المؤتمر الأول للباحثين والأكاديميين والشباب في اليمن
المصير أون لأين تنشر ملخص الورقة :-
قدمت الأستاذة حنان محمد فارع ورقة بعنون (( القضية الجنوبية .. قضية وطن مسلوب )) إلى المؤتمر الأول للباحثين والأكاديميين والشباب
المنعقد يومي 13/14 مايو حول اولويات الفترة الانتقالية في اليمن، الذي نطمه مركز أبعاد لدراسات والبحوث .
المصير أون لأين تنشر ملخص الورقة :-
قدمت الأستاذة حنان محمد فارع ورقة بعنون (( القضية الجنوبية .. قضية وطن مسلوب )) إلى المؤتمر الأول للباحثين والأكاديميين والشباب
المنعقد يومي 13/14 مايو حول اولويات الفترة الانتقالية في اليمن، الذي نطمه مركز أبعاد لدراسات والبحوث .
القضية الجنوبية .. قضية وطن مسلوب
قبل الدخول في الحديث عن القضية الجنوبية وأبعادها وكونها تدخل ضمن أولويات المرحلة الانتقالية الحالية بصفتها من القضايا الكبرى التي يجب أن تحسم بحل سياسي عادل.. لابد من التذكير أولاً أن الوحدة اليمنية كانت تمثل هدفاً سامياً للشعب الجنوبي وكان يبدو جلياً من خلال الشعارات الثورية وكان يرددها الجنوبيين في أناشيدهم الوطنية وجسدت في كل أدبياتهم ووثائقهم وبرامج عملهم .
لقد قامت الوحدة بين دولتين ذات سيادة كل دولة مستقلة استقلال تام عن الأخرى بنظامين سياسيين متناقضين وثقافتين مختلفتين (نظام مدني في الجنوب وقبلي في الشمال) فكان من الطبيعي أن يولد الصراع بين الشريكين منذ الوهلة الأولى لتحقيق الوحدة اليمنية، خاصةً أن نظام صنعاء كان يرى أن الجنوب فرعاً لابد أن يعود للأصل وهو الشمال، وتعامل نظام صنعاء مع الوحدة وهو يضمر النية بإلحاق وضم الجنوب والتوسع إلى أراضي جديدة.. بينما نظر الجنوبيين للوحدة بعاطفة جياشة وقدم في سبيلها التنازل تلو الآخر لكن الانفراد بقرار سياسي مصيري دون استفتاء شعبي كانت له عواقبه الوخيمة .
خلقت الدولة الجديدة ( الجمهورية اليمنية) على اعتبار أنها مزيج بين النظامين السياسيين في الجنوب والشمال لكنها في الواقع هو ذاته نظام الجمهورية العربية اليمنية مع بعض التحسينات والرتوش درءً لرماد العين ليس إلا .. أما مبدأ الشراكة فقد غاب منذ اللحظة الأولى من إعلان تحقيق الوحدة اليمنية وانتقال القيادات الجنوبية إلى صنعاء والقبول بالشراكة الشكلية، وقد تفاجأ القادة الجنوبيين بنظام صنعاء يفشل كل المحاولات لتطبيق اتفاقيات الوحدة خلال المرحلة الانتقالية وسعيه الحثيث للتخلص من شريكه الجنوبي عبر سلسلة من الاغتيالات للقادة والكوادر العسكرية والسياسية والمدنية الجنوبية وظهور حليف جديد للنظام وهو حزب الإصلاح الإسلامي .. فكانت مؤامرة الانتخابات البرلمانية عام 1993م عقب انتهاء المرحلة الانتقالية وتم إقصاء الشريك الأساسي للوحدة وازدادت حدة التوترات السياسية بين الطرفين وعلى إثرها انسحبت القيادات الجنوبية إلى عدن .. وبرزت الأزمة السياسية بين الطرفين ودعت إلى ضرورة وجود وساطة عربية ودولية وبالفعل ذهبا الشريكين للتوقيع على وثيقة العهد والاتفاق في الأردن عام 1994م في الوقت الذي كان يتهيأ فيه نظام صنعاء لشن الحرب على الجنوب .
لقد رأى حاكم صنعاء آنذاك وحلفاءه من القبليين والإسلاميين أن وثيقة العهد والاتفاق تعد تهديداً لحكمهم وانقلاباً حقيقياً على مشروعهم القبلي في استيلاء على حكم اليمن .. وقبل أن يجف حبر التوقيع على الوثيقة أعلن حاكم صنعاء الحرب على الجنوب بمؤازرة معظم فئات الشعب الشمالي ..وصم خلالها الجنوبيين بالانفصاليين ونزع الشرعية الدستورية عن شريكه في الوحدة .. دقوا طبول الحرب وجعلوا منها حرباً دينية مقدسة بإصدار الفتوى الشهيرة في استباحة الجنوب وقتل أبناءه .
لقد وافق الجنوبيين على الوحدة عام90م طواعية كمشروع حلم وطني وقومي .. ورفضوه عام 94م كمشروع نهب وإلحاق .. مع انتصار نظام صنعاء في حرب صيف 94م وصل إلى غايته وأنجز هدفه لتبدأ مرحلة جديدة كرس فيها نظام صنعاء المفاهيم السائدة في الشمال على الجنوب .. فكانت من أهم تداعيات حرب 1994م تسريح عدد كبير من القادة العسكريين والمدنيين من وظائفهم وإرغام العديد منهم على التقاعد المبكر وتوالت تداعيات الحرب وما نتج عنها من نهب منظم وممنهج للجنوب والإقصاء والتهميش لأبنائه، حيث وزعت الأراضي واستبيحت المزارع والجمعيات الأهلية والتعاونية وقسمت الثروات النفطية الجنوبية كمكافأة لحلفاء الحرب وبقرارات جمهورية تم تدمير البنية التحتية وتفكيك مؤسسات نظام الدولة المدنية الموجودة في الجنوب وخصخصة جميع المصانع والشركات في القطاعين العام والمختلط وبيعت لمتنفذين وتجار برخص التراب ناهيك عن اقتحام المساكن الخاصة ونهب الممتلكات والسعي إلى إلغاء الهوية الثقافية والحضارية لعدن بشكل خاص والجنوب عامةً .. وهكذا أصبح أي جنوبي انتهكت حقوقه ويطالب بالعدالة يوصف بالخائن والانفصالي .. مع أننا لسنا الانفصاليين ومازلنا حتى اليوم نطالب بتحقيق الوحدة اليمنية، والانفصالي هو من تعامل معنا بلغة المنتصر ووضع الجنوب تحت قبضة أمنية وعسكرية شديدة وعمل على شراء ذمم عدد من الشخصيات الجنوبية ومنحها امتيازات.
من هنا بدأت تتبلور القضية الجنوبية في مراحلها الأولى كقضية حقوقية مطلبية، وعلى خلفية إهدار الحقوق نشأت حركة احتجاجات كانت غايتها إصلاح مسار الوحدة والمطالبة بحكم محلي واسع الصلاحيات ورد الحقوق لأصحابها .. لكنهم لم يجدوا آذان مصغية لدى نظام صنعاء واتهمهم بالانقلاب على الوحدة .
وظهر الحراك الجنوبي السلمي كحركة شعبية عام 2007م وفجر القضية الجنوبية حيث تبنى النضال السلمي وعمل على تحريك الشارع الجنوبي وقدم قوافل من الشهداء لنصرة القضية .. لكن سياسة العنجهية واستخدام العنف والاعتقالات التعسفية والتعذيب والمطاردات والتنكيل وسقوط العديد من شهداء الحراك السلمي الجنوبي، ساهم في تحويل القضية الجنوبية إلى قضية سياسية –حقوقية ذات أبعاد اقتصادية واجتماعية وثقافية ..وباتت قضية هوية وتاريخ ووطن منهوب .
ثمة قصور في فهم ماهية القضية الجنوبية وهناك من لا يرون فيها إلا مشروع انفصالي معارض للوحدة التي لم تتحقق حقيقةً إلى الآن.. والقضية الجنوبية لم تنتهي أو تموت بسقوط النظام كما يصور الآخرون ذلك .. فقد كان السلب والنهب هي أعراض المشكلة وليست المشكلة بحد ذاتها ..
بالنسبة للقضية الجنوبية وتحديات المرحلة الانتقالية فأن القضية الجنوبية غير قابلة للمساومة وللصفقات فهي قضية إنسان وأرض.. وكان واضحاً رفض الجنوبيين المبادرة الخليجية التي نصت على حل القضية الجنوبية بما يضمن وحدة اليمن، ومن الطبيعي أن يرفض الجنوبيين المشاركة في الحوار الوطني وهو إحدى نواتج المبادرة ويطالبوا الدخول في مفاوضات تحت إشراف دولي وتطبيق قرارات مجلس الأمن الدولي رقمي 924و 931 لعام 1994م الذي يدعو الأطراف المتنازعة في الجلوس إلى طاولة المفاوضات.. لكن قبل التفاوض لابد في البدء من الاعتراف بشرعية وعدالة القضية الجنوبية والحراك الجنوبي ومطلب الشارع الجنوبي بتقرير مصيره ووجود نوايا صادقة وحقيقية لحل القضية الجنوبية والتخلص من شعار الوحدة أو الموت وتقديم اعتذار عن حرب صيف 94م وما حل بالجنوبيين حتى يومنا هذا ..عموماً يسقط أي حوار في ظل تهجير أبناء أبين والقضايا الأمنية العالقة وما يحدث في الجنوب من انفلات امني متعمد وتبني بلاطجة وتوزيع أسلحة لهم لترويع المواطنين وقضية القاعدة..
أن حل القضية الجنوبية لن يتم إلا باستدعاء كافة الأطراف الجنوبية والجلوس معهم على طاولة المفاوضات وتقبل جميع الآراء والطروحات دون تحديد سقف للحوار وفتح الباب لكافة الاحتمالات الواردة بما في ذلك استعادة الدولة الجنوبية، أما الاستمرار على الوحدة بصيغتها الحالية يعتبر خطأ سياسي فادح .
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق