عدن (( عدن الغد )) خاص:
منذ مايقارب الشهر مايزال الحديث المطول حول المنصورة وماتزال المنصورة تتصدر الصفحات الأولى وتتصدر صور البروفايلات على صفحات الفيسبوك وحتى حديث الناس وحديث الأعمدة الصحيفة تفرد مساحات عن المنصورة في حين ان هناك طرف صامت لايعنيه مايحصل فيها ويغض الطرف عن أشياء يعلم فيها وهو ايضا يشبه قليلا طرف يتمنى ان تنتهي المنصورة لأغراض او ربما تعبئات خاطئة لايملك ادني تفكير بل كل مايملك هو ما سمعة وقراءة وقال عنه الآخرون ..
على بعد ثلاث خطوات وأنت داخل باتجاه عدن تستقبلك المنصورة فهي المديرية الثالثة بعد دار سعد الملاصقة إلى محافظة لحج وتليها الشيخ عثمان ومن ثم المنصورة مديرية لها من تقاسم كثير من الصفات بين مدنية عدن وبين أعراف وتقاليد القبيلة التي نقلها إليها القادمون من أطرف القبائل المجاورة لعدن لتصبح المنصورة خليط ومزيج من كل هؤلاء .
من هنا البداية
في جولة مشهورة تعتبر مفترق الطرق والنقطة الفاصلة بين الشيخ عثمان والمنصورة عليك ان تتوغل أكثر أما بالعمق او على اليمين لتدخل إلى المنصورة أما اليسار فغير مسموح خاصة في هذه اللحظة لأنك ستدخل إلى الشيخ عثمان وهو المكان غير المقصود في حديثنا الان .
في العمق ستقف هناك في جولة الغزل حيث تجمع الأسواق الاستهلاكية لأبناء المنصورة في سوق عدن التجاري وسوق ظمران الاستهلاكي الغذائي .. تجمعات كبيرة من البشر وأسراب مدهشة من النساء على الأرض مشابهة لأسراب الغربان التي تعبر الجو في اللون . وخليط أكثر من فوضى أصحاب سيارات الأجرة التي تعمل على ازدحام اكبر للطريق كله من اجل ان يحظى كل سائق تاكسي بمشوار . إلى هنا قد يبدو كل شي مألوف منذ عرفنا المنصورة وفي يومها العادي لكن من غير المألوف ماتلاحظه في منظر يكاد يخرجك من الجو العدني لتصبح ربما في جو يشبه ذاك المشاهد على مدخل العاصمة كابول او في محافظة الانبار العراقية قبل سنوات على اليمين مدرعة وعلى اليسار ايضا أخرى مشابه لها في الشكل لكنها مختلفة في المكان الموجهة له وبجوار تلك المدرعات يتناثر العديد من الجند ربما الجو قد لا يكون مقلق خاصة وأنت تشاهد الجنود يستوطنون المدرعة وكأنها غرفة النوم والمطبخ لديهم لكن مايقلق في الأمر هي لحظات الاستنفار التي يخلقها جو مشحون ربما يحصل بأي لحظة هناك ودون إي مقدمات ويحصل تبادل لإطلاق النار ستكون محصلته بالتأكيد المارة او القاطنين في الجوار .
جولة في العمق
يأخذك المسير إلى العمق أكثر فأكثر في الطريق الرئيسي المؤدي إلى جولة كالتكس وهي الجولة التي تعتبر المدخل إلى خور مكسر وبقية المديريات كالمعلا وكريتر والتواهي والقلوعة في هذا الطريق وعلى بعد أمتار هناك على أيدك اليمين تقع الساحة التي عادة تعرف بأنها الساحة الخاصة بالحراك لكنها الان لم تعد كذلك فأصبح الأمن المركزي يتمركز فيها بالياته وجنده وهي المكان الذي كان يعرف قديما بالرويشان الموقف الخاص بباصات الرويشان للنقل وأيضا الفرزة للنقل الداخلي من المنصورة إلى بقية المناطق داخل عدن .
بقايا ساحة
يبدو الوضع في الساحة شبه مخيف وأصبح ثكنة عسكرية ,المسجد المجاور للساحة مغلق والمكان لم يعد يمر فيه السكان . إلى جوار الهنجر الحديدي يقف صف من العمائر ابرز مافيها مايسمى فندق الجبل والذي أغلق مع تكون الساحة لكنه استغل على أعلى سطحه في رفع علم كبير للجنوب يكاد يرى إلى اغلب الأماكن في المنصورة لكنه الان انزل بعد دخول قوات الأمن إلى الساحة .بينما في جدران الفندق تعلق صور لعشرات الشهداء الذين سقطوا في عدن منذ 16 فبراير 2011 م وهو اليوم الذي سقط فيه الشاب محمد علي شاعن احد شباب المنصورة والذي يعتبر أول شهداء ثورتهم والى جوار صورة شاعن هناك الكثير من الصور لفهمي ولوليد وجياب وغيرهم الكثير من الأسماء كانت تعلق صور إي شهيد يسقط ليضاف إلى تلك اللوحة التي رسمت على جدران المبنى للشهداء الان يبدو انه لم يبقى سوى القليل من تلك الصور التي يتهم الشباب فيها الجيش بأنه من قام بتمزيقها . وهو مشهد يرى بالفعل واضح للعيان حيث الصور شبة ممزقة ومتهالكة على الجدران .
ذرائع واهية
الطريق الان مفتوح وهي الذريعة التي قال الجيش انه دخل للساحة وتمركز فيها هو من اجل فتح الطريق ومع فتح الطريق لاتزال القوات موجودة بحجة أنهم لو ذهبوا ستغلق الطريق لكن ليس هذا الأمر المهم فالمهم في الأمر هي الحالة الأمنية التي عاشتها المنصورة وحالة الهلع والرعب التي حصلت .. بعد صف من العمائر على يمين الطريق يقع شارع من أهم الشوارع الحيوية في المنصورة بل وعدن وهو شارع متخصص ومعروف في تجمع بائعي وموردي الأجهزة التكنولوجية والكمبيوترات ربما هذا الشارع في هذه الأيام بدأ في استعادة عافيته بعد ان كان شبه مقفر وبوضع مخيف ومظلم ومايُسمع في الا أصوات الاشتباكات و يخشى الناس الذي فيه ومن يمر فيه من إي رصاصة طائشة تأتي من إي اشتباك .في اسفل الشارع لايزال سوق الخضروات يفتح إلى الظهر فقط وبعدها يغلق خوفا من الاشتباكات ومن الرصاص الطائش .
ذكريات مريرة
في أحداث المنصورة الأخيرة لا احد ينسى مدخل الشارع المقابل لمسجد الرضا وهناك حيث لذكريات الألم موعد مع الشاب ذو العقدين من العمر معد محمد حسن .إلى منزله الواقع في الدرين ذهبنا إلى أبيه وحكى لنا قصة استشهاد معد في ذاك المكان وفي العاشرة مساء حين عاد إلى منزلة هو واحد أصدقاءه قادما من مديرية كريتر ليأتي إلى ذاك المكان ومع نزوله من الباص يفاجئ بإطلاق الرصاص عليهم من قبل جنود متمركزون على أسطح إحدى المنازل المقابلة للشارع ليترك معد مايقارب العشر دقائق ينزف دون ان يستطيع احد المساعدة في إسعافه لان الرصاص كانت تطلق على كل من يقترب من جسد معد الملقى على الأرض وبعدها تتواصل رحلة الموت لمعد إلى مستشفى 22 مايو الذي كان الرصاصة الأخيرة للقضاء على أخر أنفاسه في مكان أصبح شبة خاوي من المتخصصين وابسط مقومات الإسعافات , لايزال أبيه يعاني مرارة الفقد لفلذة كبده شاب في زهرة ربيع العمر كان ضحية لاشي يستحق من اجله ان تزهق روح .
الأمثلة كثيرة للأشخاص الذين راحوا ضحية أحداث المنصورة ولاتزال الكثير من الحكايات والروايات تروى من أبناء المنصورة عن هذه الحالات كقصة الشاب الذي تتداول قصته في ان الجنود قاموا بربطة وسحبة في إحدى العربات العسكرية .
الإعلام في الواجهة
ويتحدث البعض ايضا عن التغطية الإعلامية او تصوير مايحدث في المنصورة على انه عبارة عن اقتحام للبحث عن مسلحين بشتى التصنيفات مثل أنصار القاعدة او شباب يتناول الحبوب ومسلح في حين أن العناصر الأمنية تؤكد ذلك ويتحدث بعض الجند الذي تحدثت معهم على السريع على أنهم عثروا على أسلحة في الساحة لكن لم يتحقق احد من ذلك ولم تعرض هذه على وسائل الإعلام لمزيد من التصديق , على الجانب الأخر يتحدث بعض الشباب على الاستخدام العنيف والمفرط للقوة من قبل الجيش وتوسيع انتشاره الأمني بالمناطق المجاورة للساحة , ويؤكد البعض في المنصورة أن التغطية لهذا الموضوع تؤخذ فقط من حيث كون هذا الموضوع مع او ضد في حين حقيقة ان ماحصل لم نسمع بمقتل إي رجل أمن او مسلح من الذي تم التحدث عنهم وكانت الضحايا من المواطنين الذي ليس لهم في الموضوع ناقة أو جمل .
على مدى أسابيع شهدت المنصورة حاله أمنية غير مستقرة شهدت سقوط لا يقل عن 11 أشخاص وإحداث إقلاق امني كبير خاصة للسكان والحياة العامة للمنصورة وهو مايجعل حتمية الموت بأي لحظة خاصة مع اشتباكات بين الأمن ومسلحين وإطلاق النار بشكل عشوائي .
في المنصورة وفي عدن عامة أصبح الشي المقلق هي ظاهرة انتشار الأسلحة بين الشاب وإطلاق الأعيرة النارية بشكل كثيف خاصة في الأعراس وهو أمر مقلق وله عواقب كثيرة وهناك ايضا لحظات تحصل فيها اشتباكات بين مسلحين وبين الأمن المتواجد بكثافة هذه الأيام في عدن هو مايجعل الوضع غير مستقر .
في المنصورة هناك حالة من عدم الاعتراف كلا بخطاءة فالجيش ارتكب عنف غير مبرر وقتل أشخاص سلميين وان كان بالفعل الهدف هو فتح الطريق كان الأحرى به فتح الطريق وترك الساحة كلا يعبر عن راية دون مصادرة للحقوق , لكن بالمقابل فالجيش يقول انه هناك مسلحين موجودين وهم الذين يستفزونهم بإطلاق النار فيرد عليهم بالمثل وفي أكثر الحالات يكون الرد بشكل عشوائي ومن المصدر الذي تم منه إطلاق النار ,, وبين كل هذا وذاك يبقى الحلقة الأضعف في كل شي هو المواطن المسكين الذي أما ان يصبح ضحية رصاصة طائشة او تعطل مصالحة او تظل صرخات أطفاله تملئ المنزل ويظل الخوف في عيون النساء وحتى أصبح الشايب يخاف من الذهاب إلى المسجد للصلاة فجرا ,وليس من المنطقي ايضا ان يكون شخص بسيط صاحب بسطة او دكان يقتات به يصبح بلحظة منهوب او محروق ,هذا افرزه الوضع الأمني و هناك من يستغله ويكيفه لصالحة ولمصالحة قد تكون ربما أطراف أخرى تقحم نفسها في الصراع دون أن يكتشفها احد وكل هدفها خلط الأوراق !
مهما يكن ومها كانت التبريرات لأيا من الأطراف لكل ماحصل ولكل مايحصل سواء في إيصال رسائل معينة او ممارسة إي ضغوطات لكن يبقى الوضع مهيأ لعدم الاستقرار وهو مايخيف الأهالي خاصة والمكان يعتبر في قلب المناطق السكنية .
إغلاق الطرقات
إغلاق الطريق في المنصورة ليس من المنطقي جدا خاصة وان إضرار الإغلاق تطال السكان في المنصورة ومن لدية حالة طارئة او اسعافية واعتقد كان الأحرى بالعقلاء من أبناء المنصورة النظر لهذا الأمر وتداركه بالعقل والمنطق لكن بالمقابل كان على السلطة المحلية عدم الانجرار إلى هذا الوضع من اجل فك الطريق ان يحصل ماحصل بإغلاق الأمن وسقوط الضحايا من الأبرياء وكان الأحرى بالسلطة المحلية بالمحافظة بدل ان تفتح جبهة أخرى للمواجهة ان تنظر إلى أولويات أهم للمواطن العدني في توفير الكهرباء والمياه خاصة وان وضع الكهرباء أصبح في عدن سباق بين طفي لصي ..!
وتستمر التبريرات ممايحدث في المنصورة ومن أطراف ايضا لها مصالحها وهي الأطراف التي تدعي بوجود أشخاص من القاعدة او أشخاص مسلحين او أشخاص لها صفات أخرى حسب توصيفات كل طرف .. وهناك ايضا تبريرات هي تلك التي يتخذها الطرف الأخر للالتحام مع الأمن لتصبح النتيجة في الأخير مزيد ومزيد من قطرات الدماء التي تتوشح بها المنصورة ومزيد من صيحات الأطفال وتنهيدات الشيوخ وعويل النساء كل يوم .
قبل الختام
في الأخير أريد ان أضع تساؤل سمعته من أكثر من شخص سوى في الشارع او من خلال المواقع الالكترونية هل ماحصل بالمنصورة هو نوع من المواجهة المبطنة بين التيار الجنوبي وبين التيار الإصلاحي خاصة وانه سبق واقعات عديدة منها المواجهات قرب مقر الإصلاح في المنصورة قبل أشهر وكذلك ماحصل في وقت الانتخابات في فبراير , وأيضا الاتهامات المتبادلة في واقعة إحراق ساحة كريتر وأيضا حالة اللاتوازن في التواجد والنظرة كلا للأخر . وهناك ايضا من يقرن هذا الحال او حالة التنافر بين الطرفين منذ ابتدأت القضية الجنوبية في صيف 94 ودور الإصلاح وخاصة تيارهم الديني وهو مايزال يخلق حالة لم تنتهي في هذا الموقف , الشي الأخر لماذا لم يحصل هذا من قبل ؟ لماذا حصل في عهد المحافظ وحيد رشيد المحسوب على التيار الإصلاحي وهو ماشكل نوع من القوة لهم في عدن , وأيضا هل بالفعل ان الحراك الذي تعتبر المنصورة من أقوى معاقل الحراك الجنوبي في عدن يسمح بتواجد مسلحين يمثلوا الجناح المسلح فيه او مسلحين من خارج قواعده وجدوا لهم في مديرية المنصورة ملاذ .
لن يكون إي شي مجدي غير ان يخرج الجميع عن صمته بكل ماحصل ويتحدث العقلاء ويخرس كل من يحاول إثارة المزيد من العنف والاقتتال وإقلاق الأهالي والناس يجب ان يوضع حد لكل ماحصل وكل ماهو مرشح للحصول وتظل المنصورة آمنة ومحفوظة دماء أهلها وتصبح على ضفتيها مكان مزروع بالورود والضفة الأخرى مكان للعيش بسلام ..
طابت لحظاتكم سعيدة ,,,
* من كمال اليافعي لصحيفة "عدن الغد" الورقية
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق