الخميس، 9 مايو 2013

في ذكرى الحرب على الجنوب


في يوم  27\4\1994م أعلنت الحرب على الجنوب ، و هي في نفس الوقت حرب على مشروع الوحدة وعلى مشروعية اتفاقياتها ودستورها ومشروعية إعلانها . حيث أصبح الاحتلال العسكري للجنوب في يوم  7\7\1994م  هو يوم إسقاط كل هذه الشرعيات جميعها ، و لا يستطيع إي مفكر أو أي سياسي ان يدحض هذه الحقيقة . و بالتالي فان إعلان الوحدة لم يأتِ إلاَّ بإسقاط دولة الجنوب فقط ، و لم تأتِ الحرب إلاَّ بإسقاط مشروع الوحدة فقط . و لهذا و بمناسبة ذكرى هذه الحرب ، فإننا هنا نوجه الرسائل الثلاث التالية :
 عدن الغد\ د.محمد حيدرة مسدوس
أولاَ : إلى القوى السياسية في الشمال ، نقول : لو أن الرئيس السابق علي عبدالله صالح لم يقم بالحرب على الجنوب و سارت الوحدة على ما يرام ، هل ستثورون عليه و بأي وجه ستثورون عليه ؟؟؟ . و بالتالي ألم تكن قضية الجنوب هي وراء إسقاطه من الناحية الموضوعية ، و ألم يكن إسقاطه بالنسبة لكم هو مقايضه لدفن القضية الجنوبية و تدويل مشاكل اليمن ككل حتى لا تتدوّل قضية الجنوب لوحدها ؟؟؟ ، و ألم يكن الفشل في هذه المقايضة هو من دفعكم إلى التفكير في مؤتمر الحوار الوطني الشامل لدفنها و إلاَّ لماذا لم يحصل مثل هذا المؤتمر في بقية ثورات الربيع العربي ؟؟؟ . فقد قلنا منذ البداية و قبل إي شخص آخر بأن حرب 1994م هي بين الشمال و الجنوب و ليست بين الحزب الاشتراكي و حزب المؤتمر الشعبي العام كما يقول بعض المغالطين ، لأنها لو كانت كذلك لكانت بدأت بمنظمات الحزب و مقراته في الشمال و لكان تم حل الحزب بعد الحرب . و لهذا فان كل القوى السياسية في الشمال لابد لها من الاعتراف بأن الحرب أسقطت مشروع الوحدة ، و ان الوضع في الجنوب منذ الحرب ليس وحده ، و إنما هو استعمار باعتراف الرجل الثاني في النظام اللواء علي محسن الأحمر ، و لابد لهذه القوى من التسليم بان اليمن السياسي يمنان كما كان في الواقع و كما هو موثق في المنظمات الدولية إلى يوم 22 مايو 1990م ، و الاعتراف بان الحرب باطله و ما ترتب عليها باطل و الاعتذار لشعب الجنوب . و هذا يعني بان الحل لابد و ان يبدأ بهذه الاعترافات و يقوم عليها بالضرورة .
حيث ان الشطارة السياسية التي يمارسونها تجاه الجنوب منذ البداية هي فقط مشروعه في قضايا السلطة ، و لكنها محرمه و غير مشروعه في القضايا الوطنية . فقد كانوا قبل مؤتمر الحوار الوطني الشامل يقولون بأن قضية الجنوب هي أم القضايا كلها ، و بعد ان تمكنوا من استدراج بعض العناصر الجنوبية إلى الحوار أصبحوا الان يقولون بان بناء الدولة هو أم القضايا كلها . و هذه هي الشطارة السياسية الشيطانية بعينها ، و هي ما أفصحت عنها المشاريع المقدمة رسميا إلى مؤتمر الحوار الوطني بشأن الجذور السياسية للقضية الجنوبية . فهم يعرفون بأن الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر رحمه الله قد قال في مذكراته بأن الرئيس علي عبدالله صالح طلب منه تشكيل حزب الإصلاح لمعارضة اتفاقيات الوحدة و عدم تنفيذها و التهيئة للحرب ، و هذا ما حصل بالفعل . فلم يتوحد القرار السياسي ، و لم يتوحد الجيش ، و لم يتوحد الأمن ، و لم يتوحد القضاء ، و لم يتوحد المنهج الدراسي ، و لم تتوحد الإدارة ، و لم يتوحد الاقتصاد ، و لم تتوحد التجارة ، و لم تتوحد العملة النقدية ... الخ ، حتى جاءت الحرب و ألغت ما هو جنوبي و أبقت ما هو شمالي ، و بالتالي ما الذي توحّد حتى نقول بأن الوحدة قد قامت أو أنها باقية ؟؟؟ . هذه هي الجذور السياسية للقضية . أمَّا البحث عن جذور سياسيه ما قبل إعلان الوحدة ، فإنها ضمنياً إنكار للوحدة و بلطجة سياسيه لا يحتملها العقل . فلم تكن أي من روأهم معقولة غير رؤية الهاشميين ، و بالذات حزب الحق و الحوثيين ، لأنهم رجال عدل . و حتى لو سلمنا بمنطقهم المتناقض ، فبأي منطق يتحدثون عن الوحدة و هم يرفضون ثنائية اليمن السياسية و يصرون على واحدية اليمن ؟؟؟ ، و كيف يمكن ان تكون هناك وحده بدون ثنائية اليمن ؟؟؟ ، و كيف يمكن ان تكون هناك قضيه جنوبيه بدون ثنائية اليمن ، و كيف يمكن حلها بدون ذلك ؟؟؟ . فأي أمه ترى الجاهل بطلاً و ترى العاقل جباناً لا يمكن لها ان تدير نفسها أو ان تبني دوله أو تتطور ، و هذا هو حال اليمن . فعلى سبيل المثال لو ان شخصا ما جاء باكتشافات علميه أو بفكره يمكن لها ان تنقذ البلد و صاحبها ما عنده قوة رجال ، لا يمكن قبولها أو احترام صاحبها . و لكنه إذا ما قطع طريق أهتم به الجميع و احترمه الجميع . فهل هذه العقلية تقبل وحده أو تبنيها ؟؟؟ .
 ثانياً : إلى الدول الراعية للحوار ، نقول : انه من غير الممكن موضوعيا و من غير المعقول منطقيا مزج مطلب حقوق سياسيه مشروعه بمطلب تغيير النظام ، و ان هذا المزج يؤسس لصوملة الجنوب لا سمح الله . فكيف تتم إجازة حرية الشمال من نظام علي عبدالله صالح و لا تتم إجازة حرية شعب الجنوب من الاستعمار الذي اعترف به علي محسن ؟؟؟ . كما ان حرمان شعب الجنوب من حقه في تقرير مصيره يساوي العبودية ، و لا يستطيع إي مفكر أو إي سياسي ان يدحض ذلك . و هذا ما لا تجيزه الشرائع السماوية و الوضعية . فبعد المشاريع التي قدمت رسميا إلى مؤتمر الحوار الوطني الشامل حول قضية الجنوب و التي أكدت ضمنياً إنكار الوحدة و الإصرار على واحدية اليمن و مصادرة إرادة الجنوب ، ماذا بقي لدى هذه الدول من مبرر لعدم الاستجابة لمطالب الشعب في الجنوب ؟؟؟ ، و ماذا بقي من مبرر للعناصر الجنوبية بالبقاء في الحوار ؟؟؟ . و السؤال الذي يطرح نفسه على هذه الدول ، هو : ان المبادرة الخليجية قد جاءت لحل مشكلة الحرب في صنعاء و ليست لحل قضية الجنوب ، و بالتالي ما هي علاقتها بقضية الجنوب ؟؟؟ . صحيح ان قضية الجنوب قد حُشرت في الآلية التنفيذية للمبادرة ، و لكن المنطق القانوني يقول ان السند التنفيذي يقيّد آليّة تنفيذه ، و ان أية زيادة هي في دائرة البطلان . و بما ان قضية الجنوب و حتى مؤتمر الحوار ذاته هما زيادة ، فأنهما معا من الناحية القانونية في دائرة البطلان . فإذا ما أرادت الدول الراعية للحوار بأن تحل قضية شعب الجنوب بالفعل ، فان عليها إصدار مبادرة جديدة خاصة بحل هذه القضية تؤكد فيها على الحوار الندي بين الشمال و الجنوب خارج اليمن و تحت إشراف دولي ، لأنه يستحيل إيجاد حل شرعي لهذه القضية إلا بذلك . و على هذه الدول ان تدرك بان شعب الجنوب قد ظل يرفض هذا الوضع منذ الحرب ، بدءاً بحركة موج ، ثم حركة حتم ، ثم تيار إصلاح مسار الوحدة ، ثم ملتقى أبناء الجنوب ، ثم اللجان الشعبية ، ثم جمعيات العسكريين ، ثم حركة تاج ... الخ ، حتى توج كل ذلك بالحراك الوطني السلمي الجنوبي الذي ذابت فيه كل هذه المكونات .
  ثالثاً : إلى القيادات الجنوبية ، نقول : إننا نريدكم ان تكونوا قياده للجنوب و ليس لكيانات ، لان قضيتكم من الناحية الموضوعية هي واحده ، و لان تصوراتكم لحلها كانت متفاوتة و أصبحت الآن واحده ، و لكن نظراتكم لبعضكم مازالت خاطئة . فأسمعوا رأينا الآن حتى لا تخجلوا من رفضه غداً ، لأنني اذكر بأن الأخ سيف صائل قال لي في عام 2000م ، يبدو ان رأيك هو الصحيح ، و قلت له لو عندي أدنى شك في ذلك لخجلت من حضوري معكم و أنتم ترفضونه ، و لكنني على يقين بان الحياة ستؤكده و سيأتي يوم يخجل الجميع من عدم قبوله . فهل ممكن لكم ان تقبلوا رأينا قبل أن تخجلوا غداً من عدم قبوله ؟؟؟ . فقد وضعنا أسسا للتوافق السياسي الجنوبي المعروفة بالنقاط الأربع و التي أجمع عليها الكل و وقع عليها الكل باستثناء بعض العناصر التي مازلنا ننتظر توقيعها للبدء بإعداد الرؤية الموحدة و القيادة السياسية التوافقية الموحدة ، لأنني مقتنع بأنه لا يوجد مبرر لعدم التوقيع على تلك الأسس إلاَّ لمن يريد ان يكون تاجر سياسة أو أمير حرب على حساب القضية ، و علينا ان ندرك جميعنا بأننا لسنا محصنين 100% من الاختراقات المخابراتيه الداخلية و الخارجية سواء أدركنا ذلك أم لم ندركه ، و ان المخترق لا يمكن له بأن يكون مرناً و إنما متشددا إلى أبعد الحدود ، لان المرونة تتعارض مع وظيفته و تؤدي إلى فشل مهمته . و لهذا و قبل ان يتهمني أي شخص على ذلك كما جاء في موقع صدى عدن قبل أسبوع ، أقول بأن براءتي معي ، لان يدي نظيفة و أولادي بلا عمل و بلا سكن و موجودون مع الحراك في الميدان منذ البداية . و لو كنت قد دخلت في تجارة السياسة على حساب القضية لكنت ثرياً و أولادي يملكون شركات مثل الآخرين . فلم أفكر في الكسب أو في السلطة بعد ضياع الوطن حتى إنني فقدت كل شيء ، مع العلم بأنها عُرضت عليَّ مناصب في السلطة أكثر من مره ، و كانت إجابتي الدائمة ، هي : ان كان وقوفي مع عدن في الأزمة و الحرب على حق ، فبأي منطق أكون معكم على باطل مقابل مناصب سبق و ان كنت فيها ، و ان كان وقوفي مع عدن على باطل فبأي وجه اظهر معكم في السلطة و انا كنت على باطل ؟؟؟ .
و لهذه الأسباب كلها و غيرها الكثير ظللت محاصراً مادياً و معنوياً منذ عشرين عام و مازلت ، و لكنني اعتبر ذلك ضريبة الوطن لابد من دفعها.
  
هل أعجبك الموضوع:

ليست هناك تعليقات :