الخميس، 16 يناير 2014

التــشــريــع للصـوملة

د\محمد حيدرة مسدود\شبوة برس
ان فكرة الأقاليم التي جرى تسويقها في حوار صنعاء هي مؤامرة لطمس الهوية الجنوبية وهي لذلك تشريع للصوملة  
فقد تم حشر قضية الجنوب في شكل الدولة وهذا الحشر في حد ذاته  هو الطمس بعينه، لأن التسلسل المنطقي لا يسمح بالحديث عن شكل الدولة قبل حل قضية الجنوب ولا يسمح موضوعيا ومنطقيا بالخلط بينهما.
كما انه من غير الممكن موضوعيا ومن غير المعقول منطقيا فهم قضية الجنوب وفهم حلها الاّ خارج قضايا الشمال وبمعزل عنها .


ولهذا فاننا نشفق على من يعتقد بوجود وحدة او بقاء شرعية لاتفاقياتها ودستورها بعد الحرب ، ونشفق على  من ورطوا أنفسهم في توقيعات لحل قضية الجنوب دون موافقة شعب الجنوب ، وهل يعلمون انهم بذلك يشرعون لصوملة الجنوب ؟؟؟.

فقد ابتكرت الدول الكبرى فكرة الحوار الوطني الشامل في اليمن وكل طرف منها يسعى الى ان تكون مخرجاته لصالح مصالحه، ومن الطبيعي ان تكون المخرجات لصالح اطراف منها على حساب اخرى، ولصالح اطراف محلية على حساب اخرى أيضا وبالذات في قضية الجنوب .

وهذه الإطراف المتضررة من المخرجات ستقاومها . فالطرف الجنوبي سيستمر في مقاومة المخرجات بالنضال السلمي ، والقوى الاقليمية والدولية المتضررة من هذه المخرجات ستجلب لها تنظيم القاعدة وانصار الشريعة من كل انحاء العالم ، وهذه هي الصوملة بعينها .

ولهذا وللمزيد من التوضيح حول الصراعات الدولية في البلدان المتخلفة نوجز التالي :ـ

أولا : في المرحلة الاولى من الاستعمار الاوربي القديم تنافس الاوربيون على تقاسم العالم جغرافيا كأسواق لتصدير منتجاتهم ، وفي المرحلة الثانية اعادوا تقسيم العالم اقتصاديا لتصدير الراسمال بدلا عن تصدير السلعة. فقد تطلب تصدير السلعة تقسيم العالم جغرافيا ، وتطلب تصدير الرأسمال  تقسيم العالم اقتصاديا ، وكل ذلك أدى الى حربين عالميتين فيما بينهم .
وبعد الحرب العالمية الثانية برزت امريكا والاتحاد السوفيتي كقوى عظمى جديدة وحلت محل القوى العظمى الاوربية القديمة .
وتبعا لذلك تحول تقسيم العالم من التقسيم الاقتصادي الى التقسيم الايديولوجي بين الاشتراكية بقيادة الاتحاد السوفيتي وبين الرأسمالية ككل بقيادة امريكا ، واستمر هذا التقسيم الايديولوجي حتى سقوط جدار برلين عام 1991م .حيث حسم هذا التقسيم الايديولوجي لصالح الرأسمالية على حساب سقوط الاشتراكية ، ومن ثم عاد العالم الى التقسيم الاقتصادي من النقطة التي توقف عندها في الحرب العالمية الثانية ، وهو ما يجري اليوم في البلدان العربية  ومنها اليمن .

ثانيا : ان الجديد في هذا التقسيم اليوم هو عالميته والقوى المنفذة له . فلم يكن تقسيم العالم اليوم تقسيما اوروبيا كما كان في السابق ، وانما تقسيما عالميا بين امريكا والاتحاد الاوروبي وكذلك الصين وروسيا ، ويجري تنفيذه عبر القوى المحلية بأسم الديمقراطية  والمذاهب الدينية وغيرها ، وهو ما ادى ويؤدي الى حروب اهلية كتحصيل حاصل لذلك .
وسوف تدرك الدول الكبرى لاحقا بان الحروب الاهلية في البلدان المتخلفة مهلكه لمصالحها في هذه البلدان ، وسوف تدرك ايضا بان التبادل السلمي للسلطة مشروطا بوجود الطبقات الاجتماعية التي تبرر وجود الاحزاب ، وان وجود هذه الطبقات مشروطا بخروج الاقتصاد الوطني من القطاع العام الى القطاع الخاص ، وان هذه الشروط الموضوعية لم توجد بعد في هذه البلدان .
حيث ان السلطة قبل ظهور الطبقات لا يمكن لها الا ان تكون سلطة شمولية الى ان تظهر الطبقات الاجتماعية ، وبعد ظهور الطبقات الاجتماعية  تتحول هذه السلطة الشمولية الى سلطة كابحة للتطور ، ومن هنا تأتي ضرورة استبدالها بالسلطة الديمقراطية والتبادل السلمي للسلطة ، ومن يخالفني هذه الحقيقة علية ان يدحضها .

ثالثا : ان فرض التبادل السلمي للسلطه في البلدان المتخلفة قبل  وجود شروطها الموضوعية المشار اليها اعلاه  وبأحزاب لا يوجد اساس موضوعي لوجودها ، هو الفوضى والصوملة بعينها .

فهذه الاحزاب لم توجد لها وظائف سياسية موضوعية بعد ، وهي من الناحية العملية لم تؤدي سوى وظائف نقابية صافية ، بدليل انه مجرد وصولها الى السلطة لم تفعل سوى ترتيب أوضاع كوادرها كغاية لها من السلطة ، وهذه هي ممارسة نقابية بامتياز ولا علاقة لها بالوظائف الحزبية والسياسية بكل تأكيد  ، مع العلم انه من الناحية الموضوعية لا تجوز الحزبية في جهاز الدولة الا للمناصب السياسية فقط . كما ان الديمقراطية ليست كما يراها الاسلاميون  في البلدان المتخلفة .
فهي اسلوب لتبادل ادارة الدولة وليست اسلوبا لاستبدال الدولة  كما يعتقد الاسلاميون.
فلا يجوز لمن يفوز في الانتخابات ان يبني الدولة التي هو يريدها وانما يدير الدولة القائمة ، لأن مثل ذلك يصبح تبادلا للدولة وليس تبادلا للسلطة ، وهذا ما يساوي الحرب الاهلية .
ولا بد من الادراك بان الديمقراطية ليست اسلوبا لبناء الدولة ، وانما هي اسلوبا لادارة الدولة بعد وجودها ، وان وجود الدولة هو من وظائف السلطة الشمولية ، ولابد من الادراك ايضا بان  ابجدية بناء الدوله تبداء ببناء جيش وطني محترف ، وانه يستحيل بناء الدولة قبل بناء مثل هذا الجيش المحترف ،  ومن يخالفني هذه الحقيقة عليه ان يدحضها .

رابعا : أن الشروط الموضوعية للتبادل السلمي للسلطة المشار اليها اعلاه ليست فقط شرطا لوجود الاحزاب والتبادل السلمي للسلطة فحسب ،وانما هي أيضا شرطا موضوعيا لوجود حزبين سياسيين فقط يتبادلين السلطة ، هما : حزب الانتاج وحزب الاستهلاك ، أي حزب الاغنياء الذي يتبنى زيادة الانتاج وحزب الفقراء الذي يتبنى زيادة الاستهلاك ، لأن ماعداهما لا يوجد اساس موضوعي أو مبرر موضوعي لوجوده ولا توجد له وظيفة غير الوظيفة النقابية لاعضائه ، ومن يخالفني هذه الحقيقة علية ان يدحضها .
فلو نظرنا الى مكونات حوار صنعاء لوجدنا بان الاحزاب المشاركة فيه لم تمثل سوى نفسها . فالمشاركون في الحوار من الجنوبيين ادعوا انهم يمثلون قضية الجنوب ،والحوثيون قضية صعده ، والشباب ثورة الشباب ، والنساء المشاركات في الحوار يمثلن المرأة ...الخ، وبالتالي ماذا بقي للاحزاب من تمثيل غير تمثيل نفسها . وهذه هي الوظيفة النقابية بعينها.

خامسا : ان المخرج لمسألة الديمقراطية  في البلدان النامية يتطلب مصطلح جديد يمكن تسميته ( بالديمقراطية  التوافقية).
ولابد للدول الكبرى التي تريد فرض التبادل السلمي للسلطة على هذه البلدان أن تدرك ذلك ، وان تدرك بأن مصالحها في البلدان النامية تشترط الاستقرار، وان الاستقرار يشترط اعطاء الأولوية لمصالح هذه البلدان اولا ومن ثم مصالحها ، ولا بد للبلدان النامية من أن تسلم بمصالح الدول الكبرى وحاجتها اليها ، وأن تدرك حتمية هذه المصالح باعتبارها تعكس  علاقة موضوعية لا مفر منها . ولهذا وبالاستناد الى هذه العلاقة ، فاننا نطلب من الدول الكبرى إذا ما ارادة الاستقرار في اليمن بأن تجيب على  الأسئلة التالية :

1) ماهي قضية الجنوب  التي يتحدثون عنها وهل هي قضية اقاليم بلا شرعية أم انها قضية شمال وجنوب تستمد شرعيتها من اعلان وحدة سياسية بين دولتين أسقطت بالحرب ؟؟؟.

2) بما انها قضية وحدة سياسية بين دولتين أسقطت بالحرب ، فما علاقة الاقاليم بها وما 

علاقتها بالاقاليم ومن اين هذه الاقاليم تستمد شرعيتها ؟؟؟.

3) هل هناك شرعية أقوى من شرعية وثيقة استقلال الجنوب التي قامت عليها دولة 

الجنوب من البحر الاحمر غربا الى سلطنة عمان شرقا واعترف العالم بها بما في ذلك 

صنعاء ودول الجوار  ؟؟؟.

4) هل التعاطي مع المخاوف الشمالية من الانفصال المحتمل كما يقولون وعدم التعاطي 

مع قهرنا القائم فعلا هو دليل على حيادية هذه الدول ام انه دليل على انحيازها  ؟؟؟.

5) هل الرفض الشمالي للمفاوضات الندية بين الشمال والجنوب هو دليل على قناعتهم 

الباطنية بالوحدة السياسية مع الجنوب أم انه دليل على عدم قناعتهم الباطنية بها 

واصرارهم على الضم والالحاق ؟؟؟.

6) هل الرفض الشمالي لعودة مؤسسات الجنوب التي حلوها  بعد الحرب واصرارهم 

على عودة افرادها الى مؤسسات الشمال  هو دليل على قناعتهم الباطنية بالوحدة 

السياسية مع الجنوب أم انه دليل على عدم قناعتهم الباطنية بها واصرارهم على الضم والالحاق؟؟؟.

7) هل نكرانهم لليمن الجنوبية واصرارهم على واحدية اليمن  هو دليل على قناعتهم 

الباطنية بالوحدة السياسية مع الجنوب أم انه دليل على عدم قناعتهم الباطنية بها 

واصرارهم على الضم والالحاق ؟؟؟.

8) هل اصرارهم على تسمية الوحدة اليمنية بالوحدة الوطنية هو دليل على قناعتهم 

الباطنية بالوحدة السياسية مع الجنوب أم انه دليل على عدم قناعتهم الباطنية بها 

واصرارهم على الضم والالحاق ؟؟؟.

9) هل هروبهم من الهوية الجنوبية ونكرانهم لها  هو دليل على قناعتهم الباطنية بالوحدة 

السياسية مع الجنوب أم انه دليل على عدم قناعتهم الباطنية بها واصرارهم على الضم 

والالحاق؟؟؟.

10) بما ان حكم الشعوب بدون رضاها هو شكل من اشكال العبودية  فهل حكم شعب 

الجنوب بدون رضاه هو وحدة أم انه عبودية ؟؟؟.

11) اننا في الختام نطلب من الدول الراعية لليمن بان تقول لنا هل نحن الخاطئين ام ان 

الطرف الاخر هو الخاطيء ، و نقول للعالم بان  الوضع في الجنوب قد وصل الى مفترق 

طريقين ، هما :

الحرية أو العبودية.
أما الترغيب والترهيب فهما فاشلين ، لأنه إذا ما نجح ايا منهما أو كلاهما معا ، فان القضية ستظل قائمة بقوة الواقع .


هل أعجبك الموضوع:

ليست هناك تعليقات :