للفصل في حقوقه والتزاماته وفى أية تهمة جزائية توجه إليه" هذه المواد ليس لها محل من الإعراب مع نظام يعتمد كل أساليب القرصنة في التعامل مع المعارضة الشعبية التي تتسع يوما على صدر يوم ضده"
جرائم لاتسقط بالتقادم
وهنا عينة من جرائم النظام ضد المعارضة وهي جرائم منحته مكانة متقدمة بين أكثر الأنظمة في العالم شمولية وقمعا،وهي جرائم لاتسقط بالتقادم ويجوز رفع دعاوى قضائية ضد مرتكبيها وأولهم الرئيس علي عبد الله صالح أمام المحاكم الأوروبية، وقد أوصل البلاد إلى مرتبة عالمية متقدمة في الفقر وتردي الاوضع الصحية فضلا عن تهديد حياة المواطنين إلى حد أن تقارير أوروبية حذرت المواطنين من الذهاب إلى أفغانستان 2،أي اليمن.
1-يتابع اتحاد المدافعين عن حقوق الإنسان العرب أخبار ما تعرض له المدافع اليمني محمد صادق العديني ،حيث قام أربعة ملثمين ومسلحين باقتحام منزل المدافع العديني صباح الأحد الموافق 28/2/2010 وقاموا بالاعتداء علية على خلفية تبنية حملة ضد الانتهاكات التي يرتكبها مدير التوجيه المعنوي بحق الصحفيين وقد نشر العديني بصحيفة 26 سبتمبر تحت عنوان " حملة تضامن واحتجاج – يا رئيس الجمهورية ضع حدا لانتهاكات العميد الشاطر" والتي تلقى العديني على إثرها مكالمة تليفونية تهدده وأعضاء المركز ثم تلى ذلك قيام التوجيه المعنوي بفتح ملف للمركز ومديره التنفيذي .
2-دعا المرصد اليمني لحقوق الإنسان كلا من المفوضية السامية لشؤون اللاجئين ببيروت ومنظمة العفو الدولية ومنظمة هيومن رايتس ووتش إلى انتداب المقررين المعنيين بحالات الاختفاء القسري والتعذيب والمحاكمة العادلة لتقصي الحقائق و زيارة الصحفي محمد المقالح في معتقله والإطلاع على حالته الصحية وما تعرض له من ممارسات تعذيبية خلال فترة اعتقاله وحضور جلسة من جلسات محاكمته.
3-تتابع لجنة حماية حرية الرأي والتعبير باستياء بالغ الحرب السلطوية الشرسة وتصاعدها ضد الصحفيين والناشطين في اليمن والانتهاكات التي طالت المئات منهم!، كما تتابع بقلق بالغ تدهور صحة رئيس تحرير صحيفة الأيام هشام باشراحيل والصحفي محمد المقالح رئيس تحرير الاشتراكي نت.
واختطف جهاز الأمن القومي الصحفي والناشط السياسي محمد المقالح يوم17-9-2009م ورفض الكشف عن مكانه بل أن السلطات التي استمرأت الكذب نفت أن يكون في قبضتها وبعد أربعة أشهر من الإخفاء القسري كشف عن جهة ومكان اعتقاله وكشف معه عن تعذيب وتنكيل وجرائم ارتكبت بحقه .
4- طالب التحالف الدولي للدفاع عن الحقوق والحريات ومعه التحالف الدولي لملاحقه مجرمي الحرب الرئيس علي عبد الله صالح بالتوجيه بالوقف الفوري لاستخدام الطيران الحربي في المعارك وفتح تحقيق عاجل في العمليات العسكرية التي تسببت بسقوط العديد من النازحين والأسري والمدنيين من النساء والأطفال وتعرض اسر باكملهاللاباده الجماعية وتقديم المسئولين عناها للمحاكمة .جاء ذلك في رسالة وجهها التحالف للرئيس الاحد27/12/2009م,تم تسليمها لمكتب رئاسة الجمهورية بهذا الغرض....وبطبيعة الحال اختفت الرسالة وسط الزحام،فهذا النظام لايهمه المواطنين ولا يحقق في الجرائم لأنه هو الذي أعطى الأوامر لسلاح الجو بقصف الحوثيين بنفس البرود الذي انتابه وهو يعطي الأوامر بقتل المدنيين من ناشطي الحراك في الجنوب وإصدار تعليمات لبعض منتسبي الأجهزة لحرق بعض المحلات التجارية التي يمتلكها مواطنون ومن أبناء المحافظات الشمالية للزعم بأن الحراك هو الذي حرق محلاتهم أو قتلهم في حين أن الكل يعرف أن الأجهزة الأمنية متورطة في هذه الجرائم لخلق فتنة بين أبناء اليمن.
لقد اعتاد النظام أن يلفق الاتهامات للمعارضين ،وحتى قبل الصيف كان يلصق تهمة الانفصال لكل من يعارض أساليبه القمعية،ولم يطيق في يوم تعبير "إصلاح مسار الوحدة" الذي رفعته المعارضة بعد الحرب وتضمن برنامجا جيدا لاحتواء آثار الحرب وعبور الأزمة ،لكنه أغلق أذنيه ،وأوصد جفنيه ،وبالتالي صار هو وحده الذي يتحمل اليوم نتائج سياساته التسلطية، لاسيما على الصعيد القانوني دوليا وإقليميا ،إذ لايستطيع احد أن يزعم بأن كل هذه المنظمات متآمرة ضد النظام وتعمل من اجل الانفصال وتحرض ضد النظام لمصلحة جهات أجنبية؟ولن يستطيع مجرمو النظام الإفلات من مبادئ التعاون الدولي في تعقب واعتقال وتسليم ومعاقبة الأشخاص المذنبين بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية الصادرة بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة المؤرخ في 3 كانون الأول/ديسمبر 1973؟
واقع الحال أن الخبرات الإنسانية والنضالية المستقاة من تجارب الشعوب الحية تؤكد أن هناك مهمة كبيرة على قادة الحراك المخلصين وهي تشكيل لجنة قانونية تضم رجال قانون دولي ودستوري وناشطين إعلاميين من الفاعلين في منظمات المجتمع المدني ، مهمتها إعداد ملفات بكل جرائم النظام ضد حقوق الإنسان في الجنوب وضد انتهاكاته الشاملة شمالا وجنوبا ،والاتصال مع كل المنظمات القانونية الدولية والإقليمية وتزويدها بهذه الملفات والغرض من ذلك هو تعرية النظام وفضحه ومحاكمته قانونيا ومعنويا أمام الجهات القانونية والحقوقية الدولية والإقليمية ،وقد صار نظاما منبوذا يتذرع بتنظيم القاعدة ومحاربة الإرهاب لكي يكسب ود الجهات الرسمية العالمية والعربية علما بأنه هو الذي صنع القاعدة كفزاعة يستخدمها في الوقت المناسب، ويضربها في الوقت المناسب وهو لن يستطيع أن يفعل ذلك مع الحراك لسبب أساس هو أن الحراك ظاهرة شعبية ،ولدت من رحم المعاناة ووسط الشارع والميدان ولم تغلق في دهاليز الأجهزة الأمنية ولذلك فالحراك يمتلك حصانة أكبر من كل الحيل وقد صار انضج وهو يكسب أرضا جديدة كل يوم وشعبية في حين يعاني النظام "عشرون عاما من العزلة" .
رئيس تحرير مجلة الغد العربي-القاهرةhttp://www.nbsy-uk.com/news/articles.php?action=show&id=256
( بقلم:الكاتب المصري عادل الجوجري )
بقدر ما أن الحراك الجنوبي ظاهرة شعبية نبيلة دفع أهلها الدم والروح من اجل تفعيلها وفي اتجاه تحقيق أهدافها فإن الحراك الجنوبي بالقدر نفسه ظاهرة اجتماعية تستند إلى قواعد وأسس قانونية عالمية تشرع له السير في اتجاه الأهداف الشعبية المطروحة، ويكتسب مصداقية من الميثاق العالمي لحقوق الإنسان ، بل إن الحراك له شرعية دينية فكل الديانات المقدسة أدانت القهر والاضطهاد والنهب والتمييز والاعتقال التعسفي وكلها ظواهر إجرامية ارتكبها نظام صنعاء ضد مواطنين عزل أصروا على سلمية تحركهم وعدم اللجوء إلى القوة المسلحة رغم خبراتهم العسكرية والقتالية العالية ،وأكدوا على شعبية ومدنية وديمقراطية الحراك.
وفي المقابل يظل نظام صنعاء فاقدا للشرعية الدستورية،يبدل في مواد الدستور أسرع مما يبدل أثاث القصر، ويغير المواد بحيث تغطي وجوده الأبدي في السلطة وكأنه يظن انه سيعيش ابد الدهر ، ولو كان الأمر كذلك لبقى سيد الخلق وفني آخرون !!!، ويجوز القول أن تغيير الدستور اليمني وبشكل شامل هو احد مهام المرحلة الانتقالية بعد زوال حكم الاستبداد الراهن هذا النظام التقليدي الذي يحكم منذ الحرب الباردة وهو من أقدم النظم الاتوقراطية في العالم كما انه يعتمد أساليب بدائية في السيطرة منها الرشي بالمال والأسلحة والوظائف ومنها إيقاع الفتنة بين القبائل والعشائر بل وبين النخب وهو كما هو معروف فإن الاستعمار الأجنبي هو الذي شرع عقلية وفلسفة"فرق تسد" وللمشروعية الجماهيرية فضلا عن تعارضه بل تناقضه الصارخ مع مواثيق حقوق الإنسان.
كيف؟
إن الحراك الجنوبي يستمد شرعيته القانونية والإنسانية من مواد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان المؤرخ في 10 كانون الأول/ديسمبر 1948 وهو الضمير والمرجع للسياسة في العالم تصب في مصلحة الحراك والأمر نفسه مع إعلان الأمم المتحدة للقضاء علي جميع أشكال التمييز العنصري الصادر بموجب قرار الجمعية العامة 1904 (د-18)المؤرخ في 20 تشرين الثاني/نوفمبر 1963 ،واتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة والتي اعتمدتها الجمعية العامة وفتحت باب التوقيع والتصديق عليها والانضمام إليها في القرار 39/46 المؤرخ في 10 كانون الأول / ديسمبر 1984 مجموعة المبادئ المتعلقة بحماية جميع الأشخاص الذين يتعرضون لأي شكل من أشكال الاحتجاز أو السجن والتي اعتمدت ونشرت علي الملأ بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 43/173 المؤرخ في 9 كانون الأول/ديسمبر 1988
بل أن فقهاء القانون يؤكدون أن الحراك الجنوبي –وهذا هو الأخطر- يتفق مع مضمون ونص وروح إعلان منح الاستقلال للبلدان والشعوب المستعمرة الصادر بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة المؤرخ في 14 كانون الأول/ديسمبر 1960 ومن ضمن بنوده:
1. إن إخضاع الشعوب لاستعباد الأجنبي وسيطرته واستغلاله يشكل إنكارا لحقوق الإنسان الأساسية، ويناقض ميثاق الأمم المتحدة، ويعيق قضية السلم والتعاون العالميين،
2. لجميع الشعوب الحق في تقرير مصيرها، ولها بمقتضى هذا الحق أن تحدد بحرية مركزها السياسي وتسعي بحرية إلي تحقيق إنمائها الاقتصادي والاجتماعي والثقافي،
3. لا يجوز أبدا أن يتخذ نقص الاستعداد في الميدان السياسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي أو التعليمي ذريعة لتأخير الاستقلال،
4. يوضع حد لجميع أنواع الأعمال المسلحة أو التدابير القمعية، الموجهة ضد الشعوب التابعة، لتمكينها من الممارسة الحرة والسلمية لحقها في الاستقلال التام، وتحترم سلامة ترابها الوطني،
5. يصار فورا إلي اتخاذ التدابير اللازمة، في الأقاليم المشمولة بالوصاية أو الأقاليم غير المتمتعة بالحكم الذاتي، أو جميع الأقاليم الأخرى التي لم تنل بعد استقلالها، لنقل جميع السلطات إلي شعوب تلك الأقاليم، دون أية شروط أو تحفظات، ووفقا لإرادتها ورغبتها المعرب عنهما بحرية، دون تمييز بسبب العرق أو المعتقد أو اللون، لتمكينها من التمتع بالاستقلال والحرية التامين،
هذه النصوص وغيرها تعطي الحراك الشعبي الجنوبي سندا قانونيا فضلا عن الشرعية التاريخية للانتفاض ضد الظلم والطغيان ونهب الوحدة وتحويلها من وحدة طوعية إلى ضم وقسر وقهر ،فالميثاق العالمي لحقوق الإنسان ينص في الديباجة على"لما كان الإقرار بما لجميع أعضاء الأسرة البشرية من كرامة أصيلة فيهم، ومن حقوق متساوية وثابتة، يشكل أساس الحرية والعدل والسلام في العالم،" هذه هي فاتحة الكتاب فأين، العدل والسلام والحرية فيما يجري في جنوب اليمن؟
خطف المثقفين واعتقال المعارضين
الحرية منتهكة على يد النظام الذي يهدد حياة الصحفيين الشرفاء،ويقتحم المؤسسات الصحفية وبيوت الكتاب والإعلاميين،والسلام مفقود بسبب الدبابات التي تحاصر المدن وتقطع الطرق وتقصف بعشوائية ،أما العدل فهو غائب منذ قاتم النظام بحربه على الوحدة وانقض عليها بالسلاح ،لذلك فإن النتيجة ترد ابيضا في فاتحة الكتاب العالمي لحقوق الإنسان"ولما كان تجاهل حقوق الإنسان وازدراؤها قد أفضيا إلى أعمال أثارت بربريتها الضمير الإنساني، وكان البشر قد نادوا ببزوغ عالم يتمتعون فيه بحرية القول والعقيدة وبالتحرر من الخوف والفاقة، كأسمى ما ترنو إليه نفوسهم،ولما كان من الأساسي أن تتمتع حقوق الإنسان بحماية النظام القانوني إذا أريد للبشر ألا يضطروا آخر الأمر إلى اللياذ بالتمرد على الطغيان والاضطهاد"
أن الحراك ووفقا لميثاق الأمم المتحدة لحقوق الإنسان هو رد فعل شعبي على انتهاكات منظمة تمارسها سلطة غاشمة عن عمد بعد ان مارست كافة أساليب النهب لثروات الجنوب بدءا من النفط والغاز وانتهاء ببيوت وممتلكات المواطنين،وهذا ليس تحليلا سياسيا من عندي بل هو نص ومضمون البيان الذي وقعت عليه 25منظمة حقوقية عربية من العراق حتى الجزائر وموريتنانيا مرورا بمصر والسودان وقالت بالحرف الواحد في البيان الصادر بتاريخ "4فبراير 2010 لمناسبة صدور حكم بحبس المناضل الحقوقي ياسر الوزير ثمانية أعوام وقال البيان" تعرب المنظمات الموقعة على هذا النداء عن قلقها العميق إزاء التدهور المروع لأوضاع حقوق الإنسان باليمن، والذي يدفع بالسلطات اليمنية إلى تصعيد الإجراءات الانتقامية للتنكيل بمدافعي حقوق الإنسان، الذين يبادرون بشجاعة للكشف عن وتوثيق الانتهاكات التي تعم البلاد، وبخاصة في إطار الحرب المشتعلة في صعدة بالشمال، أو في إطار قمع أشكال الحراك السياسي والاجتماعي في جنوب البلاد" .
ويدين البيان عمليات خطف المعارضين السياسيين وحجزهم في أماكن مجهولة وعدم إبلاغ ذويهم بأماكن اعتقالهم فضلا عن ثبوت وقائع تعذيب بدني ونفسي رهيبة وبنص البيان الذي وقعت عليه منظمات حقوقية خمسة وعشرون" وتجدر الإشارة في هذا السياق إلى أن ياسر الوزير كان قد اختطف قبل أكثر من ثمانية عشر شهرا من قبل جهاز الأمن السياسي، وظل مصيره مجهولا ومحروما من زيارة ذويه لما يزيد على ثلاثة أشهر. ورجحت التقارير تعرضه للتعذيب وإيداعه لفترات طويلة في الحبس الانفرادي، واستمر رهن الاعتقال من دون اتخاذ إجراءات قانونية بحقه، إلى أن قررت السلطات قبيل شهرين فقط إحالته إلى المحاكمة بتهم كيدية، شملت اتهامه بتشكيل جماعة مسلحة، وذلك على الرغم من أن ياسر الوزير لم يخضع لأي استجواب بشأن هذه التهمة".
تقول المادة التاسعة من إعلان العالمي لحقوق الإنسان" لا يجوز اعتقال أي إنسان أو حجزه أو نفيه تعسفا." إما المادة 10فتنص على "لكل إنسان، على قدم المساواة التامة مع الآخرين، الحق في أن تنظر قضيته محكمة مستقلة ومحايدة، نظرا منصفا وعلنيا، للفصل في حقوقه والتزاماته وفى أية تهمة جزائية توجه إليه" هذه المواد ليس لها محل من الإعراب مع نظام يعتمد كل أساليب القرصنة في التعامل مع المعارضة الشعبية التي تتسع يوما على صدر يوم ضده"
جرائم لاتسقط بالتقادم
وهنا عينة من جرائم النظام ضد المعارضة وهي جرائم منحته مكانة متقدمة بين أكثر الأنظمة في العالم شمولية وقمعا،وهي جرائم لاتسقط بالتقادم ويجوز رفع دعاوى قضائية ضد مرتكبيها وأولهم الرئيس علي عبد الله صالح أمام المحاكم الأوروبية، وقد أوصل البلاد إلى مرتبة عالمية متقدمة في الفقر وتردي الاوضع الصحية فضلا عن تهديد حياة المواطنين إلى حد أن تقارير أوروبية حذرت المواطنين من الذهاب إلى أفغانستان 2،أي اليمن.
1-يتابع اتحاد المدافعين عن حقوق الإنسان العرب أخبار ما تعرض له المدافع اليمني محمد صادق العديني ،حيث قام أربعة ملثمين ومسلحين باقتحام منزل المدافع العديني صباح الأحد الموافق 28/2/2010 وقاموا بالاعتداء علية على خلفية تبنية حملة ضد الانتهاكات التي يرتكبها مدير التوجيه المعنوي بحق الصحفيين وقد نشر العديني بصحيفة 26 سبتمبر تحت عنوان " حملة تضامن واحتجاج – يا رئيس الجمهورية ضع حدا لانتهاكات العميد الشاطر" والتي تلقى العديني على إثرها مكالمة تليفونية تهدده وأعضاء المركز ثم تلى ذلك قيام التوجيه المعنوي بفتح ملف للمركز ومديره التنفيذي .
2-دعا المرصد اليمني لحقوق الإنسان كلا من المفوضية السامية لشؤون اللاجئين ببيروت ومنظمة العفو الدولية ومنظمة هيومن رايتس ووتش إلى انتداب المقررين المعنيين بحالات الاختفاء القسري والتعذيب والمحاكمة العادلة لتقصي الحقائق و زيارة الصحفي محمد المقالح في معتقله والإطلاع على حالته الصحية وما تعرض له من ممارسات تعذيبية خلال فترة اعتقاله وحضور جلسة من جلسات محاكمته.
3-تتابع لجنة حماية حرية الرأي والتعبير باستياء بالغ الحرب السلطوية الشرسة وتصاعدها ضد الصحفيين والناشطين في اليمن والانتهاكات التي طالت المئات منهم!، كما تتابع بقلق بالغ تدهور صحة رئيس تحرير صحيفة الأيام هشام باشراحيل والصحفي محمد المقالح رئيس تحرير الاشتراكي نت.
واختطف جهاز الأمن القومي الصحفي والناشط السياسي محمد المقالح يوم17-9-2009م ورفض الكشف عن مكانه بل أن السلطات التي استمرأت الكذب نفت أن يكون في قبضتها وبعد أربعة أشهر من الإخفاء القسري كشف عن جهة ومكان اعتقاله وكشف معه عن تعذيب وتنكيل وجرائم ارتكبت بحقه .
4- طالب التحالف الدولي للدفاع عن الحقوق والحريات ومعه التحالف الدولي لملاحقه مجرمي الحرب الرئيس علي عبد الله صالح بالتوجيه بالوقف الفوري لاستخدام الطيران الحربي في المعارك وفتح تحقيق عاجل في العمليات العسكرية التي تسببت بسقوط العديد من النازحين والأسري والمدنيين من النساء والأطفال وتعرض اسر باكملهاللاباده الجماعية وتقديم المسئولين عناها للمحاكمة .جاء ذلك في رسالة وجهها التحالف للرئيس الاحد27/12/2009م,تم تسليمها لمكتب رئاسة الجمهورية بهذا الغرض....وبطبيعة الحال اختفت الرسالة وسط الزحام،فهذا النظام لايهمه المواطنين ولا يحقق في الجرائم لأنه هو الذي أعطى الأوامر لسلاح الجو بقصف الحوثيين بنفس البرود الذي انتابه وهو يعطي الأوامر بقتل المدنيين من ناشطي الحراك في الجنوب وإصدار تعليمات لبعض منتسبي الأجهزة لحرق بعض المحلات التجارية التي يمتلكها مواطنون ومن أبناء المحافظات الشمالية للزعم بأن الحراك هو الذي حرق محلاتهم أو قتلهم في حين أن الكل يعرف أن الأجهزة الأمنية متورطة في هذه الجرائم لخلق فتنة بين أبناء اليمن.
لقد اعتاد النظام أن يلفق الاتهامات للمعارضين ،وحتى قبل الصيف كان يلصق تهمة الانفصال لكل من يعارض أساليبه القمعية،ولم يطيق في يوم تعبير "إصلاح مسار الوحدة" الذي رفعته المعارضة بعد الحرب وتضمن برنامجا جيدا لاحتواء آثار الحرب وعبور الأزمة ،لكنه أغلق أذنيه ،وأوصد جفنيه ،وبالتالي صار هو وحده الذي يتحمل اليوم نتائج سياساته التسلطية، لاسيما على الصعيد القانوني دوليا وإقليميا ،إذ لايستطيع احد أن يزعم بأن كل هذه المنظمات متآمرة ضد النظام وتعمل من اجل الانفصال وتحرض ضد النظام لمصلحة جهات أجنبية؟ولن يستطيع مجرمو النظام الإفلات من مبادئ التعاون الدولي في تعقب واعتقال وتسليم ومعاقبة الأشخاص المذنبين بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية الصادرة بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة المؤرخ في 3 كانون الأول/ديسمبر 1973؟
واقع الحال أن الخبرات الإنسانية والنضالية المستقاة من تجارب الشعوب الحية تؤكد أن هناك مهمة كبيرة على قادة الحراك المخلصين وهي تشكيل لجنة قانونية تضم رجال قانون دولي ودستوري وناشطين إعلاميين من الفاعلين في منظمات المجتمع المدني ، مهمتها إعداد ملفات بكل جرائم النظام ضد حقوق الإنسان في الجنوب وضد انتهاكاته الشاملة شمالا وجنوبا ،والاتصال مع كل المنظمات القانونية الدولية والإقليمية وتزويدها بهذه الملفات والغرض من ذلك هو تعرية النظام وفضحه ومحاكمته قانونيا ومعنويا أمام الجهات القانونية والحقوقية الدولية والإقليمية ،وقد صار نظاما منبوذا يتذرع بتنظيم القاعدة ومحاربة الإرهاب لكي يكسب ود الجهات الرسمية العالمية والعربية علما بأنه هو الذي صنع القاعدة كفزاعة يستخدمها في الوقت المناسب، ويضربها في الوقت المناسب وهو لن يستطيع أن يفعل ذلك مع الحراك لسبب أساس هو أن الحراك ظاهرة شعبية ،ولدت من رحم المعاناة ووسط الشارع والميدان ولم تغلق في دهاليز الأجهزة الأمنية ولذلك فالحراك يمتلك حصانة أكبر من كل الحيل وقد صار انضج وهو يكسب أرضا جديدة كل يوم وشعبية في حين يعاني النظام "عشرون عاما من العزلة" .
رئيس تحرير مجلة الغد العربي-القاهرةhttp://www.nbsy-uk.com/news/articles.php?action=show&id=256
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق