الأربعاء، 16 نوفمبر 2011

النظام والقاعدة وقواعد اللعبة الجديدة

النظام والقاعدة وقواعد اللعبة الجديدة
القاعدة تطلب من صالح موقع اللواء ميكا في أبين ومواقع عسكرية هامة في عدن
الأربعاء 16 نوفمبر-تشرين الثاني 2011 الساعة 12 مساءً / مأرب برس - عبدالملك شمسان

بدأ علي عبدالله صالح مهاجمة الأمريكان بشأن الحرب على الإرهاب، وقال إن هذه الورقة سوط تجلد به الولايات المتحدة ظهور الدول الصغرى، وسيف مصلت في رقابها. ثم سرعان ما أردك أن هذا التوجه سيوصله إلى مكان مسدود، فقرر مجاراة الأمريكان في اللعبة والاستفادة منها قدر الإمكان.
حذق اللعبة في وقت سريع، ودخل طرفا ثالثا في اللعبة حصته منها الدعم المالي والسياسي وتسليح وتدريب قواته العائلية التي تحفظ له نظامه، وبقدر أكبر مما كان يتصور. فيما حصة الأمريكان هي تأسيس مؤسسات عسكرية وأمنية في اليمن تصوغها عقليا ومهنيا بعناية فائقة فتحكم بها اليمن وتتحكم –من خلالها- بالقرار.

وأدركت القاعدة حاجة الأمريكان ونظام صالح إليها، فيممت وجهها شطر اليمن، خاصة وأنها تلقت ضربات موجعة في الباكستان وأفغانستان ولم يعد بقاؤها هناك مرغوبا فيه.
ووجدت في اليمن المكان الملائم لاعتبارات عدة. حيث في اليمن وعلى مقربة منه مصالح أمريكية تمكنها من تحقيق أهدافها في توجيه ضربات ضد المصالح الأمريكية، وتضاريس تقيها الضربات الأمريكية التي تعمد إليها الإدارة الأمريكية كلما أرادت ذريعة لمزيد من النفوذ، أو أرادت تحقيق انتصار.
وظل صالح يوفر للقاعدة المواد الحافظة وعوامل البقاء، من خلال تسهيلات في مجال الاتصال الداخلي فيما بين أعضائها، والدخول والخروج، وامتلاك السلاح، على أن تقتصر في تحركاتها –مكانيا- على المنطقة المسموح بها، وزمانيا على التوقيت المحدد أيضا.
كانت المنطقة التي هوت إليها أفئدة القاعدة محدودة ومحددة بالجزء الشمالي من إقليم الصحراء حيث آبار النفط في مأرب وما حولها.
في مواجهة الحراك الجنوبي
بدأ الحراك الجنوبي في عدن أواخر 2006م بمطالب حقوقية، ثم تحولت مطالبه إلى سياسية واتسعت دائرته لتعم كل المحافظات الجنوبية، واحتاج صالح إلى "القاعدة" لتوفر له ذرائع ضرب الحراك، وتفتح له ثغرات ينفذ منها لخلخلة صفوفه. فقام بتوسيع نطاق عمل القاعدة التي كانت شبه محصورة في مأرب والجوف، ليتمدد نطاق عملها إلى الجزء الجنوبي من إقليم الصحراء (شبوة، والمهرة). ثم نقلها في خطوة لاحقة وبشكل شبه كلي إلى محافظة أبين المطلة على خليج عدن. وساعده على ذلك مغادرة الشيخ طارق الفضلي لموقعه في النظام وإعلان الانضمام إلى الحراك الجنوبي.
أظهرت القاعدة تحركا نشطا خلال تلك الفترة في المحافظات الجنوبية، وتمكن النظام من مجاراة نشاط القاعدة بنشاط إعلامي وسياسي تمكن به إلحاق الضرر بالحراك، كما حصل به على شيء كبير من الدعم المالي والسياسي من دول الجوار والولايات المتحدة الأمريكية.
في مواجهة الثورة الشعبية
اندلعت الثورة الشعبية السلمية المطالبة بإسقاط نظام صالح مطلع العام الجاري، ووحدت الجنوب والشمال تحت عباءتها وأهدافها الرامية أولا إلى إسقاط نظام صالح، والرامية –تاليا- إلى بناء دولة مدنية ديمقراطية تنهي الظلم والتمييز وتقوم على مبادئ العدل والمواطنة المتساوية.
ومجددا.. احتاج صالح إلى توسيع نطاق القاعدة، فقام نظام صالح بصياغة بيانات باسم القاعدة تؤكد دعمها للثورة الشعبية، بل وتواجدها في مختلف ساحات الاعتصامات التي تملأ ساحات وميادين المحافظات. أو أن القاعدة هي من صاغ –فعلا- تلك البيانات بعد إدراكه أن تلك هي حاجة شريكه في اللعبة (نظام صالح).
أوحت تلك البيانات والتصريحات بأن تنظيم القاعدة يتمدد على طول اليمن وعرضها، وسينتشر في البلاد بشكل متواز مع انتشار الثورة المطالبة بإسقاط النظام. إلا أن إمكانيات القاعدة أقل من أن تسمح لها بهذا الانتشار في عموم المحافظات اليمنية. ومن هنا كان لابد لها ولصالح من اختيار مناطق محددة تغني عن الانتشار الذي سيفضي بالقاعدة إلى التشتت والتشرذم، ناهيك عن مخاطر كبيرة ستنجم عن هذا الانتشار لن يكون بمقدورهم تحملها.
نقل سيناريو أبين إلى عدن
جرى الاتفاق بين نظام صالح وبين القاعدة على تسلم الطرف الأخير مواقع عسكرية في أبين بتسهيلات من الطرف الأول، ومن ضمن هذه المواقع موقع اللواء (25 ميكا) في أبين، إلا أن قائد اللواء رفض الاستسلام والتسليم للموقع، وتكبد النظام والقاعدة هزيمة كبرى هناك على أيدي أبناء قبائل أبين الذين هبوا -وبمساعدة ألوية عسكرية مؤيدة للثورة الشعبية- للحفاظ على محافظتهم.
احتاج صالح لنقل لعبة القاعدة إلى عدن، لكن القاعدة التي ظلت –طيلة الفترات الماضية- ترضى منه بالفتات مقابل الخدمات الجليلة التي تقدمها له، قد تعلمت لعبة السياسة وأتقنت اللغة التي يتكلم بها صالح، وفوجئ بها صالح –هذه المرة- وهي تفاوضه الند للند لا على ما كان عليه الأمر سابقا، بل وتفاوضه على أنه الطرف الأضعف. وأكدت عليه مجددا ضرورة تسليمها موقع اللواء (25) ميكا في أبين، وكانت المفاجأة الأكبر أنها لم تقتنع بالمواقع التي وعدها صالح بمنحها إياها في عدن، بل طالبت بتسليمها مواقع عسكرية هامة في هذه المحافظة تابعة للواء مهدي مقولة. وهو ما رفضه صالح باعتبار أنه لا يريد التفريط بكل شيء وإنما يريد أن تحقق القاعدة حضورا إلى مستوى معين لا السيطرة الفعلية والتامة على المحافظة الساحلية التي تحتل المركز الأول في أهمية موقعها من ناحية عسكرية وأمنية أولا، ومن ناحية سياسية ثانيا.
وزير الدفاع ومقولة يفاوضان باسم صالح
المصادر التي أكدت المعلومات المشار إليها سابقا، قالت إن نظام صالح أوفد وزير الدفاع للتفاوض مع القاعدة في أبين وعدن، وأن وزير الدفاع استعان باللواء مهدي مقولة للتفاوض بشأن المواقع التابعة له في عدن والتي تطالب بها القاعدة. وأن المفاوضات وصلت إلى طريق مسدود. واقتصر الاتفاق بين الطرفين على مستوى محدود.
وأكدت المصادر لجوء صالح إلى عناصره وأنصاره في بعض المحافظات الجنوبية العاملين تحت لافتة الحراك الانفصالي المسلح من خلال وكيل محافظة عدن عبدالكريم شايف، متعاملا معهم كطرف رديف للقاعدة.
وتشهد عدن وعدد من المحافظات الجنوبية نشاطا ملفتا من قبل القاعدة ومن قبل الحراك المسلح المطالب بالانفصال والذي كرر اعتداءاته على المسيرات السلمية المطالبة بإسقاط نظام صالح.
وتحصل هذه الأطراف -من نظام صالح على الأسلحة وما تتطلبه من الدعم المالي واللوجيستي.
ونقلت مواقع صحفية خروج مسيرات لمن يسمون أنفسهم بالحراك المطالب بالانفصال، وشارك في مسيراتهم مجاميع من قوات الأمن والنجدة. وأن الأعلام التشطرية التي رفعوها في المسيرات طبعت في دائرة التوجيه المعنوي التابعة لوزارة الدفاع والتي يديرها علي حسن الشاطر.
*Shamsan75@hotmail.com
هل أعجبك الموضوع:

ليست هناك تعليقات :