الاثنين، 7 نوفمبر 2011

اشهار التحدي في وجه الجنوبيين

اشهار التحدي في وجه الجنوبيين
عبدالقوي الشامي
عندما يقف المرء على ما يبدر من بعض القيادات السياسية والنشطاء الحزبيين فيما يخص مستقبل اليمن عمومآ وموقفهم من القضية الجنوبية على وجه التحديد يجد: ان الخير كل الخير ينطق من حناجرهم, كما يجد: ان الحلول النموذجية لكل القضايا هي تلك الحلول المطلقة التي تنضح بها أقلامهم, وما دونها تلصق به أقذع الألفاظ .. نسمع عبارات تبسيطية وتناول سطحي يربط مشكلة الجنوب بشخص صالح وانه بانتهاء حقبته البائسة ستحل القضية اليآ, عندما يتمعن المرء بتلك الأحاديث يصاب بدهشة التأكد من هزال الحل القادم بالتدابير المخزونة إلى ما بعد التثوير,
يعترفون بأن للجنوبيين قضيه, ويقرون بالظلم الذي محق الجنوب ومازال, لكنهم يرفضون موضوع الانفصال ويدينون فكرة فك الارتباط ويشمئزون من فكرة الكونفدرالية ويتوجسون من الحكم المحلي ويكفرون الحراك الجنوبي إذا لم يكن من حيث المبنى والمعنى شمالي الهوى .. اذآ ماذا تبقى للخروج بحل للقضية الجنوبية ان كانت بالفعل قضية؟ فتأتيك الثوابت في جواب الإصلاح الثابت, مثل جواب الصالح الثابت, وكليهما يرتكز على الثبوت ولا غضاضة لديهما في ذلك لأن الجنوب كيان متحرك ومن واجبهما تثبيته وتعميده ان اقتضى الأمر بالدم,مثلما عمداه العام 94م وكله يهون باسم الوطن.
على حسب هذا المبدأ التسطيحي في التشخيص ترتكز معادلتهما للحل على مبدأين أساسيين, الأول تسخين الجدل حول دور بريء لكل الموجودين في مشهد الراهن الثوري في حرب صيف 94م على الجنوب, وتبييض صفحة حزب الإصلاح في تلك الحرب, لهذا خرجوا علينا بالمؤصل الشرعي لتلك الحرب, الدكتور الشيخ عبدالوهاب الديلمي, صاحب الفتوى السيئة الصيت, التي حلل فيها دماء أبناء الجنوب شيوخا ونساء واطفالآ, خرجوا به في محاولة لإخراج الإصلاح من إشكاليه توصيف من هم الشهداء في تلك الحرب الظالمة؟ هل هم المقتولين من أبناء الجنوب أو القتلة الذين استقدمهم الحزب لدعم قوات صالح, ظهروا علينا بالشيخ الديلمي, في 28 أكتوبر الماضي, بعد غياب طويل, ليقول ولكن هذه المرة دون إفتاء: بأن الرئيس علي عبدالله صالح هو المتسبب الأول في إشعال الحرب الأهلية في اليمن وليحمله المسئولية الكاملة.
يامثبت العقول ماذا حدث؟ هل اسلم الجنوبيون أم ان إسلام عام 1994م يختلف, والعياذ بـ لله عن إسلام اليوم! أم ان المسألة مزايدة سياسية والدم الجنوبي سلعتها! .. بهذا الاستنتاج الديلمي وفتواه يكون القاتل والمقتول في تلك الحرب شهداء وبهذا ايضآ يكون حزب الإصلاح قد ضرب ثلاثة عصافير بحجر الديلمي, حيث يكون قد استبق حل القضية الجنوبية بتقييد الحرب التي أنتجتها, ضد صالح وتحميله دون غيره كامل الدماء والمآسي التي لم تدمر الجنوب وحسب بل دمرت الوحدة ايضآ, والأهم هو التحلل من مسئولية الفتوى الديلمية التي سقط بفعلها عشرات الآف الجنوبيين .. اي كانت الدوافع والأسباب, فأن مجرد ظهور صاحب فتوى قتل الجنوبيين دون تراجع صريح وواضح عن تلك الفتوى, ليس صدفة ولا بالونة اختبار, وإنما هو إشهار تحدي صريح وواضح, لكل من تعز عليه تلك الدماء التي سفكت في طول وعرض الجنوب طوال 64 يوم.
أما المحور الثاني لتلك المعادلة فيتمثل بالسعي الحثيث لسلب الحراك الجنوبي السلمي شرعيته التي اكتسبها طوال السنوات الماضية بدماء المئات من الشهداء وآلاف الجرحى والمعتقلين في أقبية صالح وإضعاف إضعافهم من المعوقين والأرامل والثكالى والأيتام, والعمل بكل ما أوتوا من قوة صوب التحريم المعنوي والتجريم الأخلاقي لأي حديث عن الجنوب يتحرش بوحدة عمدوها بالدم الجنوبي, وعليه فأن اي جدل جنوبي يتناول قضيته خارج الإطار إياه مؤثم سلفا, وان اي مظاهرة ترفع علم الجنوب فوق ارض الجنوب, يجب محاصرتها ومقاطعتها اعلاميآ والتقليل من قيمتها, بإلصاق تهمة التبعية للاستعمار البريطاني وللشيوعية وبنت عمها الاشتراكية وفوق هذه وتلك التبعية لصالح ونظامه الفاسد, وأي ساحة جنوبية لم تلد من رحم الحزب الموعود أو المؤود, فليس لها محل في إعراب الثوريين , ليس هذا وحسب بل وينبش في وجهها ما يتيسر من مثالب الماضي الجنوبي القريب والبعيد, وان أمكن احتلالها بقوة الحزب فسيكون ذلك في مصلحة ثورة الحزب ووحدة أعضاءه.
بالرغم من كل ذلك ينبغي الإشارة إلى احتمالية الا يكون هكذا توجه, تعبيرا عن مزاج عام لدى الإصلاحيين, فما يطرح من قبل بعض القيادات في الجنوب يدل بعدم وجود وحدة آراء بشأن القضية الجنوبية, كما وأمر كهذا ليس بالضرورة ان يكون تعبيرا عن بوادر موقف تصالحي مع الجنوبيين ولا يستبعد ان يكون ثمرة تقدير فرضته ضرورات الانتماء كما ولا يستبعد أن يكون لعبة تبادل ادوار فرضتها ضرورات المرحلة, لذا نقول: انه طالما هناك إجماع بوجود قضية اسمها جنوبية, فإنها تستدعي التصرف باستقامة لمباركة الرأي الذي سيجمع عليه أصحاب القضية, دون إرهاب أو تخويف, دون وصاية أو حجر ودون توعد أو توجيه حزبي ودون نفخ أو ضغط على الجيوب أو البطون, كما وتستدعي الكف عن شيطنة هذا الحل من اجل ذاك وتستوجب الحركة والقول الصريحين بدلا من المراوغة والتكتيك لتخليد المراوحة في ذات المكان فالحل يكمن في رأي الجنوبيين جميعا وليس غيرهم أو الحزبيين وحسب, ولن ينجح اي حل يتم في غيبة الشعب في الجنوب. 
هل أعجبك الموضوع:

ليست هناك تعليقات :