الأربعاء، 21 مارس 2012

الجنوبيون والسيناريو الجهادي

المصدر : عدن - احرار - خاص

20/3/2012

بقلم / RAN AWAD *

مهما اختلفت القوى التقليدية التي تمسك بزمام السلطة وأدواتها في الجمهورية العربية اليمنية فإنها عند فك الارتباط مع الجنوب واستقلاله تنحي خلافاتها جانبا وتتحد وتتلاحم بقوة لتدمير الشعب الجنوبي ووأد تطلعاته التحررية وفي ذلك لكل منها طريقة موجهة وسيناريو مدروس ، ومن ضمن هذه السيناريوهات الخبيثة سيناريو خطير يأخذ الطابع الديني، وكما هو معروف فإن الجنوبيين رقيقوا المشاعر قوييوا الإرادة والعقيدة وهذا الشيء عندهم غير قابل للمساس وتدفع لأجله الأرواح دون تردد، فالجنوبيين آهل سنة على خلاف شمال اليمن التي تتعدد فيه المذاهب ويزخر بالتناقضات المذهبية التي ظهرت صورها في أشكال متعددة وصلت إلى سلسلة من الحروب الدامية تم خلالها محاولات إقحام عديدة للجنوبيين ..الذي يلفت الانتباه مؤخرا هو تلك الموجة من الاستنفار المذهبي التي يعمل البعض من دعاتها من الشماليين على بثها في صفوف شباب الجنوب .. الشباب الذين ينتمون للشعب الجنوبي (الملحد الشيوعي الماركسي الكافر) وهي الصفات التي أطلقها نفس المنتمين لهذه العقلية الدينية التي أفتت وأطلقت هذه الصفات وغيرها من المسميات عندما استوجبت الدوافع السياسة ذلك حيث كانت هناك حاجة لغزو واحتلال الجنوب وتجيير الدين لاجل هذه الغزوة الظافرة ،واليوم عندما دعت نفس الحاجة السياسة كذلك إلى شحذ همم شباب الجنوب لإقحامه في صراعاتهم نسوا أولئك الدعاة أن هذا الشباب هم أبناء نفس الشعب الماركسي الملحد الذي أفتوا باستعماره واحتلال أراضيه بالأمس ، وهاهم دعاتهم يستقطبون شباب الجنوب لنجدتهم في صراع ليس للشباب فيه ناقة ولا جمل!! سيناريو صناعة الخصم من العدم ،،هو اخطر من خطير من خلال غسيل الدماغ لشباب الجنوب الذين بسبب الاحتلال وما مر على الجنوب على اثر حرب 94م من تخريب للعلم والتنشئة والثقافة وضنك العيش وتخريب الحال بكل مجال،حيث أنتج ذلك شرائح من الشباب ضعيفوا النشأة و الوعي والثقافة والفهم الصحيح لتعاليم ديننا الإسلامي الحنيف ومضامينه الإنسانية والحضارية والذي يدعوا الى السلام والحكمة والموعظة الحسنة والاعتدال والوسطية.. هؤلاء الدعاة الغلاة يستغلون عدم توفر المؤهلات التوعوية و التربوية اللازمة وغياب المناعة الفكرية والحصانة الثقافية بسبب غياب المرجعيات المحلية وتقاعسها عن القيام بدورها في توعية وإرشاد الشباب للتفريق بين الغث والسمين في ظل وجود قوى ظلامية كثيرة تعمل على ملئ ديارنا بضباب أفكارها وظلام أعمالها ،هذا الأمر يسهل توجيه واستغلال طاقات الشباب وحميتهم وغيرتهم وحماسهم في الاتجاه المعاكس وربما في اتجاه الشيطان نفسه وخاصة عندما يتم الضرب بقوة على الوتر الديني الحساس..، لقد بدأنا نرى كيف ظهر دعاة الجهاد واتوا من كل حدب و صوب جاهزين مجهزين..فيقومون بإلقاء محاضراتهم ويحثون الشباب على الجهاد في صعدة لأنه الدين هناك يهان وفي خطر والمسلمون يذبحون ويقتلون !! ويعدون القتلى من شبابنا بالجنة من الأخيار والصديقيين والجرحى بتواب الله ، فهل بيدهم جنة أو نار لكي يعدون بها ؟ وهل جوهر المعركة ومضمونها فيه ما يستحق أن يكون الناس بين قاتل أو مقتول ؟ أليس الموضوع لا يتعدى كونه مجرد صراع يريد البعض جعله طائفيا وهو في الأساس ذو بعد وخلفية سياسية فما شأن شبابنا به ليذهبوا لأتونه المحرقة وتزهق أرواحهم في ارض غريبة عنهم تبعد عن الديار مئات الكيلومترات !

أن الجنة بيد الله رب العالمين وحدة فلا يوعد مسلم بجنة ولا كافر بنار إلا ما كتب الله وقدر بكتابه المحفوظ تبارك سبحانه وتعالى عما يصفون ، وكان الرسول علية أفضل الصلاة والسلام أذا جاءه مجاهد ولديه والدين ولم يرضيا على ذهابه للجهاد لا يقبل أن يأخذه ويرده لوالديه لان رضاهما من رضي الله ،ويقول له جاهد فيهما طالما مازالا على قيد الحياة ، فكيف لهؤلاء الدعاة أن يوافقوا بل ويعملوا ويرتبوا على هروب الشباب من أهلهم وأخذهم معهم دون رضاهم ويحللون ذلك ويقولون هذا فرض عين لا يشترط الموافقة ؟ من أين أتوا بهذا وهو أمر لا يقبله العقل فكيف بكتاب الله و سنة رسوله الكريم ؟!

لقد وضع رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم دستور للحياة البشرية في كل مجالاتها ولم يغفل شي فيها،ومنها أيضا انه لم يغفل الحاجة والداعي للجهاد الحق والقويم ،ولم يغفل لا السن ولا القدرة للمجاهد لأداء هذه الفريضة متى ما كانت لازمة ولها مسوغاتها وشروطها الشرعية الصحيحة، وواجبة لها دواعيها العقلانية والمنطقية، ولكننا هنا نرى العكس فهؤلاء يأخذون شبابنا وهم في الغالب لا يجيدون القتال ويستخدمونهم كالدروع البشرية.. يأخذون شبابنا لمعارك وهم متأكدون سلفا أنهم ذاهبون للتهلكة ويبشروهم بالجنة لتزيد الحماسة بقلوبهم بينما القلة القليلة فيهم ربما بالكاد قد تحسن استخدام البندقية بعد إعدادهم لخوض غمار هذه المعارك العبثية .. !

يوجهونهم لقتال الحوثي المزود بأحدث أنواع الأسلحة وفي أرضة التي يعرف كل شبر فيها ويفتون بتحليل دمائهم ،وفتاويهم جاهزة لأي مخالف .!! أن الله وحدة يعلم الحق ولكننا هنا نتساءل لماذا تنفذ هذه الأجندة الاستنزافية والدموية على جماجم شباب الجنوب أكثر من غيرهم وفي هذه التوقيتات بالذات ؟ بل والاهم لماذا يتم التوجه للمساجد واستخدام منابرها للإغراض السياسية المشبوهة هذه في ظل صمت حتى من قبل من هم عادة لا يصمتون ؟ إلى متى سيظل الجنوب ساحة لتصفية الحسابات بين المتصارعين الغرباء عنه وعلى حساب أبنائه ؟

أليس من بين سكان الشمال العدد الكافي ليتحقق المدد لأهل الرباط في صعدة ويدفعون عن أنفسهم ما يروه خطرا عن الدين بعيدا عن استنزاف دماء شبابنا في مالا مصلحة لهم فيه .. أم أن المسألة لا تعدوا كونها من نفس جنس الشطارة الشمالية المعتادة ومضمونها هذه المرة ضرب عصفورين بحجر من خلال استنزاف دماء شباب الجنوب الذين هم مصدر قوته من ناحية وخلق حالة من العداء والشر المحتدم بين أهل الجنوب وأهل صعدة من ناحية أخرى ، حيث يأتي هذا من ضمن سياسة صناعة الخصم والعدو من العدم ، وهو ما يزيد تضييق الخناق على الجنوبيين وإفقادهم توازنهم وتركيزهم على قضيتهم الأساس !

حقيقة تساؤلات كثيرة تضع نفسها هنا وبعض منها قد لا يجد إجابات شافية ،ولكن المؤكد هناإن ثمة سيناريوهات شيطانية تنفذ بإتقان من قبل أكثر من طرف وتنطلق جميعها من مصدر واحد بعدة أشكال وصور ووفق عدة اتجاهات ومسارات ، وكلا يؤدي دوره لتدمير الجنوب وقتل أبنائه ،حيث تلتقي جميعها في نهاية المطاف على هدف واحد ،كالحية متعددة الرؤوس ولكنها تصدر نفس السم من نفس المصدر .!!

وهنا أتساءل أين علمائنا ومشايخنا من هذا ؟ أين رجال الدين الجنوبيين الغير مبرمجين لصالح المحتل أو الحاكم أو صاحب السلطان؟

أين الآباء المتعلمين والمثقفين ؟ أين دور المجتمع ؟ لما نسمح باختراق عقول أبنائنا ؟ كيف نسمح باستغلال منابر مساجدنا وجعلها محركات للصراعات والتصفيات ؟ أليست هذه بيوت الله شيدت لذكره وعبادته ونهل علوم ديننا الحنيف .. دين الإسلام دين المحبة والسلام ..

نسأل الله لنا ولكم ولأبنائنا جميعا السلامة والاستقامة وان يجنبنا وإياكم ووطننا وأهلنا شر الطامعين وان يرد عنا كيد الحاقدين .. ويعجل من عنده بالفرج لنا أجمعين .. اللهم آمين

* ناشطة اعلامية جنوبية

هل أعجبك الموضوع:

ليست هناك تعليقات :