الخميس، 4 يوليو 2013

بين مليونيات مصر وجنوب اليمن .. هل الحراك الجنوبي بحاجة إلى "تمرد"

زيورخ (عدن الغد) خاص
تقرير إياد الشعيبي
ماهو الفرق بين مليونيات الحراك في جنوب اليمن ومليونيات الشعب المصري ، كنتُ قد طرحت هذا السؤال للنقاش على صفحة التواصل الاجتماعي الـ فيسبوك ، للبحث عن إجابات مقنعة من شأنها أن تضع القارئ الكريم أمام بعض الحقائق المرتبطة بثورة الشعب في جنوب اليمن "الحراك الجنوبي" الذي انطلق عام 2007 للمطالبة باستعادة الدولة الجنوبية.

سبق وعززت مراكز دراسات عربية وعالمية وخبراء دوليين الحديث السائد بأن الحراك في جنوب اليمن أو ما بات يطلق عليها مؤخرا "الثورة السلمية الجنوبية" هي السباقة أو العراب لثورات الربيع العربي التي اجتاحت المنطقة العربية خلال عامي 2011 و 2012 وأدت إلى الإطاحة بعدد من الأنظمة ورموز الحكم الاستبدادية في المنطقة العربية ابتداءاً بتنوس ومصر ومرورا بليبيا ومن ثم اليمن في حين لا تزال تقاوم في سوريا وليس أخيرا ما حدث للرئيس المصري المعزول محمد مرسي.

استطاع المصريون وخلال أقل من عامين من إسقاط رئيسين وصلا إلى سدة الحكم في البلاد في ما يمكن وصفه بثورتين متتاليتين ، الأولى في الـ 25 من يناير 2011 أسقطت الرئيس محمد حسني مبارك  ذو التوجه العلماني ونظام حكمه المستمر لثلاثة عقود على التوالي ، والأخرى في الـ 30 من يونيو 2013 أسقطت بقرار سياسي من القوات المسلحة المصرية الدكتور محمد مرسي  ذو التوجه الإسلامي الإخواني ، والأخير لم يتجاوز حكمه العام الواحد بعد صعوده إلى المنصب عقب انتخابات شعبية أعلنته رئيسا للبلاد في الـ 30 من يونيو 2012.

هذا الزخم الشعبي والإصرار الواسع الذي توج بخروج عشرات الملايين في ميادين جمهورية مصر العربية من المعارضين لحكم مرسي ، وصفه بعض المحللون السياسيون بأنه ثورة ثانية خلال أقل من عامين ، في حين اعتبره البعض امتدادا طبيعي لثورة 25 يناير التي جاءت للتحرر من نظام الفرد والحزب والجماعة ، على الرغم من أن حركة الإخوان المسلمين رأته انقلابا عسكريا بتدبير الجيش المصري.

سياسة الرفاق

وفي حين يستعد الحراك في جنوب اليمن لإحياء مليونية ثامنة في ذكرى استكمال اجتياح النظام الشمالي في صنعاء لأراضي الجنوب في 7 يوليو 1994 ، يبدو أن المشهد يختلف كثيرا إذا ما تم البحث عن الفوارق بين المليونيات السبع الأخيرة للحراك الجنوبي وغياب أي إنجازات كبيرة على الصعيد السياسي والميداني يدفع باتجاه تحقيق الأهداف التي يطالب بها الحراك الجنوبي ،  وبين المليونيات التي دعت لها المعارضة المصرية خلال أقل من ثلاثة أيام وأفضت إلى عزل مرسي وحركة الإخوان المسلمين عن حكم البلاد.

غالبية المتفاعلين مع السؤال المطروح أرجعوا أسباب غياب مثل هذه الإنجازات الفاصلة للعلاقة التي تربط الشارع الجنوبي بسياسة بعض القيادات التاريخية السابقة أو ما يفضل البعض أن يصفهم بـ "الرفاق" في حين اعتبرها البعض مقارنة ظالمة لاختلاف الأهداف والواقع والعدو.

تقرير خاص بـ عدن الغد


يقول أحمد الخليفي الهلالي " الفرق أن مصر ليس فيها رفاق يتلاعبون باسم الثورة ، فهناك تيارات موجودة بقياداتها على الأرض ترفع شعارات واضحة لا لبس فيها ، أما في الجنوب توجد ثورة شعبية قوية ولكن من نصبوا أنفسهم قيادات عليها ليسو مخلصين لمطالب الشعب".

ويذهب الخليفي إلى أبعد من ذلك حيث يعتبر هذه القيادات بأنها " تعمل ضد الثورة الجنوبية بكل ما أوتيت من قوة وبشتى الطرق والوسائل الخداعية "، ويضيف"  مع الأسف الشعب ابتلع الطعم وسار خلف هذه القيادات الخبيثة حتى تقسم صفة وتشرذم مما ينذر بضياع الثورة وفشلها إن لم يتم تدارك الأمر وتجرى خطوة تصحيحية شاملة تعيد ثورة شعب الجنوب إلى مسارها الصحيح".

من ناحيته يتفق صلاح الزعلي مع حديث الخليفي  " مليونيات الحراك تتبخر في الرياح لعدم وجود قيادة قادرة على التعامل مع الحدث الكبير وتقنع العالم بأن لديها القدرة على القيادة والحكم الجيد والمحافظة على مصالح العالم".

ويعاني الحراك في جنوب اليمن من سوء إدارة ، في ضل غياب قيادة سياسية أو ميدانية موحدة ، كما أنه يفتقد لكيان تنظيمي موحد أو تنسيقي ، ويتكون من فصائل سياسية وشعبية عدة تعصف بين قياداتها في الداخل والخارج خلافات واسعة بعضها يتصل بحسابات قديمة ، وبعضها بأمور سياسية ونفوذ وتحالفات إقليمية.

الجيش هو الفرق

حسين عثمان وهو أحد الشخصيات التي عاصرت دولة الجنوب السابقة يرى أن الفرق يرتبط بالبنى الاستراتيجية العسكرية ، حيث يقول أن " مصر لديها جيش وطني ونحن تم اجتثاث جيشنا منذ ما قبل الوحدة والاحتلال".

ولا يذهب بعيدا الناشط حسين الحميري حيث يرى " أن كل مكونات الشعب المصري تتحد من اجل هدف واحد ولديها عزم وإصرار قوي لتحقيق الهدف الذي خرجت في الميادين من اجله ، كما أن  لدى مصر جيش وطني ينحاز إلى مطالب الشعب وينجز المهمة على الفور".

ويرى الحميري أيضا أن من أبرز الفوارق هي أن "شعبنا في الجنوب يبحث عن استعاده وطن ولا تسترد الأوطان إلا بعزيمة الرجال وتكاتفهم وتوحيد صفوفهم ونبذ ثقافة معنا أو ضدنا وترسيخ الروح الوطنية في نفوس وعقول كل الجنوبيين والعمل بقلب رجل واحد نحو الهدف الذي يناضل الجميع من أجله".

مقارنة ظالمة وتمرد

الصحفي عبد الخالق الحود يعتبر أن مقارنة إنجازات مليونيات شعب الجنوب بمليونيات الشعب في مصر مقارنة ظالمة وشاهد في غير محلة لاختلاف الأهداف والأدوات وماهية الخصم.

وهو الأمر الذي يتفق معه بعض المعلقين ، حيث يرون أن مليونيات شعب الجنوب خرجت لتطالب بتحرير واستقلال وطن في حين مليونيات الشعب المصري خرجت للمطالبة بإسقاط رئيس.

لكن هناك من ذهب أبعد من ذلك واعتبر أن الحراك الجنوبي اليوم بحاجة إلى حركة "تمرد" للإطاحة بقيادات الحراك الجنوبي المختلفة منذ سنوات ، وهي الحركة التي تشبه تلك التي أطاحت بنظام الدكتور محمد مرسي أمس الأربعاء.

ويتهم كثير من الشباب في جنوب اليمن القيادات الحالية لفصائل الحراك الجنوبي في الداخل والخارج بالفشل والعجز ، نظرا لعدم إنجازها أي خطوة سياسية ملموسة من شأنها حسم أمل الملايين التي تعفر تراب الجنوب بشكل شبه يومي منذ العام 2007 ، وإيجاد قيادة بديلة بالداخل لها.

يقول الشاب أصيل شوطح " إن الشعب الجنوبي جله لايهمه فلانا رئيسا شرعيا أو علانا زعيما شعبيا أو تيارا ثوريا تحرريا، بل كل همه كرامته ، فهو يخرج في كل مليونية رغم الفقر والحر الشديدين وبحماس كبير ليرفع راية الكرامة لعلمه أنه لن يحصل عليها وعلى لقمة عيشه الا باستعادة دولته ".

ويتساءل شوطح بقلق " هل تدرك تلك القيادات أن المرارة قد وصلت للحلقوم وبلغ السيل الزبى .. وان الشعب الجنوبي قد يفعلها يوما ويسقط كل تلك القيادات المتصارعة والمضيعة للفرص ويتجاوزها جميعا أو يعلن تمرده؟".

  
هل أعجبك الموضوع:

ليست هناك تعليقات :