بقلم : سالم حسن
عادة ماتكون الحيرة في شئ ما بحاجة إلى وقفة وتأمل , من خلال النظرة المجردة لهذا العنوان : ( الشعب يريد إسقاط النظام ) نجد به نغمات تشجي الأذان , وشحنة تثير الإحساس والوجدان دفعت بالبعض من أبناء شعبنا في الجنوب ممن يعيش حالة البؤس والحرمان إن يتناغموا معها دون إحساس أو إدراك للإبعاد السياسية , وفي نفس الوقت هم بحاجة ماسة إلى من يؤازرهم في محنتهم , ويشاركهم في إبعاد الكابوس الجاثم على صدورهم باتجاه تحقيق أمالهم وتطلعاتهم نحو التحرير والاستقلال
فاعتقدوا إن حاملي هذا الشعار قد حققوا لهم المتنفس الخصب فانجرفوا إليه عن حسن نية دون استيعاب مخاطره في الوقت الذي يتطلب الأمر إلى وقفة للتمعن والتفكير لنقف برهة من الزمن نتسال : هل مايتردد من شعار ( الشعب يريد إسقاط النظام ) هدف أم شعار ؟
إن تبني شعار ( الشعب يريد إسقاط النظام ) كهدف من قبل شباب الثورة والشعب في أرضنا ارض الجنوب يعني في مضمونه تنازلاً عن القضية الجنوبية وعن قراري مجلس الأمن الدولي اللذين تم اتخاذهما إثناء الحرب , وبالتالي فهو يمثل الخديعة التي ظلت تجر شعبنا في ارض الجنوب , ان هذا الشعار ينحصر في معناه الهادف إلى تغيير وجوه وملامح السلطة الحاكمة فقط ويبقي شعبنا تحت مايسمى بالوحدة , فمهما تعددت الأسباب وتنوعت وسائلها يبقي الموت واحد , فتعاطينا مع هذا الشعار نكون قد ارتضينا على أنفسنا كشعب في الجنوب على دفن القضية الجنوبية بأيدينا , وتخلينا عن عهدنا على دم الشهداء فأهدرنا دمائهم , ونسينا الآم جرحانا وعذاب أسرانا والأيتام والثكالى من نسائنا ، والمطاردين من أبنائنا، ولو تمعنا ما كان يقال من قبل السلطة وأعوانها أثناء الحرب في استعدادهم لتقديم مليون شهيد من أجل الوحدة يدل دلالة قاطعة على الإفلاس والجهل ، وهم بذلك في حاجة ماسة إلى توعية ودورة فكرية وسياسية تجعلهم يتجاوزون مرحلة الجهل ، بينما لو كان القول بتقديم المليون الشهيد للاحتلال كان المنطق للحقيقة ، وبالتالي يبدو لنا الأمر واضحاً وجلياً بأن الشعار الذي يتردد بإسقاط النظام يعني في الأخير الدفاع عن الاحتلال وليس الوحدة ، ولو كانت السلطة ووجهها الأخر يدركون جيداً ويستوعبون المضمون الحقيقي لمفهوم معنى الوحدة لما أصبحت هذه الوحدة ضحية لجهلهم بها ،لأن فاقد الشئ لا يعطي ، ويمكن تلخيص ذلك الجهل في التالي :-
أ)- قيامهم بالحرب بعد الإعلان عنها في شارع السبعين.
ب)- قيامهم بنهب الأرض والثروة في الجنوب وحرمان أهلها منها .
ج)- طمس الهوية والتاريخ السياسي للجنوب لصالح الشمال .
د)- حل المؤسسات النزيهة والمنظمة في الجنوب وإحلال أجهزة ومؤسسات دولة الشمال الفاسدة والمتخلفة خلافاً لما نصت اتفاقية الوحدة ودستورها .
هـ) الإصرار والتعنت على و احدية الشمال والجنوب والرفض بعدم الإذعان لإزالة أثار الحرب وإصلاح مسار الوحدة واعتبار أن الوحدة هي وحدة الواحد .
و)- عدم التمييز بين الوحدة والاحتلال .
كل ذلك دليل قاطع لتأصل الجهل ، وعدم الفهم والاستيعاب ،ومخالفة المنطق ، والإثبات الجازم بعجز التفكير ،وهذا ماينطبق ، كما أن عدم الإدراك لميزة الاحتلال باعتباره سلب لسيادة الناس على أرضهم واحتلال استيطاني تمثل في نهب الأرض والثروة بدلاً عن أهلها كما هو الحال منذ حرب عام 1994مولو يدركون ما فعلوه بشعب الجنوب ما فعلوه
إن توحيد الشعار لثورة الشباب بين الشارع الجنوبي والشارع الشمالي تحت شعار : ( الشعب يريد إسقاط النظام )في أمس الحاجة إلى تأسيس بنيانه وفقاً لعدد من الشروط أهمها :
1- الاعتراف بقضية الجنوب كقضية وحدة سياسية بين دولتين أسقطها النظام بالحرب وحولها إلى احتلال استيطاني .
2- الاستعداد الأمثل للتفاوض مع الجنوبيين بعد إسقاط النظام تحت أشراف دولي.
3- أن يكون تضامن الشعب في الشمال مع ضحايا عدن في مناطقهم وليس في عدن ، لأن الزحف نحو عدن يوحي بأن الهدف هو إسقاط الحراك قبل إسقاط النظام ، خاصة وأن إسقاط النظام يتطلب الزحف نحو العاصمة صنعاء كما فعل التونسيون والمصريون على حد سواء وليس نحو عدن ....
4- التساوي في التضحيات بين الشمال والجنوب بحسب الكثافة السكانية ، لأن تضحيات عدن في أسبوع واحد على شعار الإسقاط كانت أكثر من (20) شهيد ومئات الجرحى والمعتقلين في الوقت الذي لم يسقط شهيد أو جريح أو معتقل واحد من الشمال على شعار الجنوب ، بل أصبح العكس ظللتم ومازلتم تحاربون شعار الجنوب .
أن القبول بهذه الشروط والالتزام بها ستوحد الجهود والتلاحم بين الشعبين، ما لم فان ثورة الشباب والشعب في الجنوب ستظل متمسكة بشعار قضية الجنوب المستندة على قراري مجلس الأمن الدولي الداعيين إلى عدم فرض الوحدة بالقوة ، هو مايعني حق تقرير المصير لشعب الجنوب ، والتضامن مع شعاركم كدعم للشعب في الشمال وعدم رفعه وتبنيه .
أما مايتعلق بموضوع عناصر تنظيم القاعدة الذين تم إدخالهم إلى عدن ليبررو ا لكم قمع الشعب الواعي والمسالم ، أو للقيام بمهمة الاغتيال لقيادات جنوبية فهم سيف ذو حدين سوف تكتوون لامحالة بنارهم قبل غيركم ،لذا فمن الأهمية بمكان الابتعاد عن هذه اللعبة القذرة ، لأنه من الأرجح التسليم بحل قضية الجنوب قبل غيره .
أن مشاكل اليمن في حد ذاتها مشاكل ذاتية باستثناء القضية الجنوبية موضوعية ،ونستدل بالوقائع التالية :-
إذا اختفت أحزاب اللقاء المشترك اختفت مطالبه ، وان أختفى الحوثيون اختفت قضيتهم ،وأن اختفى الإرهابيون أختفي شرهم ، وباختفاء الفاسدين يختفي الفساد ، ومن هنا يتبين إن كل هذه المشاكل مجمعة هي من أصحابها ، ولهذا تعتبر مشاكل ذاتية وليست موضوعية.
أما القضية الجنوبية فهي قضية موضوعية لم يخلقها الحراك ، وإنما هي من خلق الحراك ، ولو أختفي الحراك لايمكن أن تختفي القضية الجنوبية بل ستظل قائمة بقوة الواقع إلى أن يأتي من يعبر عنها بدلاً عن الحراك، لأنها قضية موضوعيه ، لذا فهي تعتبر أم القضايا كلها في البلد ، وهي بذلك تحل بقية القضايا الأخرى تلقائياً ،لأنها ستأتي بنظام سياسي جديد يرضى المعارضة والحوثيون ويزيل الفساد ويغلق الأبواب أمام تنظيم القاعدة ، أما بدون حلها فلن تحل أي مشكلة في البلد ، بل سيظل كل طرف يوظفها لصالحه.
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق